صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

الرجاء ممن يعرف شيئاً عن الطفل عمر | السورية رانيا تبحث عن أثر لبنانيات اعتقلنَ: هذه وصيّة شيرين…

بقلم : نوال نصر | في الثامن من كانون الأول عام 2024 تقهقر نظام الأسد وطار المجرم بشار. وها نحن اليوم في الخامس من شباط 2025. ستون يوماً مضت على ذاك اليوم الذي جُبل فيه الفرح بالأمل بزوال الطغيان وتحرير المعتقلين. ولكن...

…ونسيناهم (نّ)؟ لا، لن ننساهم (نّ). وإن كانت دولتنا قد فعلت. في سجن النساء في فرع فلسطين رقم 235 التقت المعتقلة السورية رانيا عبد الوهاب من ريف اللاذقية لبنانيتين معتقلتين: شيرين مصطفى ونعمت العتر. هناك عاشت الصبايا أفظع اللحظات. رانيا، الطالبة الجامعية اليوم، التي تحررت، غير قادرة على تجاوز الآثار والذكريات وصديقات الأسى الكبير. هي اليوم تبحث عن صديقتيها اللبنانيتين شيرين ونعمت. فماذا حصل معهن؟ هل ما زلن يتنفسن؟ هل أعدمت شيرين؟ وماذا عن طفل شيرين عمر الذي أنجبته في فرع فلسطين؟

بالصدفة، وصلنا إلى رانيا. بدت قلقة جداً على رفيقتيها. وتخبر “شيرين مصطفى، اللبنانية التي تزوجت من سوري من حمص، قتل على أيدي جيش النظام، سجنت في فرع فلسطين وحكم عليها بالإعدام عام 2021. شيرين من طرابلس أو من صيدا. اختلط اسم المدينة اللبنانية على رانيا التي باتت ذاكرتها، بعد كل عذاباتها، صفراً. هي تنقلت مع شيرين – التي أصبحت صديقة وثيقة لها، بين فرع فلسطين وسجن بعدرا المركزي. تهمة رانيا الأولى كانت تقديم الإسعافات الأولية إلى الثوار. وألصقت بها لاحقاً – كما كان يحصل دائماً – تهم بالجملة. ووقّعت- كما كل الأخريات- على ورقة بيضاء باعترافات دونت باسمها لا تعرف عنها حتى اللحظة شيئاً. أما تهمة اللبنانية شيرين فكانت أنها ساندت زوجها السوري الثائر على نظام الأسد. بقيت شيرين في فرع فلسطين سنتين ونقلت إلى سجن عدرا ثمانية أشهر. أنجبت صبياً. سمته المعتقلات عمر. كبر معهن وكان ينادي عليه السجانون برقم صفر. أما شيرين فحملت الرقم 2 ورانيا الرقم 8. هناك يتغير كل شيء حتى الأسماء.

البنات يتستّرن عن حجم العذاب

اللبنانية المعتقلة شيرين صماء، فقدت سمعها، لكنها قادرة على الكلام. تعرضت في أقبية الاعتقال السورية إلى تعذيب كثير. وكانت تُضرب ضرباً مبرحاً حتى إذا بكى طفلها عمر. تعرضت الصبايا إلى تعذيب شديد. أصبنَ بأمراضٍ شتى. أصيبت رانيا بالسلّ. لكن ماذا عن الاعتداءات الجنسية؟ تجيب رانيا “البنات كنّ يرفضن الاعتراف بذلك ويتستّرن على بعضهنّ”.

لكن، ماذا حصل مع اللبنانيتين شيرين ونعمت؟ تتذكر رانيا “في العام 2021 اقتيدت شيرين إلى المحكمة الميدانية ورجعت مطمئنة. أخبرتنا أن من يسمى القاضي طرح سؤالاً واحداً عليها لكنها لم تسمع ما قال فأعيدت إلى “المهجع” حيث هنّ. كانت مطمئنة إلى أنها لم تقترف ذنباً. بعد نحو شهرين أتى الضابط المسؤول عن معتقل بعدرا وطلب من شيرين توضيب أغراضها وأغراض ابنها عمر. طارت من الفرح. ظنّت أنه سيخلى سبيلهما. وإن كانت تخشى في آن واحد من رد فعل أهلها حين تعود إلى لبنان بعد أن ذهبت “خطيفة” مع رجل سوري. حاولت رانيا طمأنتها إلى أن الحياة لا بُدّ أن تعود وتضحك لها، مهما كان ردّ فعل أهلها، وستعيش وعمر خارج جهنم. جمعت الصبايا المعتقلات ما لديهنّ من مال لتتمكن شيرين وولدها من السفر إلى لبنان لكن الضابط ضحك كثيراً قائلاً: الذاهب إلى الإعدام يحتاج إلى مال؟ حينها نظرت شيرين إلى رانيا، إلى عيني رانيا، قائلة: إذا لم أعد وصيتي إلك عمر. خرجت شيرين محتضنة عمر ولم يعودا.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

أين عمر؟

رانيا اليوم خرجت إلى الحرية وتبحث “بالسراج والفتيلة” عن عمر وتقول “ربما أعطوه إلى جمعية “أس أو أس”. ربما أعدموه مع أمه. وربما ما زالا حيّين. من يدري. وتتذكر شيئاً: “كانت معنا اللبنانية نعمت العتر. كنا نناديها أم عبد الرحمن. دخلت إلى السجن ومعها طفلان: عبد الرحمن وعبدالله. الأخير وصل إلى المعتقل بعمر 6 أشهر وخرج من بيننا بعمر سبعة أعوام. قيل لنا إنه قد أطلق سراحها مع ولديها. من يدري”. رانيا تحاول اليوم البحث عن نعمت العتر – صديقة شيرين وكاتمة أسرارها. كنّ لصيقات في المعتقل. فلربما معرفة مصير نعمت يكشف مصير شيرين أو على الأقل مصير طفلها عمر.

كنّ في فرع فلسطين 49 فتاة “لبنانيات وسوريات وتركيات وروسيات وعراقيات”.

بحثنا بدورنا عن نعمت العتر. بحثنا كثيراً. فوجدنا اسمها تردد مرة على لسان الناجية ربى قطشه تحت عنوان “الحاضر يعلم الغايب” التي سعت إلى الوصول بدورها إلى عائلة اللبنانية المعتقلة مع زوجها وطفليها في فرع فلسطين. وفي التفاصيل “وصلت نعمت إلى سجن بعدرا مع طفليها عبودة وعمر بعدما أمضوا ثلاثة أشهر في فرع فلسطين. اعتقلت العائلة في طريقها من لبنان إلى تركيا مروراً بسوريا، بحجة أن شقيق نعمت متهم بالإرهاب. في البداية، اعتقد الجميع أن القاضي أخلى سبيلهم لكنهم عادوا وفوجئوا أنهم أعيدوا إلى فرع فلسطين بعدما تحفظ النظام عليهم. توفي شقيق نعمت أما هي وعائلتها فدفعوا الثمن اعتقالاً”.

تُرى، هل ما زالت شيرين ونعمت حيّتين ترزقان؟ هل عادتا مع أطفالهن إلى لبنان؟ هل أعدمت شيرين؟ رانيا – وسواها من المعتقلات السوريات في الزمن البائد – يصررنَ على البحث عن من أصبحن صديقاتهن في أيام الذل والتعذيب. ورجاؤهنّ: همتكم معنا لاكتشاف مصير شيرين ونعمت.

نعمت في لبنان

اتصلنا بـ ربى فقالت إن شقيقة نعمت أخبرتها أنها خرجت من المعتقل. أما شيرين فلا خبر يقيناً عنها. قد يكون النظام نفذ حكمه بها. لكن ماذا عن طفلها عمر؟ ما تتمناه السورية رانيا أن تساعدها نعمت في الكشف عن مصير طفل شيرين على الأقل كما أوصتها الأخيرة.

ومثل نعمت وشيرين المئات، من المعتقلات والمعتقلين، ممن يفترض الكشف عن مصيرهم، لكننا، للأسف، أولاد اللحظة. تمرّ فننهمك بأمورٍ كثيرة أخرى تُمطر علينا من كلِ الجهات. والمجرمون يراهنون دائماً على أن ننسى. 

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading