فيما تتواصل وتيرة التصعيد العسكري بين “حزب الله” وإسرائيل على طول الحدود الجنوبية، مع تحول العديد من البلدات والقرى إلى ما يشبه خطوط التماس بعدما خلت من معظم سكانها، باتت الخشية أكبر من أي وقت مضى بقرب انفجار الأوضاع بشكل واسع، سيما مع ما يردده المسؤولون الإيرانيون حول ضرورة الرد على إسرائيل بعد تماديها في جرائمها، والتي كان آخرها المذبحة المروعة التي ارتكبتها في مستشفى المعمداني في قطاع غزة، ما قد يدفع “حزب الله” بطلب إيراني إلى فتح جبهة الجنوب.
وواصل الحزب استهداف المواقع الإسرائيلية أمس، قائلا في بيان إن مجموعة الشهيدين حسين الطويل ومهدي عطوي قامت باستهداف دبابة ميركافا إسرائيلية في موقع الراهب وتم إصابتها إصابة مباشرة ما أدى إلى قتل وجرح طاقمها، في حين أعلن جيش الاحتلال إصابة أربعة جنود إسرائيليين في هجوم “حزب الله” على شتولا ليلاً.
وحملت سيارات تابعة للجيش اللبناني والصليب الأحمر جثامين ثلاثة عناصر لـ”حزب الله” من عند الخط الأزرق في علما الشعب، وأعلن الصليب الأحمر أن طواقمه نقلت ظهر أمس من خراج منطقة علما الشعب قرب الحدود إلى مستشفى حيرام، جثامين ثلاثة شهداء تم استهدافهم بقصف إسرائيلي في وقت سابق، كما تم نقل أشلاء، وجرت العملية بالتنسيق مع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
من جانبه، أكد الناطق باسم قوّات اليونيفيل اندريا تننتي أن الوضع في الجنوب متشنّج، قائلا “مستمرّون بحضّ الأفرقاء على طول الخط الأزرق على عدم الانزلاق أكثر باتجاه الحرب”، مضيفا “نتمنّى من الأفرقاء في لبنان ونحضّهم على وقف إطلاق النار والسماح لنا باقتراح حلّ لهذه الأزمة. فلا أحد يريد أن يرى المزيد من الأشخاص يُقتلون ويُجرحون”.
ولفت إلى أن “خطة اليونيفيل تتغيّر وفق الأوضاع الأمنية على الأرض، ولم نبدّل شيئاً من حيث انتشارنا. وجدول أعمالنا يقرره الوضع الأمني”. وقال “حفظة السلام التابعون لليونيفيل ما زالوا في مواقعهم ويقومون بمهامهم، وعملنا مستمر، بما في ذلك الأنشطة المنتظمة مثل عمليات تبديل القوات داخل وخارج لبنان. ليست لدينا أي خطط للمغادرة، ونحن نبذل قصارى جهدنا على مدار الساعة لنزع فتيل التوتر ومنع المزيد من تدهور الوضع”.
ومع تزايد المخاوف من انفجار الأوضاع في الجنوب، نصحت وزارة الخارجية الأميركية مواطنيها بعدم السفر للبنان، ورفعت مستوى التحذير من زيارة هذا البلد إلى المستوى الرابع، كما نصحت المواطنين المقيمين في لبنان أيضا بعدم التوجه للمناطق اللبنانية الحدودية مع إسرائيل، بسبب احتمال نشوب نزاع مسلّح. وأشارت إلى أن رفع التحذير بعدم السفر للمستوى الرابع يُتيح لأفراد عائلات موظفي الحكومة الأميركية وبعض الموظفين غير العاملين في حالات الطوارئ في لبنان مغادرة البلاد.
بدورها، لفتت السفارة الفرنسية في بيان إلى أنه “نظراً للتوترات الأمنية في المنطقة، وبخاصة على الحدود الجنوبية للبنان، لا ننصح الفرنسيين الذين يرغبون زيارة لبنان والاقامة فيه بالذهاب إلى هذا البلد، إلا لأسباب ملحة.
وعمت التظاهرات شوارع العاصمة بيروت وعدداً من المناطق اللبنانية استنكاراً للاجرام الاسرائيلي، وتحديدا محيط السفارة الأميركية في عوكر ووصلت تعزيزات أمنية بالقرب من السفارة بعد الدعوة إلى تظاهرة أمامها، وتجمّع المئات أمام منزل السفير الفرنسي في قصر الصنوبر= في بيروت، رافعين الأعلام الفلسطينية ومُطلقين الهتافات المُندّدة بارتكابات الجيش الإسرائيلي. وشارك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في الوقفة التضامنية أمام وزارة الصحة، استنكاراً وإدانة للمجزرة الاسرائيلية في مستشفى المعمداني في غزة. وقال ميقاتي، “أصبحنا اليوم في شريعة الغاب، فالقوي يأكل الضعيف والمجتمع الدولي يقف مع الجلاّد بدوره كشف وزير الصحة فراس الابيض، أن امكانيات لبنان موجودة لكنها ضئيلة، مشيرا إلى أن هناك خطة لتحضير المستشفيات بحالة الحرب او نزوح اللبنانيين من المناطق غير الآمنة.
وقال الرئيس ميشال سليمان، “ملحمة… مجزرة…. محرقة…. كيفما وصفت فهي من ابشع صور الابادة وجرائم الحرب بحق مدنيين ابرياء لجأوا الى اقدم مستشفى في غزة هرباً من قصف بيوتهم وتدميرها. وما يزيد البشاعة قباحة، هو محاولة اسرائيل غسل يديها من دماء هؤلاء الصديقين عن طريق اتهام الضحايا انفسهم بارتكاب جريمة العصر بحق ذواتهم وبحق عائلاتهم، وكأن العالم لم يسمع بالانذارات والتهديدات المتتالية بوجوب اخلاء المستشفى”.
وشجبت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية، “العدوان الإسرائيلي على المستشفى المعمداني في غزة”، مشيرة إلى أن “ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان اسرائيلي متوحش قصفا وتدميرا واغتيالات وحصارا وتجويعا واستهدافا اعمى للبشر والحجر يرتقي الى مصاف جريمة ابادة جماعية موصوفة ومكتملة العناصر”. وأضافت، “لم تعد تكفي اذ ان المطلوب اليوم هو مواجهة الباطل بالحق ورفع القضية امام المحكمة الجنائية الدولية لكي يتم التحقيق وتحديد المسؤوليات ومحاكمة المرتكبين مهما علا شأنهم”. وأوصت اللجنة، بـ”تشكيل لجنة متابعة لتحضير ملف الدعوى على الكيان الاسرائيلي تمهيدا للمحاكمة والقصاص”.