تستمر إسرائيل في حربها الموسعة على لبنان التي أطلقتها في 23 سبتمبر الماضي، وجديدها عمليات في العمق اللبناني مثل الإنزال البحري في ساحل البترون وخطف مواطن تردد انه ينتمي إلى «حزب الله»، فضلا عن استهداف نقاط حدودية برية مع سورية في محافظة عكار الشمالية، ضمن سياسة قطع المعابر البرية الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسورية، علما أنها المرة الاولى التي تستهدف فيها محافظة عكار في الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله» منذ فتح الأخير «جبهة إسناد» لغزة في 8 أكتوبر 2023، بعد يوم من شن حركة «حماس» عملية «طوفان الأقصى» في مستوطنة غلاف غزة الإسرائيلية.
ويعمل الجيش الإسرائيلي على بنك أهداف تصاعدي في حرب غير معروف تاريخ الوصول فيها إلى هدنة تمهد لوقف إطلاق النار. وهي حرب لن تنتهي بطبيعة الحال برابح صريح وخاسر كامل، لذا يمضي الجيش الإسرائيلي في ضرب البنية العسكرية واللوجستية للحزب، ويركز بشكل أساسي على قطع طرق إمداده بالسلاح، وتكريس ما يصح وصفه بـ «نقاط مراقبة» للمرحلة التي تلي «اليوم التالي» لنهاية الحرب.
وفي موازاة الضربات الإسرائيلية الجديدة، انسحب الجيش الإسرائيلي من بلدات حدودية لبنانية كان تقدم إليها، مثل بلدة الخيام، بعدما جوبه بمقاومة من الحزب من جهة، وبعد تدميره غالبية بلدات الحافة الحدودية الأمامية، وتحويلها أرضا مكشوفة للمنطقة العازلة التي يسعى إليها بعد نهاية الحرب من جهة أخرى.
وجاءت عملية الكوماندوس البحرية لتزيد من الحملة السياسية والاعلامية على القوات الدولية العاملة في لبنان ««اليونيفيل» التي تعرضت لانتقادات واسعة في الفترة الأخيرة، وخصوصا البحرية الألمانية، بتهمة التعاون مع إسرائيل بعدما أسقطت سفينة ألمانية مسيرة لـ «حزب الله» الأسبوع الماضي.
وسأل وزير الاشغال في حكومة تصريف الاعمال علي حمية الذي يمثل الحزب في الحكومة: «إذا ثبت أن عملية الاختطاف المتعلقة بعماد أمهز، قد تمت عبر الإنزال البحري فأين تطبيق القرار 1701، خصوصا أن مهمة «اليونيفيل» هي مراقبة الشاطئ بشكل دوري؟».
القوات الدولية نفت أي تجاوز لمهماتها، وأكدت أن البحرية التابعة لليونيفيل تتحرك وفقا للقرار 1701، مشيرة إلى أنها ليست ألمانية حصرا، فهي مكونة من خمس دول هي: تركيا واليونان واندونيسيا وبنغلاديش إضافة إلى ألمانيا، وهي لا تتدخل مباشرة مع السفن في البحر، بل تبلغ الجيش اللبناني إذا ساورها الشك حول أي سفينة وهو الذي يتولى الكشف والتفتيش.
وكثفت الاتصالات لمعرفة كيفية وصول «الكوماندوس الإسرائيلي البحري» إلى البترون، وكيف تجاوز كل القوى الأمنية الدولية واللبنانية، مع تساؤلات اذا كانت القوات الدولية غضت الطرف عنها كما المح البعض. غير ان نائبة المتحدث باسم القوات الدولية كانديس ارديل شددت على ان «اليونيفيل» لم تتورط في أي انتهاك لمهامها وهدفها حماية لبنان، وتطبيق القرار 1701، ولم ترصد أي تحرك غير عادي في البحر، وكذلك هي في تعاون دائم مع الجيش اللبناني.
في المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في عظة الأحد الأسبوعية من الصرح البطريركي في بكركي: «الشعب هو مصدر السلطات، وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية.
وانطلاقا من هذا التأكيد في الدستور، نتساءل: أين رأي الشعب في التمادي بعدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنتين كاملتين؟ أين رأي الشعب بعدم انتظام المؤسسات الدستورية وفي طليعتها مجلس النواب الذي أصبح هيئة انتخابية لا تشريعية، ومجلس الوزراء المحدود الصلاحيات والذي يقاطعه عدد من الوزراء؟ أين رأي الشعب في الحرب المدمرة بين حزب الله وإسرائيل، إنه حتما ضدها لأنه هو ثمنها: ضحايا من المدنيين رجالا ونساء وأطفالا، وكأننا أمام حرب إبادة، تستعمل فيها أحدث الأسلحة والصواريخ، من دون شفقة ورحمة. الشعب ضد هذه الحرب التي دمرت المنازل والمؤسسات ودور العبادة، والتي هجرت ما يزيد على المليون ونصف المليون مهجر. وتبدد اقتصاده وماله وعمله ووظيفته. وفوق ذلك لا وقف لإطلاق النار، بل المزيد من الضحايا والتدمير والنزوح والجرحى بعشرات الألوف. فإلى متى؟ في الحرب الجميع خاسر ومنهزم ومكسور!».
وأضاف الراعي: «النزوح سيكون، إذا أهمل، سببا للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية بين المواطنين. فيجب المزيد من الوعي، والمحافظة على الأملاك الخاصة، وعلى العيش المشترك. وإننا نحيي المبادرات الإنسانية الداخلية، ونوجه النداء إلى الدول الصديقة، شاكرينها على كرمها في إرسال المساعدات المتنوعة، وطالبين منها مواصلة إرسال المساعدات بروح التضامن، والحس الاجتماعي، من أجل إبعاد شبح الخلافات والتصادم بين النازحين والمقيمين في مختلف المناطق».
ميدانيا، أسفرت غارة إسرائيلية على بلدة حارة صيدا في جنوب لبنان أمس، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة تسعة آخرين بجروح، حسبما أفادت وزارة الصحة اللبنانية، وذلك من دون إصدار إنذار مسبق من الجيش الإسرائيلي.
وقالت الوزارة في بيان «غارة العدو الإسرائيلي على حارة صيدا أدت في حصيلة أولية إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة آخرين بجروح».
وكان الجيش الإسرائيلي أصدر تعليمات إخلاء جديدة لسكان محافظة بعلبك اللبنانية، محذرا من ضربها لوجود مصالح تابعة لحزب الله فيها.