وأعلن رئيس «القوات» سمير جعجع، في بيان، أنه «تبيّن خلال اليومين الماضيين أنّ وفاة الحصروني في عين إبل، لم تكن نتيجة حادث سير كما ظهر في المعلومات الأولية»، مبيناً أن «كاميرات المراقبة الخاصّة بالمنازل المجاورة لمكان الحادث، أظهرت أنّ كميناً محكماً يضم على الأقل سيارتين قد أُقيم له، وعند مروره خطفه ستة أو تسعة أشخاص، إلى مكانٍ آخر حيث قتلوه».
ولفت إلى أن «هذه المعطيات الجديدة أصبحت بحوزة الأجهزة الأمنية، خصوصاً مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وفرع المعلومات بقوى الأمن الداخلي، لذلك، المطلوب كشف هويّة الفاعلين بأقصى سرعة ممكنة، نظراً لدقّة الوضع في عين إبل والقرى المجاورة، ونظراً للنتائج التي يُمكن أن تترتّب عن هذه الجريمة في حال لم يتمّ الكشف عن الفاعلين».
وفي إطار الصراع على النفوذ، سُجّل أيضاً اشتباك فريد من نوعه، بين مسؤولين في «حزب الله» و«سرايا المقاومة» التابعة له، مما أدى إلى سقوط قتيل في منطقة وادي الزينة.
ووسط هذه الأحداث الأمنية الثقيلة، أفادت قناة «الحدث» أمس، بوصول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني إلى بيروت، والتي تعتبر الزيارة الثانية له خلال أسبوع.
مع كل تأزم سياسي تشهده الساحة تتقدم الأحداث في لبنان من شماله إلى جنوبه بضجيج مختلف، وكأنها تأتي في سياق عمدي لإظهار حالة التفلت. المتابعون للملف اللبناني يعتبرون أنه لا يمكن فصل هذه الأحداث عن الأزمة السياسية والاقتصادية القائمة منذ سنوات. وتسجّل الحوادث الأمنية بعد أيام من إصدار دول مجلس التعاون الخليجي تحذيرات لرعاياها من السفر إلى لبنان والحذر حول كيفية التنقل فيه والابتعاد عن مناطق الاشتباكات.
في مثل هذه الحالات تتجه تقديرات اللبنانيين إلى احتمال من اثنين، إما أن الأحداث ستقود في النهاية إلى فرض الواقع الأمني حلاً سياسياً يتوجه في النهاية بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية وحل أزمة الشغور الرئاسي، وإما أنه ستكون مرشحة للاستمرار على وقع التحلل الذي يصيب الدولة ومؤسساتها وبالتالي فإن النتيجة ستكون مزيداً من التدهور والانهيار.
وغالباً ما تتخذ الأحداث الأمنية بتداعياتها طابع الانقسام السياسي، على غرار ما حصل في بلدة عين إبل الجنوبية، التي تقع على الشريط الحدودي، إذ شهدت عملية اغتيال لأحد المسؤولين الحزبيين في القوات اللبنانية، وقد حصلت عملية القتل بطريقة مشابهة لعملية قتل الناشط لقمان سليم، أي باستخدام سيارات رباعية الدفع عملت على خطف الرجل ونقله بسيارته إلى منطقة مقفرة وتنفيذ عملية القتل، وهذا يعطي أبعاداً أمنية للعملية، وبلا شك ستكون لها تداعيات سياسية.
ولا ينفصل ذلك عن الإشكالات المتكررة التي تشهدها منطقة جرود بلاد جبيل، إثر الخلافات المستمرة بين مجموعات من الطائفة الشيعية، ومجموعات من الطائفة المسيحية، في إطار الصراعات على الأراضي والملكيات، وتسجل بين فترة وأخرى أحداثاً أمنية فيها قطع للطرقات أو محاولات خطف، ما يعزز مبدأ مطالبة فئات لبنانية باللجوء إلى مبدأ الأمن الذاتي.
وسط هذه الأحداث الأمنية، سجّل أيضاً اشتباك فريد من نوعه، بين مسؤولين في حزب الله، ومسؤولين في سرايا المقاومة التي في الأساس تابعة للحزب. الاشتباك الذي أدى إلى سقوط قتيل في منطقة وادي الزينة، هو نتيجة صراع على النفوذ بين المسؤولين من الطرفين، لكنه إشارة بارزة على ما ينتج عن واقع السلاح المنفلت في دولة تشهد كل أشكال التحلل المؤسساتي والسياسي والأمني والاقتصادي والمالي والاجتماعي، وهو ما يجعل البلاد كلها ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات السياسية أو المناطقية، وتصفية الحسابات وتبادل الرسائل الإقليمية، كما هو الحال بالنسبة إلى اشتباكات عين الحلوة.