فيما «البورصة الرئاسية» رهن «الدوزنة الخماسية» العازفة على أوتار داخليّة وخارجية غير متناغمة رغم ارتفاع منسوب التفاؤل، يفرض تشريع الضرورة للموازنة الذي يسلك طريقه البرلماني، تعاكساً داخل تكتلّ «لبنان القوي». إذ أفادت معلومات «نداء الوطن»، أنّ النائب جبران باسيل قد يستنبط على طريقة غريمه الرئيس نبيه برّي «أرنباً» يُخرجه و«لا يُحرجه»، حيث سيربط مشاركته خلال كلمته في الجلسة باعتماد «فتواه» لجهة تقديم اقتراح قانون معجّل مكرّر يتبنّى مشروع الموازنة، وهو ما يرفضه رئيس المجلس باعتباره «هرطقة دستورية». ورجّحت المصادر أن يغادر باسيل هو وبعض نوّابه بعد أن يلقي كلمته السياسية، فيما يلتحق الآخرون بموازنة 2024.
إذا، تنعقد الهيئة العامة لمجلس النواب اليوم وغداً، بعدما عدّلت لجنة المال والموازنة المشروع الحكومي جذرياً. وتناولت التعديلات 87 مادة من أصل 133، فألغت 46 وعدّلت 73، وأقرت 14 مادة كما وردت في المشروع، أي أنّ التعديل والإلغاء شملا 90% من المشروع الذي قدّمته وزارة المالية التي لم تعترض علناً على التعديلات كأن الأمر لا يعنيها. ما يعني أنّ المعركة المزعومة حول الموازنة وهمية، كما أكدت مصادر معنية. ويتوقع حضور نيابي لافت لإقرارها، كما رحبت الهيئات الاقتصادية، ولا سيما التجار، بالتعديلات، لأنّها تتضمّن إعفاءات ضريبية، وتخفيف من حدّة الرسوم والضرائب التي كانت تضاعفت لمجاراة هبوط سعر صرف الليرة مقابل الدولار. ويذكر أنّ معظم النفقات في الموازنة استهلاكية جارية، ويكاد لا يذكر الشق المتعلق بالإنفاق الاستثماري. كما أنّ المشروع بتعديلاته كرّس مبدأ أن معظم الجباية تأتي من العموم، خصوصاً الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة والرسوم العقارية، مقابل القليل جداً من ضرائب الدخل والأرباح ورؤوس الأموال.
وبالعودة إلى الملف الرئاسي الذي لم ينل حظوة «الإنتخاب الضروري» وفق أحكام الدستور، تنشط حركة ديبلوماسية لافتة إلى جانب سفراء «الخماسية» مع وصول وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس أمس إلى لبنان في زيارة رسمية، بدأها بالسراي الحكومي، يليه اليوم نائب رئيسة الوزراء وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني. وفي ختام المحادثات، تحدّث الوزير الإسباني، حيث قال: «سأقوم بجولة مكثفة هنا في لبنان بدأت بالإجتماع برئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي أتوجه اليه بالشكر. تحدثنا عن الوضع الاقليمي والمحلي». ولفت إلى أنّ «لبنان في صلب مناقشاتنا، وسأزور المنطقة وتهمنا آراء كل هذه الدول».
وفي السياق الديبلوماسي، أشارت مصادر مطّلعة لـ»نداء الوطن» إلى أنّ نشاط السفراء خلال الساعات الأخيرة، يرمي إلى التأكيد على عدم وجود خلافات داخل «الخماسية». وفيما لم يرصد المتابعون لهذه الحركة أي مؤشرات جديدة قد يبنى عليها إستناداً إلى تمترس مواقف القوى اللبنانية، يأمل أعضاء في اللجنة انتخاب رئيس خلال الشهرين المقبلين. هذا التفاؤل، وفق أوساط ديبلوماسية في «الخماسية»، مردّه إلى اهتمام لافت لأحد أعضائها الفاعلين المعنيين تاريخياً بلبنان، وهو الجانب السعودي. والأرجح أنّ التطورات الدراماتيكية والخطيرة في المنطقة، جرّاء الحرب الإسرائيلية على غزّة سبب رئيسي لعودة الرياض إلى إبداء هذا الاهتمام بإنهاء الشغور الرئاسي. هذه الجرعة الإيجابية، عزّزها موقف السفير المصري لدى لبنان علاء موسى الذي أكّد عقب زيارته عين التينة أنّ موقف «الخماسية» على «قلب رجل واحد»، وأنّ «لقاء السفراء تمّ تأجيله إلى الفترة المقبلة، وذلك في إطار إجتماعات أخرى لسفراء «الخماسية» مع مختلف القوى السياسية من أجل ترتيب المواعيد».
أما على مستوى الإهتمام الدولي باستقرار لبنان عند حدوده الجنوبية، فأعلن وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، من إسرائيل، أنّ بلاده تسعى لتجنّب التصعيد عند الحدود بين إسرائيل ولبنان، وقال لـ»وكالة فرانس برس»: عندما نسبر العقول، نجد أن لا أحد، لا في تل أبيب ولا في القدس ولا في بيروت، يريد الحرب». وأضاف أنّ «التحدي الحقيقي بالنسبة لنا هو ضمان عدم حصول التصعيد الذي قد يبدو حتمياً». وشدّد على أنّ الأولوية بالنسبة إليه تكمن في تحديد كيفية «العودة مجدداً لتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن».
وعلى هامش إعلان البيت الأبيض «مناقشات جدية» جديدة لإطلاق رهائن لدى «حماس» والتوصّل إلى هدنة إنسانية، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أنّه «حتى الآن، لم نرَ انضمام «حزب الله» فعليّاً لمساعدة «حماس» بما يمكن القول إنّه توسيع للمعركة».