صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

الصين تتحدى أميركا في بنما.. حقائق مفاجئة تشرح تهديد ترامب

ربما كان خبرا عابرا، لم ينتبه إليه أحد.

لكن عبور تلك السفن الصينية من أقصى شمال الأرض، الخريف الماضي، ولأول مرة، لم يكن عرضيا.

فالصين تريد السيطرة على ممرات البحر، يقول خبراء تحدث إليهم “موقع الحرة”.

خذ بنما مثالا. هنا قناة ضيقة وقصيرة تربط المحيطين الهادي والأطلسي.

هل يفاجئك أن تعرف أن شركات صينية، أو مقرها الصين، تدير مدخلي القناة على المحيطين الأطلسي شرقا والهادئ غربا؟

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

قناة بنما تحديدا لها تاريخ فريد، وفيها مصالح وصلاحيات أميركية مقرة باتفاقيات دولية تمنح واشنطن حق التدخل العسكري لحماية القناة.

لذلك، قد لا يبدو غريبا أن يطالب الرئيس المنتخب دونالد ترامب بـ”إعادة السيطرة على قناة بنما”، فهو يعتبرها “من الأصول الوطنية الحيوية للولايات المتحدة”.

هذه هي قصة القناة، وحقائق ستفاجئك عن الحقوق الأميركية ومخططات الصين.

بين قطب ومحيطين

قرب جزيرة نوفايا زمليا الروسية، على طريق القطب المتجمد الشمالي، عبرت، الخريف الماضي، سفينتان تجاريتان تديرهما شركات صينية لأول مرة.

السفينة الأولى (نيونيو ستار)، كانت قادمة من ميناء نانشا الصيني، متجهة نحو سان بطرسبرغ الروسية.

سفينة أخرى هي (فلايينغ فيش)، أو السمكة الطائرة، كانت تبحر في الاتجاه المعاكس.

تقاطعتا في الطريق. أصبحت “السمكة الطائرة” أكبر سفينة تعبر طريق القطب الشمالي عبر المياه الروسية، حتى ذلك الوقت.

حملت “السمكة الطائرة” أكثر من 5 آلاف حاوية.

هذه فئة خاصة من السفن تسمى “بانماكس”. وهي وحدة معيارية عالمية تعني أن السفينة تملك أكبر حجم يمكن أن تستوعبه منشآت قناة بنما.

القطب الشمالي وقناة بنما يجمع بينهما الأهمية الاستراتيجية، والمطامع الصينية.

وعين الصين على “المنشآت ذات الاستخدام المزدوج” في قناة بنما ومنطقة القطب الشمالي، يقول الصحفي الأميركي المتخصص جون غرايدي.

يرصد غرايدي الاهتمام الصيني بقناة بنما والممرات البحرية في مقالات ينشرها معهد البحرية الأميركية.

ويكشف لـ”موقع الحرة” عن مشاريع صينية في منشآت تابعة لقناة بنما، والدول المجاورة في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، ما جعل بكين تملك “نفوذا” غير مسبوق هناك، ضمن مبادرة “الحزام والطريق”.

تنين على البابين
قناة بنما ممر مائي اصطناعي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ عبر برزخ بنما في أميركا الوسطى.

وهي واحدة من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم.

بفضل القناة، لم تعد السفن بحاجة إلى الالتفاف حول قارة أميركا الجنوبية عبر رأس هورن، للانتقال بين المحيطين.

افتُتحت القناة رسميا عام 1914 بعد عقد من البناء الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية.

أما الآن٫ وبعد أكثر من قرن، فالشركات الصينية، أو التي مقرها الصين، تدير مدخلي قناة بنما، وهما ميناء كريستوبال على المحيط الأطلسي شرقا، وميناء بالبوا المطل على المحيط الهادئ، غربا.

كذلك، في 2018، فازت شركة الاتصالات الصينية والشركة الصينية لهندسة الموانئ بصفقة لتنفيذ مشروع بناء الجسر الرابع، الذي يعبر القناة ويمتد على مسافة 4 أميال.

