ويأتي هذا المستجد في وقت تستضيف قطر يوم الاثنين اجتماع اللجنة الخماسية التي تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر للبحث في الاستحقاق الرئاسي. وسيشارك الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في هذا الاجتماع قبل عودته إلى بيروت.
وأوضحت السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو “أن الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون عبر اقتراح وساطة جان-إيف لودريان، تهدف إلى جمع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي التي ما زالت تهتم بمستقبل لبنان، وقد أصبح وجودها نادراً. كما ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين فرقاء لا يتحدثون مع بعضهم البعض علماً أنه يقع على عاتقهم جميعاً انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ليعملا لمصلحة لبنان واللبنانيين. الهدف ليس الحلول مكانهم بل محاولة مواكبة إعادة إطلاق عجلة مؤسساتكم، فهذا شرط مسبق لا بدّ من توافره لكبح إنهيار لبنان ودولته”.
وقد توقف سياسيون عند النبرة العالية التي تحدثت بها السفيرة غريو في احتفال قصر الصنوبر بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، ورأى فيها بعضهم “تأنيباً” للمسؤولين اللبنانيين وتمنيناً للبنانيين بمساعدتهم. وخاطبت غريو الحاضرين قائلة “لبنان ليس على ما يرام. يطيب للبعض أن يعتقدوا اليوم أنّه تمّ تجاوز الأزمة. غير أن الاستقرار الحالي استقرار خادع”.
وسألت السفيرة غريو “أين كنتم اليوم لو أن فرنسا لم تحتضن، مع شركائها، قواكم الأمنية؟ لو أنّ قوات اليونيفيل، التي تضمّ 700 عسكري فرنسي- وأنا أوجّه لهم تحيةّ تقدير وثناء- لم تكن تؤمّن الاستقرار في جنوب لبنان؟ أين كنتم اليوم لو أن فرنسا لم تحشد جهود المجتمع الدولي ثلاث مرات متتالية لتجنّبكم انهيارا عنيفاً تحت وطأة الإفلاس المالي وتدهور الليرة والانفجار في مرفأ بيروت؟ أين كنتم اليوم لو أنّ فرنسا لم تهب على وجه السرعة لدعم مدارسكم كَي لا تغلق أبوابها، لاسيما المدارس الخاصة، والمسيحية منها بشكل خاص، التي تستقبل حوالي ثلثي التلاميذ اللبنانيين؟ أين كنتم اليوم لو لم تساهم فرنسا في تمويل عمل المستوصفات والمستشفيات وبرامج الأمن الغذائي كي يستمرّ اللبنانيّون الذين يعانون من الأزمة بالحصول على رعاية صحّيّة ذات جودة وتغذية صحيحة؟”.
وقد أثارت الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السفارة الفرنسية حفيظة عدد من المشاركين، من بينهم وزير الأشغال علي حمية المسمّى من قبل حزب الله الذي رفض المرور بماكينات الفحص الأمنية وغادر، معتبراً المرور “إهانة دبلوماسية وخرقاً للسيادة”.
من جهته، ردّ وزير الثقافة المسمّى من “حركة أمل” محمد وسام المرتضى على غريو، ورأى “أنها تنكّرت في خطابها لكل مبادئ الثورة الفرنسية، كما خالفت القوانين والمعاهدات التي تنظم العمل الديبلوماسي، فنصّبت نفسها مفوضاً سامياً يملي قرارات وتوجيهات ويصدر فرمانات وأوامر عليا”.
وقال: “إننا إذ نقدر أولاً دور الدولة الفرنسية في دعم لبنان، على أكثر من صعيد، وخصوصاً في مسألة الشغور الرئاسي، نود ثانيا تذكير صاحبة السعادة بأن التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة، واستعمال لغة التوبيخ والتحريض والتمنين، والسعي إلى تأليب فئات الشعب بعضها ضد بعض، وضد سلطاتها الرسمية، هذه كلها أعمال تجافي أبسط قواعد التمثيل الديبلوماسي، ولا سيما المادة 41 من اتفاقية فيينا. وتشكل نوعاً جديداً من الانتداب لا يرضى به اللبنانيون الشرفاء”.
وعلّق على وصفها سوريا بـ”دولة مخدرات” فقال: “نذكّر صاحبة السعادة بأن تعاسة الشعب السوري الذي سمت دولته دولة مخدرات كان بفعل الإرهاب المتعدد الجنسيات (ومن ضمنها الفرنسية) الذي قدم إليه من دول العالم كافة”. وختم: “في كل حال، نلتمس العذر لسعادة السفيرة فيما قالت، فهي من فرط محبتها للبنان واللبنانيين أرادت عن طيب خاطر أن تطبق مثلهم المأثور: يا رايح…”.
أمنياً، شهدت الحدود فصلاً جديداً من التوتر على خلفية توجّه وفد إعلامي برفقة النائب قاسم هاشم إلى مشارف مزرعة بسطرة في مزارع شبعا إذ تقدّت نحوهم عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي وأطلقت عيارات نارية في الهواء وقنابل مسيّلة للدموع. وأعلن النائب هاشم “أن هذا الاعتداء السافر يندرج في إطار السياسة العدوانية لإسرائيل”، مؤكداً “أن هذه المنطقة هي أرض لبنانية إلى جانب مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر”.