صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

الفراغ يدق باب الجيش اللبناني: لا متطوعون جددا في الكلية الحربية

بقلم : طوني بولس - تتصاعد الخلافات بين وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية في لبنان، وتتجلى الأزمة في عدم مصادقة وزير الدفاع على تعيين رئيس للأركان ونتائج اختبارات الدخول إلى الكلية الحربية، مما دفع بعض الناجحين إلى تقديم دعاوى قانونية للالتحاق بالكلية.

على رغم المحاولات المبذولة لتحييد المؤسسة العسكرية عن الصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية المتلاحقة في لبنان فإن تراكم الخلافات بين وزارة الدفاع وقيادة المؤسسة العسكرية، بدأ يأخذ منحى تصاعدياً، بدءاً بقضية التمديد لقائد الجيش جوزيف عون وصولاً إلى تعيين رئيس للأركان، والتي لا تزال تراوح مكانها في غياب مصادقة وزير الدفاع على التعيين على رغم صدور مرسوم من الحكومة، وصولاً إلى أزمة الكلية الحربية، إذ يرفض الوزير موريس سليم حتى الآن التوقيع على قائمة الناجحين في اختبارات الدخول إلى الكلية، معللاً هذا بأن تلك الاختبارات لم تراع المعايير المطلوبة، وهو ما تنفيه قيادة الجيش.

ونتيجة توقف الكلية الحربية عن إدخال متطوعين جدد طوال أربع سنوات متتالية، بات الجيش اللبناني يعاني نقصاً حاداً في عدد ضباط الجيش وحاجة المؤسسة بصورة عاجلة إلى تطويع أعداد كبيرة من الضباط والعناصر، بخاصة في ظل التوترات الأمنية التي تشهدها البلاد، ولا سيما أن أية تسوية “دبلوماسية” لقضية الصراع بين “حزب الله” وإسرائيل قد تستوجب إرسال نحو سبعة آلاف عنصر إضافي إلى جنوب لبنان بموجب القرار الدولي 1701.

ويتخوف مسؤولون سياسيون وعسكريون من خطورة وقف التطويع في الجيش بصفة “تلميذ ضابط” لفترة طويلة، إذ يؤدي غياب التطويع لسنة أو سنتين إلى انعكاسات عدة على هرمية الجيش (قيادة ووظائف) كما أنه قد يفقده الكوادر العسكرية التي تكون عادة موجودة على الأرض (ملازم وملازم أول)، وهذا النقص يؤثر في جميع المهام العملانية للمؤسسة العسكرية.

كذلك يبدي متابعون مخاوف من أن يتكرر السيناريو الذي حصل ما بين عامي 1986 و1994، حينها توقف التطويع بسبب الحرب الأهلية(1975 – 1990)، ولكن في عامي 1995 و1996 تم تطويع عدد كبير لسد الحاجة، مما أدى إلى وجود أكثر من 600 عميد في الجيش اللبناني وهو رقم يفوق أضعاف الحاجة إلى هذه الرتبة.

تسريب الأسماء

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ويبدو أن الأمور تتجه إلى التصعيد، لا سيما أن عدداً من الطلاب الناجحين في “الحربية” تقدم بدعوى أمام مجلس شورى الدولة مطالبين بقرار يحسم ويؤكد أحقيتهم بالالتحاق بالكلية، مما قد يشكل استعادة لمشهد إصدار مجلس الوزراء قراراً بتعيين رئيس الأركان حسان عودة وترقيته إلى رتبة لواء، بعد أن اعتبرت الحكومة أن وزير الدفاع لا يقوم بمهامه برفع اقتراحات بالأسماء إلى مجلس الوزراء والتوقيع على مرسوم التعيين.

وفيما يتمسك قائد الجيش جوزيف عون بضرورة التحاق الطلاب بالكلية الحربية، برزت سلسلة اتهامات من أوساط وزير الدفاع يتهم قيادة الجيش بتسريب الأسماء لبعض الناجحين والإيعاز لهم بالتقدم بدعاوى، في حين تنفي قيادة الجيش الأمر بصورة قاطعة.

وتشير مصادر متابعة للملف في وزارة الدفاع إلى أن دورة تطويع الضباط التي أجرتها الكلية الحربية عقدت بصورة مخالفة لقوانين الدفاع ودون موافقة الوزير موريس سليم، وهو لم يوقع النتيجة النهائية لها لأنه يعد الإعلان عنها مخالفاً طالما جرى تخطيه.

دورة ثانية

وفي حديث سابق قال وزير الدفاع موريس سليم “طرحت هذا الموضوع مع قائد الجيش الذي شكا لي من تدني المستوى، مما اضطر القيادة إلى خفض العلامات، مما أثر في مستوى المرشحين للدخول إلى الكلية الحربية”. وأضاف “عندما وافقت على إطلاق دورة الكلية الحربية، وافقت على كل الأرقام التي رفعتها قيادة الجيش، ولكن تبين أن ليس كل الذين اختيروا حازوا المستويات التي يجب أن تتوافر في الضباط”. وتابع “قلت لقائد الجيش إنكم لم تأخذوا العدد الكافي والمطلوب، بالتالي فإن ثمة من فازوا في الدخول لن يكونوا واعدين وقادرين على أن يكونوا ضباطاً في الجيش يخدمون بين 30 و40 سنة، وقلت أيضاً إنه لا يجوز قبول ضباط في الجيش نعرف سلفاً أن مستويات بعضهم غير عالية”.

وعن الحلول أوضح “طرحت على قائد الجيش حلاً يكون من خلال إطلاق دورة جديدة سيتقدم إليها شباب جدد لديهم مستويات أفضل، إضافة إلى قدرات فكرية أعلى، وبذلك، يكون لنا ضباط من مستويات جيدة، علماً أنها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها قيادة الجيش إلى فتح دورة ثانية، وهو ما تم في السابق ومنها الدورة التي تخرجت أنا فيها”.

وتكشف مصادر في وزارة الدفاع عن حل يعمل بتجميد نتائج الدورة الحالية وضم الناجحين البالغ عددهم 120 دون إقصائهم إلى دورة حربية أخرى تفتح قريباً لتطويع 170 ضابطاً إضافياً، وبذلك يضم عدد الذين نجحوا في الدورة الماضية إلى الناجحين في الدورة المقبلة، بالتالي يصبح العدد النهائي للدورة بحدود 300 ضابط وهو ما تخرجه الكلية الحربية في العادة، وحينها يوقع وزير الدفاع على الدورتين وتصدر النتائج دفعة واحدة رسمياً من خلال توقيع الوزير.

عودة “الكلية الحربية”

أجواء قيادة الجيش ترفض الادعاءات بأن فتح دورة الكلية الحربية لم يكن قانونياً، بالاستناد إلى موافقة من مجلس الوزراء بتاريخ الـ17 من أغسطس (آب) 2023، على طلب قيادة الجيش تطويع وتعيين تلاميذ ضباط في الأجهزة العسكرية والأمنية، وذلك بعد أربع سنوات من قرار وقف التطويع الذي استعاضت عنه المؤسسة العسكرية بتطويع تلاميذ ضباط من العسكريين في الخدمة الفعلية لدورتين متتاليتين.

وكانت قيادة الجيش تسلمت كتاباً من وزارة الدفاع موقعاً من الوزير سليم تعلن بموجبه موافقتها على تعميم الإعلان الذي نشر على موقع الجيش الرسمي. فيما رفعت قيادة الجيش بتاريخ الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كتاباً إلى وزارة الدفاع، بعد موافقة المجلس العسكري، تضمن لائحة اسمية بالمرشحين المقبولين للاشتراك في الدخول إلى الكلية الحربية استناداً إلى جداول تصنيف المرشحين، ولاحقاً وبموجب الكتاب رقم 2961 تاريخ الثاني من مارس (آذار) 2024، أرسلت قيادة الجيش كتاباً إلى وزارة الدفاع تضمن لائحة اسمية بتعيين الناجحين في مباراة الدخول إلى الكلية الحربية بصفة “تلميذ ضابط” بناءً على اقتراح قائد الجيش وبعد موافقة المجلس العسكري استناداً إلى المادة 27 من قانون الدفاع الوطني رقم 102/83.

وبلغ عدد المرشحين المقبولين 2511 ضمن الشروط المحددة بما فيها التشديد على حيازة المرشح معدل 12/20 في اختبارات الشهادة الرسمية، وخضعوا جميعاً وتباعاً لاختبارات نفسية وطبية ورياضية، تأهل منهم 773 للاختبار الخطي والمثول أمام اللجنة، وبعد فرز نتائج المباراة والتصنيف استحق 118 منهم أن يصبحوا تلاميذ ضباط، والعدد المطلوب الذي أجازته الحكومة هو 173، إلا أن عدد الذين فازوا بالتصنيف ولم يحصلوا على أية علامة لاغية كان فقط 118، مع المحافظة على التوازن الطائفي (59 فئة أولى و59 فئة ثانية)، وقد وافق المجلس العسكري على النتيجة.

التوازن الطائفي

وفي السياق اعتبر العميد المتقاعد مارون خريش أن الشغور الرئاسي انعكس سلباً على واقع المؤسسات الدستورية التي يجب أن تعمل بانتظام وبالتكامل فيما بينها، ونتيجة لذلك تقيدت المؤسسة العسكرية لفترة بعدم التوظيف، ونظام الدخول إلى الكلية الحربية يعتمد بصورة أساسية على العسكريين والمدنيين، لكن المؤسسة لم تستطع تأمين دخول المدنيين إليها لذا تم إدخال العسكريين كونهم ضمن الملاك فتم نقلهم من رتبة إلى أخرى، فكل من يستوفي الشروط المطلوبة ولديه المؤهلات يتقدم إلى المؤسسة الحربية، وهذا المنهج اعتمد على مدار ثلاث سنوات إلى أن سمح مجلس الوزراء السنة الماضية بدخول المدنيين إلى الحربية.

ولفت خريش إلى أن نحو 2000 طالب تقدموا لاختبارات الكلية الحربية، وعندما صدرت النتيجة النهائية وأحيلت إلى وزير الدفاع رفضها بحجة عدم مراعاة التوازن الطائفي، كون نسبة المسيحيين الذين نجحوا في الاختبار كانت أقل من نسبة المسلمين، وهو أمر يعده وزير الدفاع وبعض الأحزاب يتعارض مع الميثاق الوطني.

من ناحيته يشير المحلل الاستراتيجي العميد ناجي ملاعب إلى خطورة تجميد دورة الكلية الحربية الأخيرة كونها تنعكس على جميع المؤسسات العسكرية، موضحاً أن الكلية الحربية لا تؤمن دخول الضباط فقط للجيش اللبناني، إنما تخرج أيضاً ضباطاً لأمن الدولة وللمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وللأمن العام، لافتاً إلى أنها “مدرسة ضباط الجيش وقوى الأمن”. وأشار إلى أن الفراغ بات يهدد مؤسسات الدولة وقطاعاتها الحياتية الأساسية وسط تخوف كبير من تحويل لبنان إلى بلد الفراغات، مما حول الدولة اللبنانية إلى دولة صورية بدءاً من الشغور الرئاسي المستمر والشغور في تشكيل الحكومة، وهذا بطبيعة الحال ينعكس حتماً على عمل المؤسسات. 

عديد الجيش اللبناني 

يكشف الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن عديد عناصر الجيش اللبناني كان يبلغ في السابق قرابة 83 ألف عسكري، فيما يبلغ العدد اليوم 72 ألفاً، وبلغت ميزانية الدفاع عام 2023، 20838 مليار ليرة، أما في العام 2024 فقد بلغت 39307 مليارات ليرة، والنفقات تتوزع بشكل أساسي على الرواتب والأجور والتعويضات الاجتماعية.

ويتكون الجيش اللبناني، والذي تأسس عام 1945، من فروع القوات البرية، القوات البحرية والقوات الجوية.

ودقت أزمات لبنان المتتالية باب المؤسسة العسكرية بقوة في السنوات الماضية، وتراجعت قيمة رواتب العناصر الأمنية بشكل كبير نتيجة الانهيار المالي ما اضطر غالبيتهم للعمل في وظيفة ثانية، وباتت المؤسسة العسكرية تعتمد على مساعدات مالية وعينية من الخارج أهمها من الولايات المتحدة الأميركية.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأنها وسيلة إعلامية بأي شكل من الأشكال بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading