رئيسة الحكومة: كل الاحتمالا مفتوحة
من جهتها قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن، إن اجتماع الحكومة الطارئ الذي دعا الرئيس إيمانويل ماكرون لعقده في وقت لاحق اليوم الجمعة سيتناول “جميع الخيارات” لاستعادة النظام.
وأضافت بورن للصحافيين خلال زيارة لإحدى ضواحي باريس “الأولوية لضمان الوحدة الوطنية، والسبيل الوحيد لذلك هو استعادة النظام”.
وقد يختصر ماكرون الموجود في بروكسل منذ، الخميس، لحضور قمة أوروبية، مشاركته ويعود قبل انتهاء الاجتماعات مع نظرائه، ويعقد مؤتمراً صحافياً قبل مغادرة مجلس الاتحاد الأوروبي.
واندلعت أحداث عنف في مرسيليا وليون وبو وتولوز وليل في احتجاج لليلة الثالثة على التوالي على مقتل شاب يبلغ من العمر 17 سنة، من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء.
من جهتها، طلبت الأمم المتحدة الجمعة من فرنسا معالجة مشكلات العنصرية والتمييز العنصري في صفوف قوات الأمن بعد ثلاثة أيام على إقدام شرطي على قتل مراهق بالرصاص.
وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، رافينا شمداساني، خلال مؤتمر صحافي في جنيف “حان الوقت ليعالج هذا البلد بجدية مشكلات العنصرية والتمييز العنصري المتجذرة في صفوف قوات الأمن”.
توقيف 667 شخصاً
وأوقف 667 شخصاً، ليل الخميس الجمعة، في فرنسا، بعد أعمال شغب لليلة الثالثة على التوالي تخللها نهب وتخريب ممتلكات عامة، وفق ما أعلن وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانان الذي كتب على “تويتر” “هذه الليلة، واجه عناصر الشرطة والدرك والإطفاء مرة جديدة وبشجاعة أعمالاً غاية في العنف، بناء على تعليماتي باعتماد نهج صارم، أوقفوا 667 شخصاً”.
تهمة القتل العمد
ووُجهت، الخميس، تهمة القتل العمد إلى شرطي ووُضع قيد التوقيف الاحتياطي، بعد أن أردى بالرصاص، الثلاثاء الماضي، قرب باريس فتى في الـ17 وأثار مقتله أعمال عنف على مدى ليلتين في فرنسا.
وخرجت، أمس الخميس، مسيرة تكريماً لذكراه أطلقت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع على مشاركين فيها. وبدأت المسيرة قرابة الساعة الثانية بعد ظهر الخميس (12:00 بتوقيت غرينتش) في نانتير حيث قُتل نائل م. (17 سنة) خلال عملية تدقيق مروري، الثلاثاء.
وافتتحت والدة الشاب، مرتدية قميصاً كُتب عليه “العدالة لنائل”، التظاهرة من على حافلة صغيرة، وخلفها آلاف من المشاركين حملوا لافتات تحمل الشعار نفسه ولافتات أخرى كُتب عليها “لن نقبل بتكرار ذلك أبداً”، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن اندلعت أعمال شغب في نهاية المسيرة أمام مقر محافظة أو-دو-سين، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع.
“دوافع عنصرية”
وأعربت والدة نائل عن اعتقادها أن الحادثة لها دوافع عنصرية.
وقالت منية لقناة “فرانس 5” في أول مقابلة إعلامية معها منذ إطلاق النار، صباح الثلاثاء، “أنا لا ألوم الشرطة، أنا ألوم شخصاً واحداً: الشخص الذي قتل ابني”. وأضافت “لدي أصدقاء شرطيون. إنهم يدعمونني تماماً… لا يتفقون مع ما حدث”.
واعتبرت أن الشرطي كان يمكن أن يلجأ إلى طرق أخرى للسيطرة على ابنها الذي كان يقود سيارة بلا رخصة.
قالت الأم العزباء باكية “لم يكن مضطراً لقتل ابني. رصاصة؟ من هذه المسافة من صدره؟ لا، لا”. واعتبرت أن الشرطي “رأى وجهاً عربياً، طفلاً صغيراً، وأراد أن يقتله”.
وتساءلت الأم التي قالت إنها تعمل في القطاع الطبي، “إلى متى سيستمر هذا؟ كم عدد الأطفال الآخرين الذين سيقتلون على هذا النحو؟ كم من الأمهات سيجدن أنفسهن في مكاني؟”.
الشرطي الفرنسي يعتذر لعائلة “نائل”
وقدم الشرطي، أمس الخميس، الاعتذار لعائلة الفتى نائل الذي أرداه، الثلاثاء، وفق ما أفاد محاميه.
وقال المحامي لوران-فرانك ليينار على قناة “بي أف أم تي في” الفرنسية “الكلمة الأولى التي نطق بها هي آسف، والكلمات الأخيرة التي قالها كانت لتقديم الاعتذار للعائلة”.
وأضاف “أصيب موكلي بصدمة شديدة من عنف هذا الفيديو… الذي شاهده لأول مرة أثناء احتجازه لدى الشرطة”، في إشارة إلى الصور التي تظهره وهو يطلق رصاصة تسببت في وفاة الشاب نائل.
وتابع المحامي “إنه منهار، فهو لا يستيقظ في الصباح ليقتل الناس. لا يريد أن يَقتل”. وأعلن ليينار أنه سوف يستأنف قرار حبس الشرطي، صباح اليوم الجمعة.
وصباح الخميس، أعلن المدعي العام في نانتير باسكال براش، أن الشرطي الدرّاج البالغ 38 سنة سيمثل أمام قاضيي تحقيق لتوجيه لائحة اتهام له.
ولفت إلى أن “النيابة تعتبر أن الشروط القانونية لاستخدام السلاح لم تتحقق”. وطلب احتجاز الشرطي، وهو خيار نادر في هذا النوع من القضايا.
وفي وقت لاحق، قالت النيابة في بيان إن “الشرطي المشار إليه اليوم في إطار تحقيق قضائي حول جريمة قتل متعمدة وجهت إليه هذه التهمة ووضع قيد التوقيف الاحتياطي”.
وقُتل الشاب نائل م. في نانتير، الثلاثاء، من مسافة قريبة خلال عملية تدقيق مروري وبررت الشرطة أن الشاب كان يقود بسرعة كبيرة “في ممر الحافلات” ورفض التوقف عند الإشارة الحمراء، وفق المدعي العام.
وفي حين أكدت مصادر في الشرطة في بادئ الأمر أن الشاب قاد سيارته باتجاه شرطيين على دراجتين ناريتين لمحاولة دهسهما، انتشر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي أظهر رجلَي شرطة يحاولان إيقاف السيارة، قبل أن يطلق أحدهما النار عبر نافذتها على السائق عندما حاول الانطلاق بها.
وقال محامي الأسرة ياسين بزرو في بيان “نأسف لأن يخفي المدعي العام التواطؤ المحتمل في القتل العمد من قبل الشرطي الثاني والتزوير المحتمل في الكتابات العامة نتيجة التصريحات الكاذبة الأولية لمطلق النار، الذي أكد رسمياً أن الشاب نائل حاول دهسه بالسيارة”.
اجتماع خلية أزمة
وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ”أعمال عنف غير مبررة” طالت “المؤسسات والجمهورية” في اجتماع خلية أزمة وزارية دعاها إلى الانعقاد في وزارة الداخلية.
وليل الأربعاء، أضرمت النار بأكثر من 10 سيارات وعدد من حاويات المهملات ووضعت حواجز على الطرقات. وحتى منتصف الليل ردت القوى الأمنية على الحجارة التي ترمى تجاهها، بالغاز المسيل للدموع.
وفي كلامار في المقاطعة نفسها، أضرمت النيران في عربة ترامواي وفي إيسون جنوب باريس أشعلت مجموعة من الأشخاص النار في حافلة بعد إنزال الركاب منها، وفق ما أفادت مصادر في الشرطة.
وفي سين-سان-دوني شمال شرقي العاصمة، قامت مجموعة من مثيري الشغب بعمليات تخريب كثيرة لأبنية.
حظر تجوال
ورداً على هذا الوضع، أعلنت بلدة كلامار، الخميس، فرض حظر تجوال من الساعة 21:00 حتى الساعة 06:00 اليوم التالي، من الخميس إلى صباح الإثنين.
كما ستتوقف، في جميع المنطقة الباريسية، حركة الحافلات والترام التي تم استهدافها ليل الأربعاء إلى الخميس، اعتباراً من الساعة التاسعة مساء الخميس.
أعلنت الحكومة الفرنسية نشر 40 ألف شرطي ودركي، مساء الخميس، في أرجاء فرنسا من بينهم خمسة آلاف في باريس وضواحيها القريبة، لمواجهة أعمال شغب محتملة مرتبطة بمقتل الفتى.
وكانت فرنسا مرات عدة مسرحاً لأعمال شغب في المدن إثر مقتل شبان يتحدرون في غالبيتهم من أصول مغاربية ومن دول أفريقية أخرى إثر عمليات تدخل للشرطة. وفي 2005، أثار مقتل فتيين كانت تطاردهما القوى الأمنية، أعمال شغب استمرت ثلاثة أسابيع.
وأحيا مقتل نائل الجدل حول سلوك قوات الأمن في فرنسا حيث قتل 13 شخصاً وهو عدد قياسي، في 2022 بعد رفضهم الامتثال لعمليات تدقيق مرورية.
وبحسب المعلومات الأولية في التحقيق، أراد الشاب الرجوع بسيارته ثم التقدم أثناء محاولة سيارتَي شرطة منعه من التقدم من أجل إخضاعه لتفتيش، ما تسبب بإصابة ساقَي شرطي أطلق عليه رصاصة قاتلة في ما بعد، في بلدة سان-يريي-سور-شارنت في ضواحي أنغوليم.
الجزائر تعبر عن صدمتها
عبرت الجزائر، الخميس، عن “صدمتها” للقتل “الوحشي” الذي تعرض له الفتى نائل برصاص أحد عناصر الشرطة، مشيرة إلى أنه أحد مواطنيها.
وجاء في بيان للخارجية الجزائرية “علمت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بصدمة واستياء بوفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأسوي والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بحادثة الوفاة”.
وأضافت البيان أن “وزارة الشؤون الخارجية على ثقة بأن الحكومة الفرنسية ستضطلع بواجبها في الحماية بشكل كامل من منطلق حرصها على الهدوء والأمن اللذين يجب أن يتمتع بهما مواطنونا في بلد الاستقبال الذي يقيمون به”.
وختم البيان أن “الحكومة الجزائرية ما زالت تتابع باهتمام بالغ تطورات هذه القضية المأسوية، مع الحرص الدائم على الوقوف إلى جانب أفراد جاليتها الوطنية في أوقات الشدائد والمحن”.