تهدد الحرب الجديدة، بين إسرائيل وحماس، اقتصادات الدول المجاورة، بينما تثير مخاوف من انتشار تأثيرها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وحتى قبل الحرب، كانت الاقتصادات الهشة، في كل من مصر والأردن ولبنان، تعاني أصلا من فترة ركود إثر جائحة كورونا، وهي دول تعتمد على السياحة بشكل كبير.
وفي الأردن، الذي تمثل فيه السياحة نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، قال أحد منظمي الرحلات السياحية، تحدث لموقع فاينانشل تايمز، إن الحرب أدت إلى سلسلة من عمليات إلغاء الرحلات السياحية “فقدنا أشهرا وأشهرا من الحجوزات”.
مصر ومعضلة الغاز
في مصر، حيث لجأت الحكومة بالفعل إلى صندوق النقد الدولي لتخفيف أزمتها الاقتصادية، تم إلغاء العديد من الحجوزات السياحية في سيناء، المتاخمة لغزة.
وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي الإقليمي لدى بنك غولدمان ساكس “نشهد بالفعل تقارير عن إلغاء الحجوزات في دول مجاورة مثل مصر”.
وتابع “نعتقد أن ذلك قد يكلف مصر المليارات من عائدات السياحة المفقودة في هذه السنة المالية وحدها”.
“ولا تمتلك مصر احتياطيات من النقد الأجنبي لاستيعاب هذا النوع من الضربات” وفق وصف التقرير.
والأربعاء، كشفت وكالة بلومبرغ، أن مصر بدأت في تقليص إمدادات الغاز الطبيعي الحيوية لبعض الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وقالت الوكالة إن ذلك يعد التأثير الاقتصادي المباشر للحرب بين إسرائيل وحماس على مصر التي تواجه أصلا انقطاعات في الكهرباء بسبب نقص الوقود.
ونقلت الوكالة عن أشخاص مطلعين أن شركات الأسمدة المصرية، شهدت انخفاضا في الإمدادات بنسبة 30%، رغم أن الخفض بشكل عام لم يؤثر على الإنتاج بعد.
وقالت الحكومة المصرية، هذا الأسبوع إنه منذ أغلقت إسرائيل حقل غاز تمار البحري بسبب الحرب في غزة، انخفضت واردات مصر من الغاز الطبيعي منه من 800 مليون قدم مكعب يوميا إلى صفر.
وقد أدى ذلك إلى تفاقم مشكلة نقص الكهرباء التي تعاني منها البلاد بالفعل منذ منتصف العام حيث أدت موجة حر استثنائية إلى استنزاف إمدادات الوقود.
وتعتمد مصر على واردات الغاز من إسرائيل لتلبية بعض الطلب المحلي، وكذلك لإعادة التصدير إلى أوروبا عبر منشآت الغاز الطبيعي المسال.
وصادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال خلال فصل الشتاء قد تنخفض بنسبة 40% بسبب الصراع في غزة.
“نقطة الغليان”
وقالت نورة الكعبي، وزيرة الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية، الجمعة، إن الدولة الخليجية تعمل “بلا هوادة” من أجل وقف كامل لإطلاق النار، وحذرت من أن الاشتعال الإقليمي يقترب من “نقطة الغليان”.
وقالت في مؤتمر في أبوظبي إن “خطر الانتشار الإقليمي لهذه الحرب والمزيد من التصعيد حقيقي”.
وكان العدد الكبير من القتلى المدنيين نتيجة للهجوم الإسرائيلي على غزة في أعقاب توغل حماس في جنوب إسرائيل سبباً في تبديد الآمال في تحقيق مكاسب اقتصادية من حقبة جديدة من العلاقات بين الدولة اليهودية وجيرانها العرب.
وقال سوسة “هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن التأثير المحتمل للحرب على اقتصاد المنطقة”.
ومضى مؤكدا أن “خطر حدوث المزيد من التصعيد يهدد بتعميق وتوسيع نطاق التداعيات الاقتصادية”.
ومع القصف عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وهجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على مدينة إيلات الإسرائيلية على البحر الأحمر من قبل ميليشيا الحوثي اليمنية، المدعومة من إيران، زادت المخاوف من توسع رقعة الحرب لتشمل دولا أخرى.
وكانت الدول المجاورة لإسرائيل، مصر والأردن ولبنان، المعتمدة على السياحة، تعاني حتى قبل الصراع.
وقالت كريستالينا جورجييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية الأسبوع الماضي إن “عدم اليقين قاتل لتدفقات السياح”.
وقال وزير السياحة اللبناني، وليد نصار لشبكة “سي أن أن بيزنس” ، إن بلاده، التي يعاني بالفعل من أزمة عميقة، تعتمد على السياحة لنحو 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهي الآن تواجه المزيد من التدهور الاقتصادي.
وبالنسبة للدول النفطية في الخليج، فإن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يعزز إيرادات الدولة التي تأثرت بتخفيضات إنتاج منظمة أوبك.
وقال جيمس ريف، كبير الاقتصاديين في جدوى للاستثمار في الرياض “من المرجح أن يقابل ذلك انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والدخل السياحي”.
وأضاف “نظرا لأن الأولوية هي التنويع الاقتصادي، فهذه هي الخسارة الأكبر”.
وعلى الرغم من الحرب، توافد كبار الممولين على مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد الأسبوع الماضي، والذي أطلق عليه اسم “دافوس في الصحراء”، في محاولة للاستفادة من صندوق الثروة السيادية في السعودية، للاستثمار في الأصول العالمية أو النظر في الفرص المحلية، مثل تصنيع السيارات الكهربائية”.
لكن العديد من الحاضرين “كانوا يراقبون هواتفهم المحمولة، بحثا عن مستجدات الحرب، التي يخشى المسؤولون أن تؤدي إلى إبطاء خططهم التنموية الضخمة” حسبما تقول “فايننشل تايمز”.
وفي مدينة دبي التي انتعشت بعد وباء كورونا، كانت القوة الاقتصادية مدفوعة بتدفق الروس الفارين من الحرب وبحث الأثرياء عن منازل إضافية.
ويقول أصحاب الفنادق إن حرب غزة كانت وراء إلغاء بعض الرحلات السياحية الإسرائيلية والأميركية.
ويرى مراقبون أن توسيع نطاق الحرب يمكن أن يؤدي إلى تقليص تقييمات العقارات المرتفعة وكبح التوقعات لفترة الخريف المزدهرة عادة.
وقال أحد المستشارين إن “تجار التجزئة أيضا يشعرون بالقلق بشأن ضعف المبيعات، خاصة في السلع الفاخرة”.
وتابع “يتم إلغاء بعض فعاليات الإطلاق الكبيرة للمنتجات الجديدة، إذ أن جميعهم خائفون مما سيطرأ نتيجة هذه الحرب”.
ومن المقرر أن يحضر الملك تشارلز الثالث افتتاح قمة الأمم المتحدة للمناخ COP28 في دبي، إلى جانب قادة العالم الآخرين، اعتبارًا من 30 نوفمبر.
ورفعت حكومة المملكة المتحدة هذا الأسبوع خطر وقوع هجمات إرهابية في الإمارات العربية المتحدة من “محتمل” إلى “محتمل جدا”.