أشارت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، إلى أنه، قرأنا اليوم للأستاذ غسان حجار، الذي نتابع باهتمام، مقالاً رأينا فيه نقاطاً عدة بحاجة للمناقشة، لأن المنطق الذي قدمّه بعيد، بالنسبة إلينا، عن الواقع، إذ أورد في مقالته في صحيفة “النهار”، بتاريخ اليوم الثلاثاء، بعنوان “يغيب المسيحيون العرب عن المشهد!”، مجموعة نقاط ـ عناوين نفنِّدها كالآتي:
أولاً، نتأسف لهذا التصويب المستمر على المسيحيين وتجهيل ما يقوم به الآخرون كل الآخرين وكأن المسيحيين وحدهم يتحملون مسؤولية الأحداث التي تجري في لبنان وحتى في المنطقة كلها، وهذا بعيد عن الواقع تماماً. فلماذا لا يسأل الكاتب مثلاً ماذا يفعل السنة والشيعة والدروز، أو ماذا تفعل الدول العربية الكبرى بدل من أن “يفُّش” خلقه بالمسيحيين؟
أضاف البيان: ثانياً، من الظلم التصويب المستمر على المسيحيين الذين كانوا ولا يزالون رأس حربة الدفاع عن لبنان الدولة والحياد والسيادة والاستقلال والحرية والحياة الكريمة، وواجهوا الدولة البديلة والاحتلال السوري ويواصلون مواجهتهم للممانعة التي تمنع قيام الدولة الفعلية.
ثالثاً، كنا نتمنى من الاستاذ حجار وهو كاتب مخضرم في صحيفة عريقة أن يقدِّم للمسيحيين بعض الأفكار التي عليهم القيام بها ولا يقومون بها بدلاً من هذا التصويب الجائر.
رابعاً، وقع الأستاذ حجّار في خطيئة التعميم بوضعه القوى المسيحية في سلة واحدة، الأمر الذي لا يجوز كون الفريق الذي يدافع عن الخط اللبناني التاريخي لا يتساوى مع الفريق المسيحي الذي يغطي الممانعة لاعتبارات سلطوية معروفة.
خامساً، كنا نتمنى من الأستاذ حجّار أيضاً ان يميِّز بين من سلّم ويسلِّم بالأمر الواقع الذي أوصل لبنان إلى الفوضى وحالة الحرب التي هو فيها الآن، وبين من واجه ويواجه وضع اليد على لبنان ودفع ثمن الانقلاب على اتفاق الطائف حلّاً واعتقالاً، ولا يزال على الخط نفسه إيماناً منه أن الحلّ لا يكون بالقطعة و”فرفكة اليدين”، إنما بالجملة عن طريق استعادة السيادة وإعادة قرار الحرب إلى كنف الدولة.
سادساً، إن حماية لبنان من الحرب لا تكون وليدة ساعتها وغبّ الطلب، إنما تكون من خلال استراتيجية سيادية تضع قرار الحرب في يد الدولة ولا تُبقي لبنان جزءا من محور يقوده إلى الحروب والهلاك، ومن وقف منذ العام 2005 ضد استراتيجية تغييب الدولة وتوريط لبنان لا يتم وضعه في المنزلة نفسها مع من يغطّي هذه الاستراتيجية.
سابعاً، من يمنع انتخاب رئيس للجمهورية هو الفريق الممانع الذي يرفض الالتزام بالدستور لجهة المشاركة في جلسة بدورات متتالية، ويرفض الذهاب إلى خيار ثالث على الرغم من عدم قدرته على انتخاب مرشحه، وهل المطلوب مثلاً الخضوع لمعادلة “مرشحي أو الشغور”؟
ثامناً، أليس من الظلم تحميل الكنيسة التي تطالب دوماً بالدولة والسيادة والسلاح الواحد والحياد مسؤولية المشهد المأساوي في لبنان؟ وماذا يمكن للكنيسة أن تفعل غير الذي تفعله بالإصرار على مشروع الدولة؟
تاسعاً، نتمنى من الأستاذ حجّار ان يفيدنا لعله لم نتنبّه إلى ان الفريق الممانع يضع استراتيجية الحرب في قلب الدولة ونحن لا ندرك ذلك، فهل ناقش هذا الفريق مع أحد من اللبنانيين قرار الحرب؟ وهل المطلوب من اللبنانيين التصفيق لمن يأخذهم إلى الحروب من دون النظر إلى موازين القوى أو الظروف المحيطة بلبنان والمنطقة وما يجري في العالم، أم ان دورهم هو المتلقّي لا المقرِّر، أي انه يقتصر على معالجة انعكاسات الحرب لا منعها من داخل الدولة.
عاشراً، كنا نعتبر ان الاستاذ حجار يفترض ان يكون في طليعة من يثمنون توجُّه الطلاب إلى خوض غمار الشأن العام كونهم أجيال المستقبل، والمستقبل لا يمكن تشييده سوى من خلال أجيال مسيسة ومؤمنة بالقضية اللبنانية، وليس تفصيلاً ان الانتصارات التي حققتها “القوات اللبنانية” في الجامعات دلّت على استعادتها للخط اللبناني التاريخي من فئة نجحت، ويا للأسف، لفترة من الزمن في تضليل الرأي العام اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً.
حادي عشر، المقاربة الصحيحة للأمور تكون بمعالجة الفعل لا رد الفعل، واللوم يجب ان يكون على من غيِّب الدولة وليس عمن يبحث عن أفكار للخروج من النفق الممانع المظلم، وبالتالي يجب ان يبقى التصويب على الفريق الذي قاد بممارساته إلى الفوضى وحالة الحرب الحالية وتيئيس اللبنانيين…
ثاني عشر، نوافق الاستاذ حجّار أن المسيحيين في لبنان “هم الدور الافعل والاقدر لمسيحيي الشرق”، والدليل مساهمتهم الأساسية في لبنان جعلت منه النموذج في هذا الشرق والعالم، ولكننا لا نوافقه إطلاقاً بأنهم “سياسياً، وكنسياً ايضاً، غائبون عما يجري من تطورات”، فهم دفعوا ولا يزالون يدفعون أثمان موقفهم السيادي المطالب بدولة وسيادة وسلاح واحد كان ممكن ان يجنِّب لبنان ما حصل ويحصل، وذلك شأنهم شأن كل مواطن لبناني سيادي أكان مسلماً أم مسيحياً، وأما إذا كان الاستاذ حجار ينتظر من “القوات اللبنانية” والقوى المعارضة السيادية ان تصفِّق لمن يُقحم لبنان في الحرب فهو مخطئ تماماً، وهو مخطئ أيضاً في حال ظن ان دور المسيحيين يكون بالشعارات او الوحدة الوطنية الزائفة التي وظيفتها تغطية الممانعة، كما يخطئ إنْ اعتقد ان دورهم يقتصر على لملمة أثار حروب لا طائل منها ولا مصلحة ولا فائدة لا للبنان ولا للفلسطينيين، والمصلحة الوحيدة منها تقوية موقع إيران الاستراتيجي في المنطقة ولو على حساب كل شيء آخر، ولو على حساب كل مواطن لبناني.