صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

الخيارات الخاطئة دائماً مكلفة

بقلم : بسام ضو - كانب و باحث سياسي | يسعى بعض الذين يُمسكون بمركز القرار في لبنان ومنهم بعض اللاعبين الفاعلين على المسرح السياسي اللبناني لتوسيع ما يُعرف بدائرة خياراتهم السياسية - العسكرية - الاقتصادية/ المالية - الإجتماعية، وغالباً ما تكون هذه الخيارات كلفتها باهظة على الجمهورية اللبنانية بكل مؤسساتها المدنية والعسكرية وحتى على الشعب اللبناني. على سبيل المثال لا الحصر وقعت الجمهورية في العام 1989 تحت خيار الحروب العبثية والتي أنتجت إتفاق الطائف الذي أضحى دستورها لغاية اليوم، وفي العام 2005 كان خيار بعض المراجع الدولية إصدار القرار 1559، والذي على ما يبدو حاولت بعض القوى صاحبة النفوذ عرقلة تطبيقه ممّا أنتج حالات من الفوضى على كافة المستويات، إضافة إلى خيار «إتفاق الدوحة» في العام 2008، الذي كان نهاية لأزمة سياسية بين ما يُعرف بالموالاة والمعارضة والتي كادت تعصف بالسلم الأهلي اللبناني، وللتذكير هذا الاتفاق حدّد آلية لبحث قضية السلاح خارج الشرعية ممّا يعني «سلاح حزب الله». هذا الاتفاق أو شبه التسوية بقيتْ حبراً على ورق فلسفتها البيانات الوزارية تحت عنوان «جيش - شعب - مقاومة» وعلى ما يبدو كلفتها باهظة الثمن على الجمهورية ولن ينجو الشعب من تبعاتها لغاية اليوم.

إنّ منهجية إعتماد السياسات الخاطئة منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني دفعت الوضع العام في البلاد إلى أسوأ الأزمات في تاريخها السياسي، ويبدو أنّ اللاعبين السياسيين لا يتداركون حجم الأخطاء التي يرتكبونها بحق المؤسسات الشرعية الدستورية وبحق الشعب اللبناني، وبعد هذه الفوضى العارمة في ممارسة السياسة أطلّت الفوضى من جديد، بحيث غابت مبادئ السياسات العامة التي يعتبرها علم السياسة أداة شديدة الأهمية التي من المفترض أن تعتمدها السلطات العامة لحلّ أي معضلة معينة تواجهها.

إنّ الخيارات الخاطئة غالباً ما تكون مكلفة، ولمواجهتها ضمن الأطر الديمقراطية الأمر يتطلّب صياغة سياسات عامة وتنفيذها بشكل علمي فعّال على أرض الواقع وتقييم تأثيراتها المباشرة والثانوية في الأفق المنظور، وعلى المدى البعيد توفير مجموعة من الشروط السياسية والمؤهلات المؤسساتية والقدرات الفنية والجهود التواصلية بهدف تحقيق الفائدة القصوى للمواطنين وللجمهورية، وهذه ثوابت غير متوفّرة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأزمة اللبنانية حيث السيادة منتهكة والقرار مُصادر والمؤسسات الرسمية تنهار واحدة تِـلوَ الأخرى.

إنّ أي تسوية مبنية على خيار خاطئ، حتماً ستؤدي إلى فوضى عارمة في الجمهورية اللبنانية وكمركز أبحاث PEAC نتخوّف من طلائع تسوية يُحكى عنها قوامها إعادة إنتاج سلطة على ركائز القوى المتسلّطة حالياً وأبطالها مراجع روحية وسياسية توافقت على ما يبدو فيما بينها على تعويم نفسها في هذه المرحلة وإنها تنسجم في المعطيات والنتائج مع ما اعتُمِد منذ العام 2004 وتحديداً ( 17 آب 2004 – مسودة القرار 1559، والذي تمّ إقراره في 2 أيلول 2004) المقصد هنا سكِرتْ قوى المعارضة في حينه في نشوة نصر غير مؤكدة بينما قوى الممانعة عمِلَتْ على عرقلة تطبيق بنود هذا الاتفاق وسعت إلى ضربه من الأساس مستعملة الخطة التي باتتْ معروفة ملموسة والمعمول بها حالياً. وما نوّد الإشارة إليه أنّ الأمور اليوم تُقاد بنفس الطريقة ولكن تحت عباءة دينية – سياسية، من نفس الطبقة الحاكمة لإعادة التمديد لمسارها الإنحداري تحت غطاء «إعادة إنتخاب رئيس للجمهورية وبداية إنتظام المؤسسات… حقاً إنه الخيار الخاطئ والمُكلف والحذر من خطورته.

من المؤكد أنّ صانعي هذا القرار في لبنان سيخُضِعون الرأي العام اللبناني إلى ضغوطات سياسية ومطالب شخصية فئوية ستؤثر على واقع الجمهورية اللبنانية بسبب عوامل ثلاثة تُساهم في إرساء هذه التسوية ، أولاً – عدم وجود معارضة منتظمة لها تنظيمها وإحترافيتها في ممارسة العمل السياسي وتفتقر لخارطة طريق للمواجهة. ثانياً – هناك نهج سياسي روحي – علماني يخدم مصالحه الخاصة على حساب المصلحة العامة. ثالثاً – سياسة عامة منتهجة تؤدي إلى إعادة توزيع المغانم على ما هو قائم حاليا. خلاصة الخيار الخاطئ مرحلياً هــو: فرض تكاليف على الشعب مقابل تحويل منافع لصالح المجموعة المستبدّة في الحكم، ما قد يُبقي الأمور على ما هي عليه، وعملياً هذا الأمر يكتسي أهمية بالغة في عملية مُصادرة السلطة بين إتجاه سياسي سلطوي عميل وازن داخل المجتمع السياسي اللبناني.

إنّ الجمهورية اللبنانية نتيجة هذا الخيار الخاطئ تقف على مفترق طرق خطير وتحتاج الأمور إلى إعادة النظـر بشكل جدّي وعميق في الأسلوب وفي وضع وتنفيذ وتقييم سياسات مختلفة للمواجهة، بدلاً من أن يتُّم الاستناد إلى ادّعاءات مبنيّة على الحدس والكذب المختارة في الشكل والمضمون لدعم مصالح هؤلاء الساسة القليلي الإيمان والضمير، كما ضرورة الإستعانة بتقييمات علمية تنجــزها مراكز الأبحاث المستقلة كي لا تبقى الخيارات الخاطئة دائمة الكلفة.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading