صدى الارز

كل الأخبار
sadalarz-logo jpeg

زوروا موقع الفيديو الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
sada el arz logo

زوروا موقع البث المباشر الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

أرشيف الموقع
كل الفرق

الحشيش مرة أخرى.. من سيتحكم بـ”ذهب” لبنان الأخضر؟

هذا الإعلان، رغم كونه خطوة إدارية، أطلق نقاشا واسعا في لبنان. فالهدف من التشريع هو الاستخدام الطبي وتحفيز النمو الاقتصادي. لكن خلف هذا الخطاب، تتجدّد المخاوف حول من سيتحكم فعلا بعائدات هذه الزراعة، في بلدٍ تُرسم خرائط النفوذ فيه على خطوط الطوائف والميليشيات.

في قلب هذا الجدل، يبرز اسم حزب الله، المتهم، على مدى سنوات، بإدارة شبكات تهريب مخدرات عابرة للحدود، تبدأ من سهل البقاع، ولا تنتهي في أميركا اللاتينية أو أفريقيا.

تشريع زراعة النبة التي تعرف في بعض المناطق اللبنانية بـ”الذهب الأخضر”، يُنظر إليه كفرصة للحزب لتحويل نشاط ظلّ لعقود غير قانوني إلى مصدر دخل شرعي، وربما، مظلة جديدة لتوسيع نفوذه الاقتصادي من داخل الدولة.

في المقابل، يرى آخرون أن التشريع يحمل أبعادا اجتماعية واقتصادية، وقد يشكّل فرصة لإدماج آلاف المزارعين المهمّشين ضمن دورة إنتاج قانونية. لكن التحدي الأساسي يكمن في قدرة الدولة على ضبط هذا القطاع، ومنع استغلاله من جانب مجموعات تمتلك من أدوات السيطرة ما يتجاوز سلطة القانون.

تشريع مشبوه؟

تتركز زراعة الحشيش في لبنان في سهل البقاع، ومنطقة بعلبك – الهرمل، وتحديداً في مناطق تعدّ خاضعة لنفوذ حزب الله، ما يمنحه عملياً سيطرة مباشرة على هذا القطاع. وقد ساهمت سيطرة الحزب لسنوات على الحدود اللبنانية–السورية، في سياق التحالف مع نظام بشار الأسد، في تسهيل عمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية، التي تحوّلت إلى ممرات أساسية لعبور المخدرات من لبنان إلى سوريا، ومنها إلى عدد من الدول العربية والأسواق العالمية.

ويعد لبنان ثالث أكبر مصدر للحشيش في العالم بعد المغرب وأفغانستان، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، وخلال الحرب الأهلية (1975 – 1990) كان لبنان المصدّر الرئيسي للمخدرات في الشرق الأوسط بحسب مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، إذ كان ينتج ألف طن من الحشيش سنوياً.

ومنذ نهاية الحرب الأهلية، أطلقت الحكومات اللبنانية المتعاقبة عمليات عدة للقضاء على هذه الزراعة، من دون أن تنجح، إلى أن تم تشريعها في أبريل 2020 للاستخدام الطبي والصناعي ليصبح لبنان أول دولة عربية تشرّع “الحشيش”.

وأدت عمليات إتلاف حقول الحشيش التي تنفذها القوى الأمنية سنوياً، وتشمل آلاف الهكتارات، إلى توترات ميدانية وصلت أحياناً إلى اشتباكات مسلحة مع بعض العشائر التي تهيمن على زراعة الحشيش وتعتبرها مصدراً رئيسياً للدخل.

“لعلّ تشريع زراعة الحشيش هو في الأساس بدافع اجتماعي – اقتصادي، للاستثمار في مردوده المالي ومنفعته الصحية في جانب منها”، يقول المحلل السياسي الياس الزغبي، ولكن الإلحاح على تشريعها يصب عملياً “في مصلحة حزب الله بالدرجة الأولى وبعض العائلات من الطوائف الأخرى. وقد يكون في خلفية هذا التشريع تعويض معيّن لما خسره الحزب بعد التضييق على تهريب المخدرات الأخرى خصوصاً الكبتاغون الذي درّ عليه أموالاً طائلة استخدمها في تحشييد عناصره ومضاعفة ترسانة أسلحته”.

ويضيف الزغبي في حديث لموقع “الحرة” “لا شك في أن مردود زراعة الحشيش المعروفة باسم “القنّب الهندي” سيصبح في مصلحة حزب الله المالية والاقتصادية لأن مراقبة الدولة وضبطها لمنتجات الحقول المزروعة سيكونان محدودين وفقاً للعادة، ويستمر التهريب الذي أتقنه الحزب 40 سنة. ويخدم هذا المردود النفوذ الذي يمارس على الطائفة الشيعية، بحيث يستثمر في الاستحقاقات الانتخابية النيابية والبلدية، ويظل قادراً على التحكّم بمنطقة البقاع الشمالي على الأقل”.

سيستمر الحزب، وفق الزغبي “في التفرد باقتصاد موازٍ من خارج الدولة، كما فعل بإنشائه مؤسسات مالية واقتصادية ذات مردود سياسي كالقرض الحسن على سبيل المثال”. وشدد الزغبي على ضرورة أن “تتنبه الدولة إلى هذا الأمر فلا تتغاضى عن التمييز بين الطوائف وتتعامى عن ضرب المالية العامة كما حصل ويحصل في استباحة مداخيلها من الجمارك في المرافق الجوية والبحرية والبرية”.

انعدام الثقة

“لا شك أن الاستفادة من أي نشاط زراعي أو صناعي أو قطاع إنتاجي في لبنان تعدّ مسألة بالغة الأهمية”، يقول نقيب صيادلة لبنان، الدكتور جو سلّوم، لموقع “الحرة”، لكن ثمة نقطتين جوهريتين ينبغي التوقف عندهما كما يقول:

“أولاً، هل لا يزال السوق الخارجي يطلب هذا النوع من الزراعة؟ بحسب المعطيات المتوفرة لدي، لا يوجد طلب. ثانياً، وبالنظر إلى واقع الأمور في لبنان، أخشى أن تتحوّل زراعة الحشيش تحت عناوين طبية أو تجارية إلى مدخل لزيادة تعاطي المخدرات في البلاد”.

ويقول رئيس الهيئة العربية لمكافحة آفة المخدرات، المدرب الدولي الدكتور محمد مصطفى عثمان إن “الهيئة تعارض بشكل قاطع هذا القانون وهو برأينا من أسوأ القوانين التي شهدها لبنان”.

المشكلة الأساسية تكمن كما يقول عثمان لموقع “الحرة” “في الفهم الخاطئ لمفهوم تشريع زراعة الحشيش. القانون يتحدث عن زراعة لأغراض طبية، لكن الناس سيخلطون بينها وبين التعاطي، وهذا الالتباس يشكل خطراً كبيراً وسيؤدي إلى كارثة حقيقية”.

ومع غياب توضيحات رسمية، طرح عثمان في حديث مع موقع “الحرة” مجموعة من التساؤلات الجوهرية حول الجدوى الطبية لهذا القانون، “ما هي الأدوية التي ستصنع من المواد المستخرجة من الحشيش؟ هل هي أدوية طبيعية، أم تخليقية، أم نصف تخليقية؟ وأين هي الدراسات العلمية التي تبرر هذا الاستخدام؟”.

ويضيف “يتحججون أن مادة الكانابيديول في الحشيش تستخدم في تصنيع أدوية السرطان، رغم أنها لم تعتمد كعلاج مباشر حتى الآن”.

ويشير عثمان إلى أن هذا القانون يفتح الباب أمام استغلال واسع: “من الذي سيضمن أن من ينقل الحشيش لن يحتفظ ببعض الكميات لنفسه؟ نحن نتحدث عن زراعة مادة مخدرة في بلد يفتقر إلى الرقابة الفاعلة، وتنتشر فيه المحسوبيات والتدخلات السياسية”.

ويضيف “في أوروبا نفسها، فشلت تجربة تشريع الحشيش، ففي بعض الدول مثل هولندا، أدت إلى زيادة الطلب بدل الحدّ منه. بعض الضباط الأوروبيين نصحونا صراحة: لا تكرروا الخطأ، لا تشرّعوا المخدرات”.

ويتابع عثمان “في لقاء مع أحد النواب اللبنانيين الذين صوتوا لصالح القانون، سألته: هل ستتسلّم الشركات الحشيشة خضراء أم يابسة؟ فكان جوابه: لا أعلم!”. ما يؤكد أن النواب صوتوا على القانون فقط لأن رؤساء كتلهم أيدوه، من دون دراسة معمقة أو نقاش علمي مسؤول”، ويشدد “لا أثق بالدولة ولا بالمزارعين، وأجزم أن هذه التجربة لن تنجح، من دون أن ينفي ذلك أن مكتب مكافحة المخدرات يقوم بجهود جبارة، لكن يعمل بـ’اللحم الحي’، في ظروف صعبة وميزانيات شبه معدومة”.

ترحيب مشروط

تغير موقف “تجمّع مزارعي وفلاحي البقاع”، من زراعة الحشيش في لبنان خلال السنوات القليلة الماضية، يقول رئيس التجمع إبراهيم ترشيشي.

“كنا نعارض زراعة الحشيش والاتجار به واستخدامه، بل كنا نرفض حتى الخوض في الحديث عنه. لكن مع بدء عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين بالدعوة إلى تقنين زراعته وتنظيمه لأغراض طبية، أعدنا النظر في موقفنا”.

ويقول ترشيشي لموقع “الحرة” أنه “منذ سنوات، انقرضت زراعة الحشيش في لبنان نتيجة حملات الدولة لمكافحتها، إذ كانت تقوم بإتلاف المحاصيل وملاحقة المزارعين وتحويلهم إلى التحقيق، ليبدأ بعدها الحديث عن نية الدولة تنظيم الزراعة والإشراف الكامل عليها، من خلال تحديد المساحات المسموح بزراعتها وضبط الإنتاج وتسليم المحاصيل إلى الجهات الرسمية المعنية، لتقوم بدورها ببيعها إلى شركات الأدوية والمنظمات الصحية المختصة”.

ويتابع “صدر قانون تشريع زراعة القنب الهندي لأغراض طبية عن مجلس النواب قبل سنوات، لكنه بقي معلقاً بسبب الخلافات حول تعيين الهيئة الناظمة المكلفة بتنفيذه. إلا أن رئيس الحكومة أعاد تسليط الضوء على هذا القانون خلال زيارته الأخيرة إلى منطقة بعلبك، حيث أعلن من سرايا بعلبك عزمه المضي قدماً في تطبيق القانون، بدءاً بتعيين الهيئة الناظمة لإطلاق المشروع”.

هذه الخطوة قد تمهّد الطريق وفق ترشيشي “لوضع حد للزراعة غير المشروعة، والتهريب، والملاحقات الأمنية التي طالت المزارعين طيلة عقود”، مضيفاً “الأرض والمناخ في المنطقة ملائمان لهذه الزراعة، والمزارعون اكتسبوا خبرة كبيرة في هذا المجال، وهم قادرون على إنتاج كميات وفيرة ونوعية عالية تلبي حاجات شركات الأدوية العالمية”.

ويعتبر أن “منطقة بعلبك تعاني من الحرمان وشحّ المياه، ومعظم زراعاتها بعلية، وزراعة القنب الهندي قد تشكل مصدر رزق حقيقي للمزارعين، وتنقلهم من حالة الخسارة إلى تحقيق أرباح. بعض التقديرات تشير إلى أن أرباح هذا القطاع قد تصل إلى مليار دولار، تتقاسمها الدولة والمزارعون وأصحاب الأراضي، ما يعزز الاستقرار الاجتماعي والأمني، ويثبّت المزارع في أرضه”.

ويشدد ترشيشي على ضرورة أن تكون هذه الزراعة “منظمة ومضبوطة وخاضعة لمعايير العدالة، بعيداً عن المحسوبيات والوساطات، مع منح التراخيص لمن يستحقها فقط، ومنع أي تهريب خارج القنوات الرسمية، وفرض عقوبات صارمة على كل من يخالف القوانين أو يتجاوز صلاحيات الدولة”.

ويختم قائلاً “بشكل عام، نحن اليوم نؤيد زراعة القنب لأغراض طبية، شرط أن تبقى تحت إشراف الدولة، ووفقاً للقوانين والأنظمة التي تضمن الشفافية والعدالة والتنظيم السليم”.

انهيار الردع والعلاج

يحذر عثمان من تداعيات تشريع زراعة الحشيش على منظومة الردع والعلاج في لبنان، ويرى إن “تشريع هذه الزراعة هو خطوة نحو تطبيع المخدرات في المجتمع. مجرد إدخال كلمة ‘حشيش’ إلى الخطاب العام والبيوت، يسهم في جعلها مقبولة. اليوم شرّعت الزراعة، وغداً قد يشرّع التعاطي، وبعده قد تشرّع مواد أخرى. الأمور تتدرّج، ونحن على طريق خطير”.

ويوضح “القانون اللبناني يعتبر المتعاطي مريضاً، لكن لا توجد أماكن كافية للعلاج، ولا قدرة فعلية على التوقيف. نسبة تعاطي المخدرات بين النساء في لبنان أصبحت مرتفعة، وشبابنا مهدد مع إمكانيات الدولة”.

“لبنان مقبل على كارثة حقيقية”، يقول عثمان، “خاصة مع التدخلات السياسية التي ستتسلل حتماً إلى هذا القطاع. اليوم، هناك عهد سياسي جديد، ونأمل أن يلتزم بتنفيذ القوانين التي تنص على إنشاء مراكز علاجية وعيادات متنقلة لمعالجة المدمنين على المخدرات، وتوفير اختصاصيين نفسيين. فكل ذلك وارد في التشريعات الحالية، لكن التنفيذ غائب، وذلك بدلاً من تنفيذ قانون زراعة الحشيش الذي سيعود بالضرر الكبير على شباب وشابات لبنان”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading