صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

الدستور اللبناني كأداة انقلاب

بقلم : أمجد اسكندر - تختلف "الثورية" الإيرانية عما عداها بأنها تؤمن بدوام التثوير، انطلاقاً من فقه ديني معين. فحتى في إيران هناك "الحرس الثوري" في "الجمهورية"، مع أن المصطلحين لا يستقيمان. في الواقع اللبناني يمكن رصد "الخطة المزدوجة" في أربعة أمثلة نافرة.

على رغم عقيدته بتحويل لبنان إلى “جزء من النظام” القائم في إيران، لا يدعو “حزب الله” إلى ذلك بإسقاط النظام على غرار ما درجت عليه الحركات الثورية. يتبين مما هو حاصل في لبنان والعراق أن أدوات إيران تعتمد مسارين مزدوجين، بحيث تشارك في العملية السياسية لتجني ما أمكن من حصص ومواقع، وفي الوقت ذاته تقيم بنىً عسكرية واقتصادية واجتماعية موازية. هذه الخطة المزدوجة تتيح لها شرعية سياسية من خلال مشاركتها في مؤسسات “الدولة”، وشرعية “ثورية” من خلال رفعها شعارات العداء لإسرائيل وأميركا. وبحكم المنطق تتضاءل مع الأيام “الدولة” بنظامها السياسي القائم، إلى أن تبلغ من الوهن ما لا قدرة لها به على التملص من قبضة “السلاح الثوري”، أكان اسمه “الحشد الشعبي” في العراق أو “المقاومة الإسلامية في لبنان”. وتختلف “الثورية” الإيرانية عما عداها بأنها تؤمن بدوام التثوير، انطلاقاً من فقه ديني معين. فحتى في إيران هناك “الحرس الثوري” في “الجمهورية”، مع أن المصطلحين لا يستقيمان. في الواقع اللبناني يمكن رصد “الخطة المزدوجة” في أربعة أمثلة نافرة.

خلافاً لما نصت عليه “وثيقة الوفاق الوطني” التي اعتمدها الدستور للبنان ما بعد الحرب، احتفظ “حزب الله” بسلاحه بينما نص الاتفاق صراحة على أن تسلم كل الميليشيات سلاحها، لذا بدأت العملية السياسية عرجاء إلى أن أصبحت كسيحة تماماً. وحتى بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000 ظلت الذريعة قائمة إلى حد التلميح ثم التصريح بأن هذا السلاح “أبدي”.

في 2008 اجتاح “حزب الله” بيروت، ووقع عشرات القتلى وحرائق طاولت مؤسسات تابعة لـ”تيار المستقبل” الذي يترأسه سعد الحريري، وامتد الشغب والقتال إلى مناطق مجاورة للعاصمة. هذا العنف المسلح الذي عرف بـ”غزوة 7 أيار” جاء بعد محاولة الحكومة اللبنانية تفكيك شبكة اتصالات أرضية غير شرعية لهذه الجماعة. واقعة السابع من مايو (أيار) العسكرية مكنت “حزب الله” سياسياً، فإضافة إلى احتفاظه بشبكة الاتصالات، انتزع في “اتفاق الدوحة” الذي عُقد إثر ذلك، مكسب “الثلث المعطل” في تشكيل الحكومات. وفي مقابل هذا “العرف” أفرج عن الانتخابات الرئاسية التي عطلها بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل إميل لحود، أحد أهم حلفائه. وتكرست أيضاً “ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة” التي فرضها على كل البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة. وكان من اللافت أن الرئيس ميشال سليمان الذي انتُخب بعد “اتفاق الدوحة”، حين أدلى مرة بكلمة وصف فيها “ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة” بـ”الثلاثية الخشبية”، وصلته وبعد ساعات رسالة تهديد تمثلت بسقوط صواريخ عدة قرب القصر الجمهوري.

تولى رئيس مجلس النواب نبيه بري قضماً آخر من حساب الدستور، وفرض “شريطة سياسية” تقضي بأن يكون وزير المالية في كل الحكومات من الطائفة الشيعية، وبذلك أمسك “الثنائي الشيعي” بقرار التعطيل المالي، أسوة بـ”الثلث المعطل” في السلطة التنفيذية.

بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية، هي المرة الثالثة التي يعطل فيها “حزب الله” هذه الانتخابات، سعياً إلى مكاسب تتكرس عرفاً من دون حاجته إلى المجاهرة أو القضاء على هيكل الدولة القائم. لا تريد هذه الجماعة، ومن يمشي في ركابها، إلا سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وتفرض الحوار المسبق بما يناقض روح الدستور وآلياته وترفض في الوقت ذاته أن يكون هناك مرشح غيره.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

هذا المثل الرابع يوضح “الخطة المزدوجة” بصورة جلية، إذ يفرغ الدستور من مضامينه، ويحصل القضم تحت سقفه المتصدع. فقبل “طوفان الأقصى” في غزة، كان المطلوب هو رئيس “لا يطعن المقاومة”، وبعدما فتح “حزب الله” من دون العودة لقرار الشرعية اللبنانية “جبهة المشاغلة”، أصبحت ورقة الرئيس ضمن الأثمان التي يريدها في “اليوم التالي” لبنانياً.  

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading