لا تبدو درجات التفاؤل مرتفعة، فالحلّ الرئاسي متوقّف إلى حين انتهاء حرب غزة وتداعياتها. وتنشغل هذه الدول بالحرب وتسعى إلى عدم تمدّدها إلى لبنان، ولا تضع ملف الرئاسة في سلّم أولوياتها، بينما الواقع الداخلي لم يتغيّر: «حزب الله» متمسّك بمرشّحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، و»القوات» والمعارضة لن ترضخا لشروط «الحزب».
وتستعدّ الساحة المسيحية لاستقبال لودريان، ولا يوجد أي تغيير جذري في المواقف، ولودريان كان قد طرح في زيارته الأخيرة الذهاب إلى اسم ثالث، وبالتالي تبقى الأمور مجمّدة، وعلى حالها.
ونسّقت باريس خطواتها مع سيّد بكركي، واكتشفت عدم قدرتها على تخطّي المكوّن المسيحي، صحيح أنّ هذا المكوّن غير قادر على إيصال رئيس، لكنه يتمتّع بحق النقض «الفيتو». وتتعاون بكركي مع كل مبادرة إيجابية، من دون وضع عراقيل، لكن البطريرك يُحاذر الدخول في لعبة الأسماء، خصوصاً مع الفرنسيين، لأنّ التجارب غير مشجّعة، بل يُصرّ على احترام الدستور وقيام مجلس النواب بعمله.
وبالنسبة إلى حزب «القوات اللبنانية» فموقفه أمام لودريان ما قبل حرب غزة هو نفسه ما بعد الحرب، بل مسألة وصول رئيس سيادي إصلاحي ضمن الخيار الثالث أصبح أكثر حاجة وطنية في نظر «القوات»، خصوصاً بعدما سمح فريق لبناني مرتبط بإيران لنفسه بفتح جبهة تُعرّض لبنان لحرب مدمّرة.
ولدى «القوات» والحلفاء المعارضين قناعة بصعوبة وصول رئيس من صفوفهم نتيجة موازين القوى الداخلية والخارجية، لذلك قبلوا الخيار الثالث السيادي والإصلاحي. وحاولت المعارضة تسهيل الأمور سابقاً، لكن الخيار الثالث اصطدم بـ»حزب الله» الذي يُصرّ على مرشحه بعد حديث لودريان والموفد القطري والدول الخمس عن هذا الخيار.
وتعتبر «القوات» أنّ «حزب الله» يُراهن على حرب غزة لإيصال مرشحه، لذلك ستقول «القوات» أمام لودريان ما تقوله لـ»الحزب» ومفاده أنه من اليوم وحتى قيام الساعة لن تُبدّل موازين القوى الخارجية صورة لبنان الرسمي ويُعاد إنتاج سلطة تابعة للممانعة.
وإذا كان الخلاف بين «القوات» و»التيار الوطني الحرّ» قد انفجر حول مسألة التمديد لقائد الجيش، إلا أنّ موقف «التيار» واضح وسيكرّره أمام لودريان، وهو رفض ترشيح فرنجية وعدم القبول بفرض مرشح على المسيحيين. في حين سيتحدّث «التيار» عن أنه أول من ذهب إلى الخيار الثالث عبر تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور والتصويت له والدعوة إلى عقد جلسات انتخابية. ويتحدّث «التيار» عن استقبال لودريان بإيجابية، لكن من دون أن يلجأ الموفد الفرنسي إلى التسويق أو فرض مرشّح مثلما حاول فعله عندما تبنّت باريس مرشح «الممانعة».
وإذا كان موقف الكتائب اللبنانية وحركة «الإستقلال» والنواب المسيحيين المستقلّين وبعض التغييريين مطابقاً لموقف «القوات»، فإنّ فرنجية يتمايز عن باسيل، فالصراع بين الرجلين ما زال مستمرّاً، وموقف فرنجية الذي يُراهن على فوز «حماس» سيكرّره أمام لودريان، وهو التمسّك بترشيحه واعتبار فرص وصوله إلى بعبدا مرتفعة، ولن يسحب ترشيحه قبل وصول إشارة واضحة من الذين رشّحوه ودعموه.
باستثناء فرنجية، سيكون الموقف المسيحي أمام لودريان شبه موحّد، وهو رفض فرض مرشّح لا تقبل به البيئة المسيحية، وإبداء انفتاح على الاسم الثالث وفق شروط معيّنة والعمل على إنهاء الشغور الرئاسي، وبالتالي سيؤكد هذا الأمر أنّ الأزمة هي عند «حزب الله» المتمسّك بمرشحه، وليس عند المسيحيين.