تعد فاطمة الزمام شاهدة على التحول الاجتماعي الذي تشهده المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة، نظرا لطبيعة عملها كمرشدة سياحية في بلد لا يزال يتعرض للانتقادات بسبب سجله في مجال حقوق الإنسان، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، الجمعة.
تقول الصحيفة إن الزمام البالغة من العمر 34 عاما تحب أن تتجول ببناطيل ضيقة سوداء وقمصان غير رسمية، بينما تظهر شعرها المجعد الفضفاض من دون حجاب.
تمتلك الزمام شاحنة “بيك أب” فضية أميركية الصنع من طراز “جي إم سي” حيث تحب أن تقودها بمفردها عبر الصحراء السعودية.
تشير كاتبة التقرير إلى أن الزمام شغوفة بعملها بصفتها مرشدة سياحية، قدمت بلدها للزوار من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والصين ودول أخرى.
وتضيف أن الزمام تمثل تحولا كبيرا يجري في السعودية، المعروفة منذ فترة طويلة بأنها بلد محافظ جدا، على الرغم من استمرار بعض القيود على النساء.
وتبين أنه حتى مع التغييرات الأخيرة، استمرت البلاد في التعرض لانتقادات بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، مما قد يثير مخاوف بعض السائحين.
وصنف أحد مؤشرات السفر، المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية قبل الأخيرة في العالم من حيث سلامة المسافرين من مجتمع الميم، وفقا للصحيفة.
ومع ذلك تراهن السعودية بشكل كبير على جذب السياح، حيث تستثمر الحكومة تريليون دولار في هذه الصناعة على مدى 10 سنوات، بهدف جذب 100 مليون زائر سنويا بحلول عام 2030.
تقول الزمام في مقابلة مع الصحيفة إنه “إذا لم يعد لدينا نفط فسينتهي كل شيء”. وتضيف: “يوجد الآن الكثير من المشاريع للترويج للزراعة وإنتاج الطاقة الشمسية والسياحة أيضا”.
أجريت المقابلة مع الزمام، التي تعيش في شقة في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، عبر الهاتف.
وجاءت المقابلة بعد فترة وجيزة من عملها مرشدة سياحية لصالح كاتبة التقرير أثناء زيارتها للرياض في وقت سابق.
تقول الزمام إن “هناك الكثير من المرشدات السياحيات السعوديات الذي يعملن حاليا بينما هناك أعداد أكبر تسعى للدخول في هذا المجال”.
وتضيف “في الفصل الذي التحقت به لأصبح مرشدة مرخصة، كان عدد النساء ضعف عدد الرجال”.
وفي رد على سؤال بشأن توقيت خلعها للحجاب، تقول الزمام إن الأمر حصل بشكل تدريجي.
“في البداية، كنت أرتدي العباءة والحجاب في المدينة، ولكن ليس في حال كنت في الصحراء أو في الجبال”.
وتضيف: “بعد ذلك انتقلت إلى الرياض للعمل ووجدت نفسي أكثر راحة وسعادة بدون العباءة، ما دمت أرتدي ملابس محتشمة.. والآن أنا لا أرتدي العباءة أو الحجاب”.
وتحاول السلطات السعودية أن تركز على التقدم المحرز خصوصا في مجال حقوق النساء، وتتطلع إلى جعل المملكة النفطية الثرية التي لطالما كانت مغلقة أمام الزوار الأجانب، وجهة سياحية ومركزا للأعمال.
خلال فعاليات دولية على غرار المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، تسلط الرياض الضوء على الارتفاع الكبير في نسبة النساء العاملات من 16% عام 2016 إلى 37% حاليا.
ومع تراجع دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت بمثابة شرطة دينية واسعة النفوذ، والسماح بالاختلاط في المناسبات العامة ورفع إلزامية ارتداء العباءة التقليدية في الشارع، يعطي المجتمع السعودي انطباعا بأنه تغيّر بالفعل.
غير أن ناشطات حقوقيات يقطن في الخارج، يشككن في مدى عمق الإصلاحات، وينددن بالقمع الذي ما زالت تتعرض له بعض النساء.
وتقول لينا الهذلول، رئيسة قسم التواصل في مؤسسة “القسط” لحقوق الإنسان ومقرها لندن، “عدد النساء يزداد في السجون، سواء بسبب عدم ارتداء العباءة أو بسبب الرقص في الأماكن العامة أو لنشر تغريدات تتضمن آراءهن، مهما كان الموضوع، حتى لو كان عن البطالة”.
وتضيف: “نعم هناك تغييرات اجتماعية”، لكن “نحن في حالة خوف دائم لأن الناس لا يعرفون ما يحصل فعلا، أو ما إذا كان مسموحا لهم القيام بأمر ما أم لا”.