انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تظهر قطع الطرقات وترهيب الناس لمنع الشاحنات المحملة من دخول بضائع المقاطعة إلى بعض المناطق في لبنان تحت شعار “نصرة غزة”، مثيرة جدلا واسعا باعتبار المقاطعة شأنا شخصيا وليس إجباريا يفرضه حزب الله على المواطنين.
وأثارت بعض المشاهد سخرية وتهكما نظرا لغرابة سلوك الكثيرين الذين يبدو أنهم يجهلون طبيعة المقاطعة وانساقوا فقط إلى الدعاية وتعليمات حزب الله لفرض إملاءاتهم ومصالحهم السياسية بغض النظر عن آراء الناس.
ورفض ناشط المقاطعة الإجبارية مؤكدا أنه لا معنى لها إذا لم تكن طوعية
وسخر آخر:
يبدو أن حسونة، المستثمر في شركة كوكا كولا، وجد فرصة لضرب شركة بيبسي.
وعلق ناشط بطريقة ساخرة على أحد الأشخاص الذين اختاروا استعراض طريقة مقاطعته لكوكا كولا بينما يقود سيارة أميركية ضمن البضائع التي يجب أن تتم مقاطعتها باعتبار الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل.
والمفارقة أن الكثير من الشبان لا يستوعبون معنى المقاطعة، وقاموا بشراء عبوات بيبسي لإلقائها في البحر،
وفي بيان استنكرت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي ومحلات المرطبات في لبنان استنكارا شديدا “الحملة التي تتعرض لها الشركة العصرية اللبنانية للتجارة المساهمة ش.م.ل. (معبئة بيبسي كولا في لبنان)”.
وقالت “إن هذه الشركة لبنانية بامتياز، يعمل بها موظفون وعمال لبنانيون، وأي تطاول عليها يمثل ضرراً مباشراً للبنان واللبنانيين جميعاً”.
وأضافت” لقد أثبتت الشركة العصرية اللبنانية للتجارة المساهمة ش.م.ل. على مر السنين التزامها بالمساهمة في ازدهار ودعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل للآلاف من اللبنانيين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو غيرها من الاعتبارات. وبالتالي فإن أي محاولة للنيل منها تعتبر اعتداءً على مصالح لبنان الاقتصادية والاجتماعية”. وحثت “وسائل الإعلام والجمهور على التحلي بالوعي والمسؤولية في تناول مثل هذه القضايا بعيداً من أي تجاذبات سياسية”.
وختمت مؤكدة “دعمها للشركة ولكل الشركات اللبنانية التي تعمل بجد وإخلاص لخدمة الوطن والمواطنين”، كما دعت إلى” الوحدة والتكاتف في مواجهة أي تهديد يستهدف استقرار وازدهار لبنان”.
ورفض الكثير من الناشطين ممارسات الاعتداء والبلطجة التي تتم تحت شعار المقاطعة ونصرة غزة.
وتأتي حملات المقاطعة لبضائع أجنبية تعبيراً عن رفض المقاطعين لسياسات أو توجهات مالكي أو إدارات الشركات. لكن الخبراء يؤكدون أن تحقيق نتائج المقاطعة خاضع لمقاييس، أولها امتلاك الشركة الأم لكل الفروع بشكل مباشر، بحيث تعود إليها كامل الأرباح، وهو ما يعيد حسابات تلك الشركات بخصوص قراراتها.
وثانيا، احتساب أعداد المقاطعين وإمكانية تأثيرهم على مسار الشركات المعنية؛ فلا يمكن أن تؤثر دولة واحدة أو دولتان، لا يتعدى عدد سكانهما عشرة ملايين، على قرارات شركة عالمية تبيع لكل الدول.
وثالثا، إلى أي مدى هناك تقبّل عام لفكرة مقاطعة أي مُنتج؟ خصوصاً إذا كان المُنتج مطلوباً شعبيّا. وكل ذلك يفيد بأن حملة مقاطعة شركة بيبسي في لبنان، التي هي شركة لبنانية، لن تؤثر على قرارات أو توجهات الشركة الأميركية الأم، باعتبار أن لبنان البلد الذي لا يتجاوز عدد مواطنيه خمسة ملايين نسمة لا يُعتبر وازناً في السوق الدولية لأي منتج.
لكن المقاطعة الشعبية في لبنان ستترك تداعيات سلبية على عمل الشركة العصريّة اللبنانية التي تُنتج مرطبات بيبسي كولا ومشتقاتها في لبنان، انطلاقاً من أن الشركة توظّف المئات من العمال اللبنانيين وسائقي السيارات والموزّعين، وتدفع ضرائب للدولة اللبنانية.
وذكر متابعون أنه يمكن للراغبين في مقاطعة منتوجات الشركة المذكورة ألا يشتروها أو يستبدلوها بمشروبات أخرى، لكن التهجم على العمال اللبنانيين وشاحنات التوزيع، أو إجبار الناس على المقاطعة، أمر لا يحقّق غاية المقاطعة، بل هو مساهمة في ضرب شركة لبنانية والصناعة المحلية.
وأضافوا: لماذا لا يقاطع هؤلاء شراء الدولار بدل اللهاث خلفه، لعلّ سعره يتراجع ويخفّف الأعباء عن المواطنين الرازحين تحت هول الأزمة الاقتصادية والماليّة الخانقة منذ أكثر من خمس سنوات بدل قطع أرزاقهم، فهل فكر أصحاب الدعوات للمقاطعة في أنّ الآلاف من العائلات ستجوع؟ وكيف سيدعمونها إذا أقفلت المؤسسات؟ وهذه الدعوات لا تؤدّي إلا إلى الاستمرار في حالة الانهيار ورفع نسبة البطالة بشكل كبير!
وهل يعلم المُقاطعون أن تلك الشركات التي يستخدمون إنتاجاتها، وخصوصا التكنولوجيّة منها، تقوم بدعم مفتوح لإسرائيل أو أن مالكيها يرتبطون دوما بإسرائيل؟
ويؤكد المختصون أن تلك المقاطعة النسبية في لبنان لن تُنتج سوى الضرر المحلي، في وقت تسعى فيه شركات أخرى إلى توظيف الموضوع في الترويج لشركات وإنتاجات أخرى. ومن هنا لا يبدو القرار بريئاً، وإن كان الناس خلال تعاطيهم صادقين في نية تحقيق هدف المقاطعة، التي لا تتوافر حالياً في التعاطي مع شركة بيبسي كولا في لبنان.