كان المشروع جزءا من الاتفاقيات التي وقعتها بنما مع بكين عام 2017، عقب قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان، والهادفة لتحويل القناة إلى مركز رئيسي لحركة المنتجات الصينية، وتوزيعها في منطقة أميركا اللاتينية.

بين روزفلت وكارتر وترامب
النشاطات الصينية، يبدو أنها كانت الدافع وراء منشور للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب على منصته “تروث سوشال” في 21 ديسمبر الماضي، طالب فيه بـ”إعادة السيطرة على قناة بنما”.

قال ترامب إن القناة “تلعب دورا حيويا” للاقتصاد ومنظومة النقل في الولايات المتحدة. وذكر بالدور الذي لعبته واشنطن في بناء القناة، إبان حكم الرئيس الأسبق، ثيودور روزفلت في بداية القرن العشرين، والكلفة المادية والبشرية التي دفعتها أميركا لإنجازها.

ومن المفارقات التاريخية، أن إعلان ترامب سبق بأيام قليلة وفاة الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، الذي وقع اتفاقيات التسليم التدريجي للقناة.

فما قصة تلك الاتفاقية؟

هذه هي التفاصيل التاريخية:

محادثات التسليم التدريجي لإدارة القناة بدأت منذ ستينيات القرن الماضي، في عهد الرئيسين جونسون ونيكسون.

التوقيع على الاتفاقيات النهائية كان عام 1977 وعرفت باسم “اتفاقيات كارتر – توريخون”، نسبة لرئيسي البلدين آنذاك.

بقيت الإدارة مشتركة بين الدولتين خلال فترة انتقالية استمرت حتى عام 1999، عندما تسلمت بنما الإدارة بالكامل.

آخر إجراءات التسليم تمت في نهاية ديسمبر عام 1999، في عهد الرئيس كلينتون.

المهم أن تعرف أن “اتفاقية الحياد”، وهي واحدة من اتفاقيات كارتر – توريخون، تمنح الولايات المتحدة الحق باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن القناة، وتأمين استمرار عملها كممر مائي دولي محايد.

وهذا الحق هو في جذر مطالبة ترامب، يقول خبراء، في مواجهة أطماع الصين.

ماذا تريد الصين؟

يتحدث الصحفي الأميركي المتخصص جون غرايدي عن منشآت ذات استخدام مزدوج في قناة بنما فتحت شهية الشركات الصينية.

وهذه المنشآت طلبت إنجازها المؤسسة الحكومية المحلية التي تدير القناة لتواكب تطور الحركة البحرية، وحجم البواخر الناقلة للحاويات، ولمواجهة تحديات انخفاض تدفق الأنهار التي توفر كميات المياه الضخمة اللازمة لملء أحواض السفن.

قال غرايدي أيضا إن: “الجنرال لورا ريتشاردسون، التي تولت القيادة الجنوبية للجيش الأميركي حتى نوفمبر الماضي، سبق وأن حذرت من الاستخدام المزدوج للمنشآت المتواجدة في قناة بنما”.

والاستخدام المزدوج، هو مصطلح يقصد به أن المينائين المتواجدين على مدخلي القناة، بالإمكان توظيفهما للاستخدام العسكري والتجاري على حد السواء، رغم أنهما يعملان حتى الآن على عبور سفن الرحلات البحرية السياحية، تليها سفن الشحن.

تذكر إدارة القناة على موقعها الإلكتروني أن “حركة الملاحة بلغت 14 ألف سفينة في السنة”.

وتذكر أيضا إدارة التجارة الدولية الأميركية أن “72% من حجم حركة السفن في قناة بنما، تتم من وإلى الولايات المتحدة، التي تمثل كذلك مرفقا هاما لحركة نقل النفط حول العالم”.

تمكن القناة من ربط الساحل الشرقي للولايات المتحدة بكل من شرق آسيا والساحل الغربي لأميركا الجنوبية، ما يعني ربط المناطق الصناعية في كل من الولايات المتحدة والصين بأسواقها التقليدية.

قال جون غرايدي إن “أنشطة بكين في بنما، لا يمكن فصلها عن باقي أنشطتها في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي”.

وأضاف: “مثل أنشطتها في بيرو، حيث تقوم ببناء ميناء ضخم للغاية، سيرفع حجم البضائع الصينية المصدرة إلى تلك المنطقة من العالم لأرقام فلكية، ويمكن استخدامه هو الآخر بسهولة لأغراض عسكرية”.

وفي أقصى جنوب أميركا اللاتينية، بنت الصين محطة رصد فضائي تتضمن هوائيات ضخمة تسمح كذلك بمراقبة حركة الأقمار الصناعية، حسب غرايدي.

موقع المحطة جنوب الأرجنتين، يمر فوقه مسار أغلب الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض، ويسمح كذلك بمراقبة حركة الملاحة في مضيق ماجلان الاستراتيجي، وهو أحد الطريقين البديلين عن قناة بنما، إذ يمر الطريق البديل الآخر عبر القطب الشمالي.

البحرية الصينية في جنوب أميركا
مجموع الموانئ الصينية في أميركا اللاتينية والكاريبي يبلغ نحو 40 ميناء، وهذا الرقم مرشح للارتفاع، حسب غرايدي.

رغم ذلك، يقول إن “مستوى التعاون العسكري في المجال البحري بين بكين ودول أميركا اللاتينية، تشوبه الكثير من نقاط الضعف”.

ورغم تنظيم تدريبات مشتركة بين البحرية الصينية والقوات البحرية لفنزويلا، إلا أن تلك التدريبات لم تشمل الاندماج في العمليات المشتركة والعمل التبادلي، ما يجعل البحرية الصينية لا تمتلك إمكانية تنفيذ المهمات العسكرية بالتعاون مع حلفائها.

وعلى سبيل المقارنة، يذكر غرايدي أن “التدريب على العمليات المشتركة هو أمر أساسي خلال مناورات الجيش الأميركي مع دول حليفة، حتى تلك ذات عدد القوات المتوسط مثل الفلبين”.

وتكمن أهمية الأمر، إلى الفهم المشترك والمتبادل بين القوات العسكرية، والعقبات التي تعترض ذلك، وهي تتجاوز معضلة اللغة، وتشمل العقبات الثقافية، التي ظهرت كذلك خلال وجود السفن الحربية الروسية والإيرانية في فنزويلا.

لا يقتصر الوجود العسكري الصيني على بيع تجهيزات حربية مثل الصورايخ المضادة للسفن، التي صدرتها بكين إلى إيران ومنها انتقلت إلى حزب الله، بل يشمل على وجه الخصوص سيطرة شركة هواوي الصينية على شبكات الاتصالات المحلية، بما في ذلك الإنترنت من الجيل الخامس.

وتتعاون البحرية الصينية مع نظيرتها الروسية، فالبحرية الصينية هي المسؤولة عن برامج الانتشار في أعالي البحار، مثل منطقة القطب الشمالي.

لكن ذلك التعاون لم يصل بعد، إلى مستوى التعاون بين دول الناتو أو باقي حلفاء واشنطن، خصوصا وأن أسطول السطح الروسي يواجه تراجعا في قدراته العملياتية والعددية، على عكس أسطول الغواصات.

ومن اللافت، أن التعاون في القطب الشمالي، يشمل وجود سفن أبحاث مرتبطة بعدد من الجامعات الصينية، تقوم بجمع معطيات فنية، تملك الحكومة الصينية حق الحصول عليها.

أبحاث علمية وتجسس
قال المحامي والمعلق السياسي الأميركي، غوردن تشانغ، الذي عمل في الصين وهونغ كونغ لحوالي عقدين من الزمن، إن “سفن الأبحاث البحرية، تستخدم كذلك لمهام التجسس والاستطلاع العسكري”.

تشانغ الذي تحدث إلى موقع “الحرة” قال إن “أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها بكين في هذا المجال، هو تحديد مواقع الغواصات النووية الأميركية، عبر قياسات وعمليات سبر لقاع المحيط، تقوم بها سفن الأبحاث العلمية”.

ووفقا لتشانغ، فإن أهداف الصين تتجاوز النشاط التجاري وتشمل أهدافا عسكرية واضحة. وأبرز الأمثلة على ذلك هو الدعم العسكري الذي تقدمه بكين لطهران

ويرى المحامي الأميركي، بأن إيران وحلفاءها في المنطقة، ما كانوا ليتمكنوا من شن هجمات ضد إسرائيل، لولا الدعم العسكري الصيني لها، عبر بيع كميات كبيرة من الأسلحة.

يذكر أن الوجود العسكري البحري الصيني، امتد من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط عند انطلاق أحداث الربيع العربي، عندما قامت إحدى فرقاطات البحرية الصينية بحراسة مجموعة من السفن التجارية، التي قامت بإجلاء العمال الصينيين من ليبيا عام 2011.

ثم عادت البحرية الصينية بعملية مماثلة، لإجلاء مواطنيها من اليمن خلال شهر مارس 2011، لتواصل تواجدها شرق المتوسط لاحقا، الذي يمثل الجناح الغربي لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية.

لا يقتصر الوجود الصيني في القطب الشمالي أو بنما أو الشرق الأوسط، على نشاط السفن التجارية والعسكرية أو سفن الأبحاث، بل هو رسالة موجهة إلى واشنطن، مفادها “أننا هنا”، حسب جون غرايدي.

وأعلنت بكين نفسها كدولة متشاطئة مع القطب الشمالي، ما يمثل إشارة إلى أنها قد تطالب بحرية الملاحة دون دفع رسوم عبور لروسيا، عبر “طريق الحرير القطبي”.

قد تكون حماية سفنها التجارية من هجمات القراصنة قبالة سواحل الصومال هدفا مفهوما لبكين، وأهم وسيلة لتحقيق ذلك، قاعدتها الوحيدة في دولة عربية أو أفريقية، وهي جيبوتي.

لكن الوجود العسكري الصيني في الشرق الأوسط، يهدف كذلك إلى حماية خطوط تصدير النفط القادمة من الشرق الأوسط وإيران نحو الصين.

ماذا يفعل ترامب؟
ومع اقتراب موعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة للسلطة في 20 يناير الحالي، تبرز تساؤلات حول السياسة التي ستتبعها إدارة ترامب بشأن النفوذ الصيني في النصف الغربي من الكرة الأرضية.

رئيس بنما، خوسيه راؤول موليدو، الذي رفض تصريحات ترامب، نظم حفلا خاصا بالذكرى 25 لتسلم القناة من الولايات المتحدة، وأعلن أن شعور الفرح بتلك الذكرى، يشوبه الكثير من الحزن بسبب تزامنها مع وفاة الرئيس الأميركي الأسبق، كارتر.

دعوة ترامب إلى استعادة القناة، وتزامنه مع وفاة كارتر، أعاد إلى الأذهان السجال السياسي الحاد، الذي دار نهاية سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، حول تسليم القناة إلى بنما.

خلال ذلك السجال، رفع الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغن، شعار “نحن بنيناها، نحن اشتريناها، ونحن ننوي الاحتفاظ بها”.

لم يكن قرار كارتر يحظى بشعبية كبيرة، ما كلف 7 أعضاء في مجلس الشيوخ مقاعدهم خلال الانتخابات الموالية، بسبب مساندتهم القرار.

لكن ريغن لم يراجع قرار كارتر بخصوص قناة بنما، رغم كل الصخب الإعلامي وحديث الانتخابات.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading