صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

“الرصاص مثل المطر”.. اشتباكات عين الحلوة تشل صيدا وتكبدها خسائر كبيرة

بقلم : حسين طليس - على وقع هدوء نسبي، يتخلله خروقات متقطعة، وأمل بتثبيت وقف إطلاق النار، تلتقط مدينة صيدا أنفساها الأولى بعد 3 أيام من الاشتباكات العنيفة والمتواصلة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوب لبنان.

وأدت الاشتباكات العنيفة ما بين عناصر من حركة “فتح” ومجموعات إسلامية مسلحة في المخيم إلى إلحاق أضرار واسعة بالمدينة، التي بدت الحركة فيها شبه متوقفة تماما لليوم الثاني على التوالي في ظل تساقط للرصاص الطائش والقذائف العشوائية في أنحاء مختلفة من المدينة. 

واندلعت الاشتباكات، الأحد، إثر مقتل مسؤول الأمن الوطني في المخيم، القيادي بحركة فتح، أبو أشرف العرموشي، مع 4 من مرافقيه بعد تعرضهم لكمين مسلح في منطقة حي البستان في مخيم عين الحلوة، الذي يعتبر أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وأدت الاشتباكات حتى الساعة إلى مقتل 11 شخصا وإصابة أكثر من 40 بحسب بيان صادر عن وكالة “الأونروا” لغوث اللاجئين.

وبحسب الوكالة الأممية فإن العنف المسلح في المخيم يؤثر على المدنيين بمن فيهم الأطفال ويتسبب بفرار العائلات بحثا عن الأمان، حيث أجبر أكثر من 2000 شخص على الفرار خارج المخيم، فيما فتحت “الأونروا” مدارسها لإيواء العائلات النازحة بمساعدة متطوعين حيث تؤمن “الفرش والغذاء والماء ومستلزمات النظافة والدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية”.

وبينما تعرضت مدرستان تابعتان للوكالة لأضرار نتيجة الاشتباكات، فقد تم تعليق جميع خدماتها في المخيم “بشكل مؤقت”، ودعت الأونروا المسلحين إلى “احترام حرمة جميع مباني ومرافق الأونروا وفقا للقانون الدولي”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

الرصاص مثل الشتاء

وخلت شوارع صيدا اليوم من المارة والسيارات، بعدما سجلت إصابات عدة بالرصاص الطائش والقذائف العشوائية، وأغلقت الإدارات الرسمية أبوابها بقرار من محافظة الجنوب، لاسيما الدوائر الواقعة على مقربة من المخيم ومناطق الاشتباك، ومنها بلدية صيدا والسراي الحكومي والجامعة اللبنانية ومدارس المدينة ومؤسساتها التجارية، كما جرى إغلاق مستشفى صيدا الحكومي بشكل كامل ونقل جميع المرضى منها إلى المستشفيات المجاورة، بسبب قربها من الاشتباكات.

“ينزل علينا الرصاص مثل الشتاء” يقول مختار حارة صيدا، مصطفى الزين، في حديثه لموقع “الحرة”، ويضيف أن قذيفة صاروخية سقطت أيضاً بالقرب من الحي، لافتاً إلى أن ساعات النهار الأولى فقط أسفرت عن رصد 10 رصاصات تساقطت في حارة صيدا قرب أشخاص يتجولون أو في منازلهم، “أنا سقطت أمامي رصاصة اليوم، لا يمكن استمرار هذا الأمر الذي يهدد كل المدينة وأهلها، الناس تتململ وتشعر بالامتعاض من هذا الوضع”.

ورصدت مقاطع مصورة لتساقط الرصاص الطائش على الناس بشكل مفاجئ وعشوائي، حيث بينت إحدى المقاطع المنتشرة، إصابة مواطن لبناني مقابل السرايا في صيدا خلال دخوله إلى أحد المحال التجارية، فيما أظهرت منشورات وصور أخرى إصابة سيارات وحافلات لنقل الركاب، خلال المرور في المدينة.

كما سقطت قذيفة صباحاً في سوق “الحسبة” لبيع الخضار بالجملة، والذي يؤمن حاجات المدينة وجوارها ومناطق عدة جنوب لبنان من الخضار والفاكهة، ما دفع أصحاب المؤسسات والمحال إلى إغلاقها وإخلاء المكان.

لم يتوجه أحد في صيدا إلى عمله اليوم، وفق ما يؤكد الزين، ويلفت إلى أن السكان لم يناموا طوال الليل بسبب أصوات القصف والرصاص، “وكأن المعركة في صيدا”.

ويعمل مختار حارة صيدا بالتنسيق مع أحزاب وفعاليات وشباب في المنطقة على منع تجول الناس حرصا على سلامتهم، حيث يوزع شباناً في الأحياء لحث الناس على التزام منازلهم، ويفيد عن التزام كبير في المقابل.

ويوضح رئيس بلدية صيدا، محمد السعودي، من جهته أن مساحة المخيم الجغرافية صغيرة جداً بحيث لا تتجاوز الكيلومتر المربع الواحد، أي أن مدى الرصاص والقذائف المستخدمة في المعارك الجارية، ستتخطاه حكما إن لم تصب هدفها، “خاصة وأن أسلحة ثقيلة باتت تستخدم في المعركة، من قذائف هاون وصواريخ كاتيوشا وقذائف صاروخية”.

من جهته يؤكد الزين أن هنالك أطفال ونساء وعجزة تضرروا وأصيبوا نتيجة الاشتباكات، “دون ذنب لهم”، وهناك المئات ممن خرجوا من المخيم إلى المصليات والجوامع ولا أحد يلتفت لهم، خاصة أنهم من الفقراء ومعدومي الحال بالأصل وازدادت اليوم مشكلتهم بعد تهجيرهم من بيوتهم.

عائلات تنزح والأطفال مرعوبون

علي البيطار، وهو أحد سكان صيدا، والد لطفلين، يروي لموقع “الحرة” مدى تأثر الأطفال في المدينة بالاشتباكات وأصوات القصف، حيث عمت حالة من الرعب والهلع في صفوف الصغار الذين لم يناموا ليلتهم بدورهم بسبب الأصوات.

وينقل البيطار حالة تململ وغضب كبيرة في أوساط سكان المدينة بسبب الوضع المستجد، والذي يأتي في ظل ظروف شاقة يعاني منها الناس، يقول “الناس هنا غاضبة وهناك نقمة كبيرة لذلك”، موضحاً أن الهيئات الاجتماعية والسياسية في المدينة تبذل قصارى جهدها لتهدئة الأمور وتهدئة الناس التي “ما عادت قادرة على السكوت عن الموضوع”.

وتوجه عدد كبير من سكان مخيم عين الحلوة والمناطق المجاورة له في صيدا إلى المساجد والساحات العامة والحدائق للاحتماء من الاشتباكات، فيما نزح آخرون بشكل كامل عن المدينة إلى القرى المحيطة بها.

“باقي الناس في منازلهم، ينتظرون الفرج، والمدينة مشلولة تماماً، كل الطرق مغلقة ومحولة”، حتى محطات الوقود، تغلق أبوابها بحسب البيطار، خشية إصابتها بقذائف أو رصاص ما قد يتسبب بكارثة.

المستشفيات والمراكز الطبية والمدارس لم تسلم هي الأخرى أيضاً من تداعيات الاشتباكات، وسقطت قذيفة في جادة نبيه بري بالقرب من مجمع مختبرات صحية وعيادات طبي، وتعرض مستشفى الهمشري أيضاً لأضرار نتيجة الرصاص والقذائف.

وكان النائب عن مدينة صيدا، عبد الرحمن البزري، قد واكب عملية إخلاء المستشفى الحكومي في صيدا من نزلائها المرضى.

ويشرح لموقع “الحرة” أنه تم بالأمس نقل كافة المرضى من مستشفى صيدا الحكومي إضافة إلى مرضى غسيل الكلى الذين يعتمدون على المستشفى الحكومي، وجرى توزيعهم على 3 مستشفيات حكومية في سبلين وجزين والنبطية، فيما توزع مرضى العناية الفائقة أيضاً على مستشفيات حكومية وخاصة.

ويلفت إلى أن المستشفى الحكومي في صيدا كان يضم قسم عناية فائقة للأطفال، “عانينا كي نجد لهم مكاناً آخر، ونجحنا اليوم في ذلك”.

خسائر كبيرة.. بلا تعويض

يتأسف البيطار على الموسم السياحي الواعد الذي “ضيعوه على المدينة”، لافتاً إلى أن صيدا كانت تشهد خلال الشهر الماضي حركة نشطة جداً لاسيما عند واجهتها البحرية حيث المقاهي والكورنيش البحري وسوق المدينة القديم، كانوا يغصون بالسياح وأبناء المدينة وجوارها الذين يرتادونها بكونها المتنفس شبه الوحيد لهم، “الآن فارغة والمقاهي مقفلة ولا أحد يجرؤ على التجول”.

هاجس يتكرر على لسان رئيس بلدية صيدا، الذي يعبر عن خوفه على الموسم السياحي في المدينة، بعدما كان قد انطلق بشكل مقبول وحقق حركة جيدة، خاصة وأن التوتر بات مربوطا بصيدا، وشهدت الناس سقوط قتلى وجرحى، ما من شأنه أن يخيفهم من ارتياد المدينة مجددا.

ويضيف السعودي “حتى سكان ضواحي المدينة والقرى المجاورة ما عادوا يجرؤون على النزول إلى المدينة ويتجنبون المرور منها في ظل عشوائية انهمار القذائف والرصاص”.

ويشرح أن المنطقة التجارية والسياحية في صيدا مغلقة تماماً، فيما القوى الأمنية حولت السير إلى الطريق البحرية وبالتالي “المدينة مشلولة، لا أحد يغادر منزله إلا في حالات الطوارئ، خاصة في ظل الأصوات المسموعة التي قد تكون مرعبة أكثر من الحقيقة”.

يعدد السعودي الأضرار التي لحقت بالمدينة من حسبة الخضار إلى مدرسة “عائشة أم المؤمنين” التي تأثرت أيضاً وتضررت، هناك أيضاً منطقة مدينة المفروشات، لحق بها أضرار كبيرة نتيجة الرصاص، حتى مكتب رئيس البلدية لم يسلم “تحطم زجاج كل الغرف فيه، نتيجة الرصاص الطائش”.

وبالإضافة إلى زجاج المنازل وزجاج السيارات التي تحطمت، وخزانات المياه التي ثقبها الرصاص، كانت الصرخة الأكبر صادرة عن المتضررين نتيجة إصابة ألواح الطاقة الشمسية بالرصاص الطائش.

وفي ظل إقفال مؤسسات الدولة، ليس أمام الناس مكان لتتوجه بشكواها، لاسيما أصحاب الخسائر المكلفة، كالألواح الشمسية التي يعتبر إصلاحها مكلف جداً، حيث ترتفع الصرخة على مسمع فعاليات المدينة.

وبات يعتمد عدد كبير من اللبنانيين على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في منازلهم نتيجة غياب التغذية الكهربائية التي تقدمها الدولة اللبنانية، وارتفاع أسعار

على وقع هدوء نسبي، يتخلله خروقات متقطعة، وأمل بتثبيت وقف إطلاق النار، تلتقط مدينة صيدا أنفساها الأولى بعد 3 أيام من الاشتباكات العنيفة والمتواصلة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوب لبنان.

وأدت الاشتباكات العنيفة ما بين عناصر من حركة “فتح” ومجموعات إسلامية مسلحة في المخيم إلى إلحاق أضرار واسعة بالمدينة، التي بدت الحركة فيها شبه متوقفة تماما لليوم الثاني على التوالي في ظل تساقط للرصاص الطائش والقذائف العشوائية في أنحاء مختلفة من المدينة. 

واندلعت الاشتباكات، الأحد، إثر مقتل مسؤول الأمن الوطني في المخيم، القيادي بحركة فتح، أبو أشرف العرموشي، مع 4 من مرافقيه بعد تعرضهم لكمين مسلح في منطقة حي البستان في مخيم عين الحلوة، الذي يعتبر أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وأدت الاشتباكات حتى الساعة إلى مقتل 11 شخصا وإصابة أكثر من 40 بحسب بيان صادر عن وكالة “الأونروا” لغوث اللاجئين.

اشتباكات مستمرة في عين الحلوة.. وجهود لـ”إعادة الأمور إلى طبيعتها”
أفادت مراسلة الحرة في محيط مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان باستمرار الاشتباكات مع تركزها في حي الطوارئ، معقل حركة “فتح”، مشيرة إلى سقوط تسعة قتلى ونحو 50 جريحا منذ بدء الاشتباكات السبت

وبحسب الوكالة الأممية فإن العنف المسلح في المخيم يؤثر على المدنيين بمن فيهم الأطفال ويتسبب بفرار العائلات بحثا عن الأمان، حيث أجبر أكثر من 2000 شخص على الفرار خارج المخيم، فيما فتحت “الأونروا” مدارسها لإيواء العائلات النازحة بمساعدة متطوعين حيث تؤمن “الفرش والغذاء والماء ومستلزمات النظافة والدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية”.

وبينما تعرضت مدرستان تابعتان للوكالة لأضرار نتيجة الاشتباكات، فقد تم تعليق جميع خدماتها في المخيم “بشكل مؤقت”، ودعت الأونروا المسلحين إلى “احترام حرمة جميع مباني ومرافق الأونروا وفقا للقانون الدولي”.

الرصاص مثل الشتاء

وخلت شوارع صيدا اليوم من المارة والسيارات، بعدما سجلت إصابات عدة بالرصاص الطائش والقذائف العشوائية، وأغلقت الإدارات الرسمية أبوابها بقرار من محافظة الجنوب، لاسيما الدوائر الواقعة على مقربة من المخيم ومناطق الاشتباك، ومنها بلدية صيدا والسراي الحكومي والجامعة اللبنانية ومدارس المدينة ومؤسساتها التجارية، كما جرى إغلاق مستشفى صيدا الحكومي بشكل كامل ونقل جميع المرضى منها إلى المستشفيات المجاورة، بسبب قربها من الاشتباكات.

“ينزل علينا الرصاص مثل الشتاء” يقول مختار حارة صيدا، مصطفى الزين، في حديثه لموقع “الحرة”، ويضيف أن قذيفة صاروخية سقطت أيضاً بالقرب من الحي، لافتاً إلى أن ساعات النهار الأولى فقط أسفرت عن رصد 10 رصاصات تساقطت في حارة صيدا قرب أشخاص يتجولون أو في منازلهم، “أنا سقطت أمامي رصاصة اليوم، لا يمكن استمرار هذا الأمر الذي يهدد كل المدينة وأهلها، الناس تتململ وتشعر بالامتعاض من هذا الوضع”.

ورصدت مقاطع مصورة لتساقط الرصاص الطائش على الناس بشكل مفاجئ وعشوائي، حيث بينت إحدى المقاطع المنتشرة، إصابة مواطن لبناني مقابل السرايا في صيدا خلال دخوله إلى أحد المحال التجارية، فيما أظهرت منشورات وصور أخرى إصابة سيارات وحافلات لنقل الركاب، خلال المرور في المدينة.

كما سقطت قذيفة صباحاً في سوق “الحسبة” لبيع الخضار بالجملة، والذي يؤمن حاجات المدينة وجوارها ومناطق عدة جنوب لبنان من الخضار والفاكهة، ما دفع أصحاب المؤسسات والمحال إلى إغلاقها وإخلاء المكان.

لم يتوجه أحد في صيدا إلى عمله اليوم، وفق ما يؤكد الزين، ويلفت إلى أن السكان لم يناموا طوال الليل بسبب أصوات القصف والرصاص، “وكأن المعركة في صيدا”.

ويعمل مختار حارة صيدا بالتنسيق مع أحزاب وفعاليات وشباب في المنطقة على منع تجول الناس حرصا على سلامتهم، حيث يوزع شباناً في الأحياء لحث الناس على التزام منازلهم، ويفيد عن التزام كبير في المقابل.

ويوضح رئيس بلدية صيدا، محمد السعودي، من جهته أن مساحة المخيم الجغرافية صغيرة جداً بحيث لا تتجاوز الكيلومتر المربع الواحد، أي أن مدى الرصاص والقذائف المستخدمة في المعارك الجارية، ستتخطاه حكما إن لم تصب هدفها، “خاصة وأن أسلحة ثقيلة باتت تستخدم في المعركة، من قذائف هاون وصواريخ كاتيوشا وقذائف صاروخية”.

من جهته يؤكد الزين أن هنالك أطفال ونساء وعجزة تضرروا وأصيبوا نتيجة الاشتباكات، “دون ذنب لهم”، وهناك المئات ممن خرجوا من المخيم إلى المصليات والجوامع ولا أحد يلتفت لهم، خاصة أنهم من الفقراء ومعدومي الحال بالأصل وازدادت اليوم مشكلتهم بعد تهجيرهم من بيوتهم.

عائلات تنزح والأطفال مرعوبون

علي البيطار، وهو أحد سكان صيدا، والد لطفلين، يروي لموقع “الحرة” مدى تأثر الأطفال في المدينة بالاشتباكات وأصوات القصف، حيث عمت حالة من الرعب والهلع في صفوف الصغار الذين لم يناموا ليلتهم بدورهم بسبب الأصوات.

وينقل البيطار حالة تململ وغضب كبيرة في أوساط سكان المدينة بسبب الوضع المستجد، والذي يأتي في ظل ظروف شاقة يعاني منها الناس، يقول “الناس هنا غاضبة وهناك نقمة كبيرة لذلك”، موضحاً أن الهيئات الاجتماعية والسياسية في المدينة تبذل قصارى جهدها لتهدئة الأمور وتهدئة الناس التي “ما عادت قادرة على السكوت عن الموضوع”.

وتوجه عدد كبير من سكان مخيم عين الحلوة والمناطق المجاورة له في صيدا إلى المساجد والساحات العامة والحدائق للاحتماء من الاشتباكات، فيما نزح آخرون بشكل كامل عن المدينة إلى القرى المحيطة بها.

“باقي الناس في منازلهم، ينتظرون الفرج، والمدينة مشلولة تماماً، كل الطرق مغلقة ومحولة”، حتى محطات الوقود، تغلق أبوابها بحسب البيطار، خشية إصابتها بقذائف أو رصاص ما قد يتسبب بكارثة.

المستشفيات والمراكز الطبية والمدارس لم تسلم هي الأخرى أيضاً من تداعيات الاشتباكات، وسقطت قذيفة في جادة نبيه بري بالقرب من مجمع مختبرات صحية وعيادات طبي، وتعرض مستشفى الهمشري أيضاً لأضرار نتيجة الرصاص والقذائف.

وكان النائب عن مدينة صيدا، عبد الرحمن البزري، قد واكب عملية إخلاء المستشفى الحكومي في صيدا من نزلائها المرضى.

ويشرح لموقع “الحرة” أنه تم بالأمس نقل كافة المرضى من مستشفى صيدا الحكومي إضافة إلى مرضى غسيل الكلى الذين يعتمدون على المستشفى الحكومي، وجرى توزيعهم على 3 مستشفيات حكومية في سبلين وجزين والنبطية، فيما توزع مرضى العناية الفائقة أيضاً على مستشفيات حكومية وخاصة.

ويلفت إلى أن المستشفى الحكومي في صيدا كان يضم قسم عناية فائقة للأطفال، “عانينا كي نجد لهم مكاناً آخر، ونجحنا اليوم في ذلك”.

خسائر كبيرة.. بلا تعويض

يتأسف البيطار على الموسم السياحي الواعد الذي “ضيعوه على المدينة”، لافتاً إلى أن صيدا كانت تشهد خلال الشهر الماضي حركة نشطة جداً لاسيما عند واجهتها البحرية حيث المقاهي والكورنيش البحري وسوق المدينة القديم، كانوا يغصون بالسياح وأبناء المدينة وجوارها الذين يرتادونها بكونها المتنفس شبه الوحيد لهم، “الآن فارغة والمقاهي مقفلة ولا أحد يجرؤ على التجول”.

هاجس يتكرر على لسان رئيس بلدية صيدا، الذي يعبر عن خوفه على الموسم السياحي في المدينة، بعدما كان قد انطلق بشكل مقبول وحقق حركة جيدة، خاصة وأن التوتر بات مربوطا بصيدا، وشهدت الناس سقوط قتلى وجرحى، ما من شأنه أن يخيفهم من ارتياد المدينة مجددا.

ويضيف السعودي “حتى سكان ضواحي المدينة والقرى المجاورة ما عادوا يجرؤون على النزول إلى المدينة ويتجنبون المرور منها في ظل عشوائية انهمار القذائف والرصاص”.

ويشرح أن المنطقة التجارية والسياحية في صيدا مغلقة تماماً، فيما القوى الأمنية حولت السير إلى الطريق البحرية وبالتالي “المدينة مشلولة، لا أحد يغادر منزله إلا في حالات الطوارئ، خاصة في ظل الأصوات المسموعة التي قد تكون مرعبة أكثر من الحقيقة”.

يعدد السعودي الأضرار التي لحقت بالمدينة من حسبة الخضار إلى مدرسة “عائشة أم المؤمنين” التي تأثرت أيضاً وتضررت، هناك أيضاً منطقة مدينة المفروشات، لحق بها أضرار كبيرة نتيجة الرصاص، حتى مكتب رئيس البلدية لم يسلم “تحطم زجاج كل الغرف فيه، نتيجة الرصاص الطائش”.

وبالإضافة إلى زجاج المنازل وزجاج السيارات التي تحطمت، وخزانات المياه التي ثقبها الرصاص، كانت الصرخة الأكبر صادرة عن المتضررين نتيجة إصابة ألواح الطاقة الشمسية بالرصاص الطائش.

وفي ظل إقفال مؤسسات الدولة، ليس أمام الناس مكان لتتوجه بشكواها، لاسيما أصحاب الخسائر المكلفة، كالألواح الشمسية التي يعتبر إصلاحها مكلف جداً، حيث ترتفع الصرخة على مسمع فعاليات المدينة.

وبات يعتمد عدد كبير من اللبنانيين على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في منازلهم نتيجة غياب التغذية الكهربائية التي تقدمها الدولة اللبنانية، وارتفاع أسعار الاشتراك مع مولدات الكهرباء الخاصة، فيما يتراوح معدل تكلفة تركيب ألواح الطاقة الشمسية ما بين 5 إلى 7 آلاف دولار، حيث يعمد كثيرون إلى الاستدانة من أجل تأمينها.

يؤكد مختار حارة صيدا أن أكثر من 25 مشروع طاقة شمسية للمنازل تعطلت وتحطمت نتيجة تساقط الرصاص الطائش عليها، ويسأل: “من يعوض عليهم؟ الناس تتصل بي بكوني المختار ولا أعلم ماذا أقول لهم، أغلبهم يدفعون ثمن الألواح بالتقسيط حتى اليوم.

ويضيف “الطقس حار جداً، والكهرباء مقطوعة، والناس لا تحتمل نفسها فكيف باشتباكات استجدت وزادت من معاناتهم”.

وفي هذا الإطار يوضح السعودي أنه لا معلومات حول التعويض على الناس حتى الآن، “فيما التجارب علمتنا أن لا أحد يعوض على أحد”، مضيفاً أن الدولة عاجزة اليوم عن التعويض، والأونروا غير قادرة بدورها فيما لا تستطيع إتمام أعمالها في المخيمات نتيجة نقص التمويل، “وبالتالي ما من أمل بتعويضات على الناس”.

ويذكّر رئيس بلدية صيدا أيضاً بخسائر خزانات المياه، التي سبق أن شكلت أزمة في الماضي بسبب اشتباكات مشابهة شهدها المخيم وأدت إلى تضرر أعداد كبيرة من خزانات المياه على أسطح الأبنية، واليوم تعود لتتسبب بمعاناة إضافية على الناس في ظل الصيف والحر والحاجة الماسة إلى المياه، فيما تكلفة الخزان اليوم أعلى من قدرة الكثير من المواطنين.

هدنة هشة

وشهدت مدينة صيدا اليوم حراكاً سياسياً وأمنياً على خط إعلان وقف إطلاق نار، وهو ما حصل بعد اجتماع ضم ممثلين عن الفصائل الفلسطينية وأحزاب لبنانية ونواب المنطقة، أعلن على إثره وقف لإطلاق النار، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا بعد أكثر من 4 ساعات على إعلانه، وحافظ على صموده حتى منتصف الليل، حيث تجددت الاشتباكات.

وهو ثالث إعلان لوقف إطلاق النار يجري التوصل إليه دون النجاح في تثبيته.

ويضع النائب البزري آمالاً على الإعلان الجديد انطلاقاً من أن الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح خصوصاً، تسعى لهذه التهدئة ولديهم رغبة بتثبيت وقف إطلاق النار، ويفيد بأن تعميماً وصل من السفير الفلسطيني في لبنان، أشرف دبور، لجميع عناصر الأمن الوطني ومنظمة التحرير بالتزام وقف إطلاق النار، “ولكن حتى الآن الأمور لم تحسم بعد”.

ويوضح البزري أن هذا الاتفاق مرتبط باتفاقات أخرى مثل تشكيل لجنة تحقيق في اغتيال العرموشي، ولجنة مشرفة على وقف إطلاق النار، “ثم الشق الأصعب والذي قد يطول” وهو تسليم المطلوبين الذين نفذوا الكمين يوم الأحد.

ويلفت إلى أن أحزابا لبنانية بينها حركة أمل وفعاليات فلسطينية ولبنانية تبذل جهوداً كبيرة لتثبيت وقف إطلاق النار، وهي على تواصل مع السفارة الفلسطينية وقيادة فتح والمجموعات الإسلامية.

ويكشف النائب عن مدينة صيدا أنه سيكون هناك موقف واضح وجامع لمدينة صيدا في دار الفتوى، الثلاثاء، يشارك فيه نواب المدينة والقوى السياسية الرئيسية فيها، إضافة إلى علماء دين لاتخاذ موقف باسم مدينة صيدا حماية للمواطنين اللبنانيين والفلسطينيين وللمدينة ومخيمها ومحيطها، والدعوة إلى عدم تكرار هذه الأحداث وإدانة المرتكبين.

نقمة كبيرة

وقد أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي نقمة كبيرة لدى اللبنانيين عموماً وأبناء مدينة صيدا خصوصاً على الفصائل المتصارعة في المخيم، بسبب الأضرار والتداعيات التي أدت إليها الاشتباكات، لاسيما في الظروف الصعبة التي يعاني منها لبنان أمنياً واقتصادياً.

ويؤكد كل من تحدث إليهم موقع “الحرة” على أنهم لمسوا هذه النقمة لدى سكان المدينة الذين يطالبون بإنهاء هذه المعركة بأسرع وقت ممكن.

ويقول البزري في هذا السياق إن مدينة صيدا لطالما كانت “حاضنة تاريخية للفلسطينيين، والبيئة الصيداوية متعاطفة جداً، واليوم من يتعرض للخطر هو المواطن الفلسطيني والمواطن اللبناني”، مشيراً إلى وجود علاقة متميزة بين الطرفين في التجارة والاقتصاد والاجتماعيات والروابط العائلية والصداقات.

ويضيف “ولكن اليوم لدى المواطن غريزة البقاء وفي ظل المشاكل التي يعاني منها سواء فلسطيني أو لبناني نحاول حل المشكلة بأقصى سرعة لعدم فسح المجال أمام تولد نوع من الحساسية التي لا داعي لها بين الطرفين”.

ويؤكد النائب في البرلمان اللبناني أنه لا خطر من تمدد الاشتباكات إلى صيدا أو خارج المخيم، “هناك وعي صيداوي كبير في هذا الجانب، وهناك تعامل فلسطيني بمسؤولية عالية من جهتهم”.

ويختم مشيداً “بالدور المميز للجيش اللبناني الذي يقوم به ولو بشكل احتياطي”، لناحية تمترسه واتخاذه إجراءات وقائية لحماية عناصره وحماية المواطنين اللبنانيين.

وكان قد أصيب أحد العسكريين في الجيش اللبناني بجروح جراء الاشتباكات، الاثنين، وعلى الفور، عملت إحدى الهيئات الطبية على نقل المُصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.

كما كان أصيب عددٌ من العسكريين بجروح جراء استهداف إحدى المراكز التابعة لهم عند مدخل المخيم بقذيفة صاروخية.

فيما حذَّرت قيادة الجيش في بيانٍ مقتضب لها، من مغبة تعريض مراكزه العسكرية وعناصره للخطر، مؤكدة أنّ العناصر العسكريّة ستردُّ على مصادر النيران بالمثل.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأنها وسيلة إعلامية بأي شكل من الأشكال بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading