يواجه لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية مجموعة من الأزمات السياسية الاقتصادية، وصفها البنك الدولي بأنها من أسوأ عشر أزمات مالية واقتصادية شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
ودخل لبنان رسمياً فيما يُعرف بـ «الفراغ الرئاسي» مع انتهاء المهلة الدستورية المقررة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ 31 أكتوبر من العام الماضي، فيما فشل مجلس النواب عبر 12 جلسة في انتخاب رئيس جديد.
ويقول الخبير المالي والاقتصادي اللبناني الدكتور أنيس أبوذياب، إن الفراغ الرئاسي انعكس سلباً على العمل المؤسسي بالدولة، وبالتالي تراجعت الإيرادات، ثم فاقمت أزمة «كورونا» وانفجار مرفأ بيروت الانهيارات الاقتصادية، ما أدى إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 54 مليار دولار بحسب تقدير البنك الدولي إلى 18 مليار دولار، وبالتالي تراجع الاقتصاد أكثر من 60%.
وشدد أبوذياب في تصريح لـ«الاتحاد»، على أهمية وجود رزمة من الإصلاحات يجب القيام بها، لخروج الاقتصاد اللبناني من هذه الأزمات، أهمها إدارة السيولة وعدم خروجها من المصرف المركزي، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتدقيق حسابات 14 مصرفاً كبيراً، بالإضافة إلى تدقيق حسابات المصرف المركزي، وضبط الحدود الجمركية والمرفأ وعدم السماح بالتهرب الضريبي.
من جانبه، يقول المحلل السياسي اللبناني الدكتور عبدالله نعمة في تصريح لـ«الاتحاد»، إن دخول الفراغ الرئاسي عامه الثاني، فاقم من الأزمة الاقتصادية وخاصة في ظل غياب رؤية مستقبلية لإنقاذ مستقبل لبنان للخروج من أزماته الاقتصادية، محذراً من أن الفراغ يزيد الأمور تعقيداً، مع عدم مقدرة المسؤولين على اتخاذ أي خطوات لحلحة الأوضاع.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي اللبناني خالد أبو شقرة، إنه في ظل فراغ دستوري فإن كل الأمور متجمدة، لا يحق لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ القرارات المهمة؛ مؤكداً أهمية الإسراع ف اختيار رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تستطيع تقديم المشاريع والقوانين الإصلاحية لاسيما التي طلبها صندوق النقد الدولي.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريح لـ«الاتحاد»، على أن موازنة 2023 أتت متأخرة 8 أشهر عن موعدها الدستوري، وموازنة 2024 تفتقر للرؤية الاقتصادية، وأن مشروعي الموازنتين يتضمنان زيادة كبيرة في الضرائب والرسوم، وإعطاء الحق للحكومة بالتعاون مع مصرف لبنان لتعديل سعر صرف العملة المحلية عند احتساب الرسوم الجمركية والضرائب، وهذا خطأ كبير قانوني ودستوري.
ولفت أبو شقرة إلى أن حجم موازنة 2024 يبلغ 300 ألف مليار ليرة لبنانية، وبها عجز يتخطى 50 ألف مليار ليرة، وتقول الحكومة أنها ستموله بالاستدانة رغم أن لبنان متخلف عن سداد ديونه الخارجية منذ مارس 2020، وبالتالي لا يحق لها الاستدانة من الأسواق الدولية ولا المحلية نظراً لتعثر القطاع المصرفي.