صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

“الحرب تعني الدمار”.. تلويحات حزب الله تثير هلع لبنانيين

بقلم : أسرار شبارو - "الحرب تعني الدمار، والقتل..."، عبارة بسيطة وردت على لسان أحد أبناء الجنوب في لبنان، لكنها تختصر مخاوف وهواجس اللبنانيين من العودة إلى المربع الأول مع اقتراب انقضاء موعد الهدنة التي أوقفت المعارك لـ60 يومًا منذ 27 نوفمبر الماضي.

وبينما يلوّح حزب الله، المصنف جماعة إرهابية، بالتصعيد مع اقتراب انتهاء مهلة الهدنة، نتيجة تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم البقاء في بعض المناطق الحدودية الجنوبية، فإن بيئته الحاضنة تواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات التي خلفتها الحرب الأخيرة.

وكان المبعوث الأميركي آموس هوكستين قد قال، خلال زيارة للبنان الاثنين، إن الجيش الإسرائيلي بدأ عملية الانسحاب من الناقورة، على أن تستمر عمليات الانسحاب إلى حين خروجه من كامل الأراضي اللبنانية، مع استكمال الجيش اللبناني انتشاره جنوب الخط الأزرق، إلا أنه أقر بصعوبة هذه العملية.

والسؤال المطروح: هل تدعم بيئة حزب الله خيار التصعيد في ظل الظروف الراهنة، أم أن الأوضاع الحالية تحول دون قدرتها على تحمل تبعات مواجهة جديدة؟

رفض قاطع
يعرب عدد من سكان المناطق المحسوبة على حزب الله عن قلقهم المتزايد حيال احتمالات اندلاع مواجهة جديدة قد تؤدي إلى تفاقم معاناتهم، مؤكدين رفضهم لذلك. في المقابل، يرى آخرون أن الخيار العسكري بات ضروريًا لتأكيد قوة حزب الله.

أيمن، أحد سكان مدينة صور، من الرافضين لتجدد الحرب، ويقول: “الحرب تعني الدمار، القتل. لا توجد بلدة أو قرية في الجنوب أو البقاع إلا وقد خسرت العشرات من أبنائها في الحرب الأخيرة”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ويشير أيمن إلى أن حجم الدمار والخسائر خلال الحرب الأخيرة يفوق مجمل ما تعرض له لبنان خلال الحروب الإسرائيلية السابقة، قائلاً في حديث لموقع “الحرة”: “إذا قارنا هذه الحرب بالعملية العسكرية الإسرائيلية عام 1978، واجتياح 1982، وعملية 1996، وحرب 2006، فإن مجموع الأضرار لا يوازي ما شهدناه الآن”.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه رفضه للحرب، يشدد أيمن على أهمية تنفيذ القرار الدولي 1701 بشكل كامل من الطرفين، مشيرًا إلى ضرورة انسحاب إسرائيل لما وراء الخط الأزرق. ويشدد: “إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي للقرى، سنكون أمام واقع جديد قد يغير طبيعة المشهد بالكامل”.

وبحسب ما أعلنه المدير العام لوزارة الاقتصاد، محمد أبو حيدر، في تصريح صحفي في 22 ديسمبر الماضي، فإن “خسائر الحرب تقدَّر بما بين 12 و15 مليار دولار، فيما تجاوزت خسائر الناتج المحلي 50 في المئة”.

أما رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، فقال، في 19 ديسمبر الماضي، إن “كلفة إعادة إعمار لبنان تُقدّر بخمسة مليارات دولار”.

كما أدت الحرب إلى مقتل نحو أربعة آلاف شخص وإصابة أكثر من 16 ألفًا في لبنان، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، وتسببت في نزوح أكثر من مليون شخص.

وتقول هدى، وهي إحدى النازحات من جنوب لبنان، إنها وأفراد عائلتها لم يتمكنوا بعد من العودة إلى منزلهم في الجنوب والبدء بعملية ترميمه، بسبب خشيتهم من تجدد المعارك. وتضيف: “لا زلنا مقيمين في شمال لبنان منذ نزوحنا مع بداية التصعيد العسكري في سبتمبر الماضي”.

وتعرب هدى عن رفضها لأي حرب جديدة، مؤكدة في حديث لموقع “الحرة” أن “اللبنانيين لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد من النزوح والمعاناة. كما أن لا أحد يعرف هذه المرة ما هي الأهداف التي ستطالها الضربات الإسرائيلية، وما إذا كنا أمام حرب شاملة”.

وتوقعت أن تواجه العائلات النازحة من بيئة حزب الله صعوبة في إيجاد ملاذ آمن هذه المرة، وذلك “بسبب بعض التصريحات الأخيرة لمسؤولين وأنصار الحزب، التي حملت تهديدات بأحداث مشابهة للسابع من أيار”.

بين التأييد والواقع
في المقابل، هناك من يؤيد عودة القتال بين حزب الله وإسرائيل، منهم علي، من سكان الضاحية الجنوبية، الذي يشدد على دعمه للحرب إذا استمرت إسرائيل في البقاء في بلدات جنوبية.

ويرى بعض اللبنانيين أن هذا الاتفاق يمثل “اتفاق استسلام”، معتبرين أن حزب الله بات في موقف ضعف غير قادر على استعادة قوته السابقة، لا سيما مع التحديات التي يواجهها جراء قطع طريق إمداده بالسلاح والمال من إيران عقب سقوط نظام بشار الأسد.

من أبرز بنود الاتفاق التي تمثل تنازلاً من حزب الله، والتي تؤثر على سرديته حول حماية أرض لبنان وسيادته، انسحابه من جنوب نهر الليطاني، مع حصر حمل السلاح بالقوات الأمنية والعسكرية اللبنانية هناك.

كما يشمل الاتفاق السماح للجيش الإسرائيلي بالبقاء في بعض البلدات الجنوبية اللبنانية لمدة تصل إلى 60 يومًا، مع ضمان حرية تحركه في حال رصد تهديدات أمنية، إضافة إلى تأجيل عودة سكان القرى التي تم إخلاؤها خلال التصعيد العسكري.

ورغم موقف بعض المؤيدين للحرب، يرى الباحث في الشأن السياسي، نضال السبع، أن بيئة حزب الله ليست مهيأة لخوض معركة جديدة في الوقت الراهن.

وأشار، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أن الحزب “اضطر لتوقيع اتفاق الهدنة بعد معركة الشهرين نتيجة لتراجع قدراته”.

ويقول: “حزب الله لم يكن جاهزًا لهذه المعركة، وتوقيعه على الاتفاق يعكس إدراكه لموازين القوى، خاصة في ظل الوضع الداخلي اللبناني، وسقوط سوريا كحليف استراتيجي، والأزمات التي تواجهها إيران”.

واعتبر السبع أن “بيئة حزب الله تمارس ضغوطًا كبيرة على الحزب نتيجة توقيع اتفاق الهدنة، حيث تعتبر أن الاتفاق مجحف لعدة أسباب، أهمها أنه لم يوفر العودة المباشرة للنازحين من الجنوب اللبناني بعد انتهاء المعارك”.

ولا تزال نحو “60 قرية تحت الاحتلال حتى الآن”، وفق السبع الذي أكد أن “حزب الله يعاني من مشكلات مالية ملحوظة، مع غياب الوضوح بشأن إعادة الإعمار، ومع ذلك فإن خسائر هذه البيئة الباهظة، المادية والبشرية، من الحرب الأخيرة تحول دون قدرتها على تحمل حرب جديدة”.

كما يؤكد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد، ناجي ملاعب، أن “الإحصائيات تظهر وجود 57,000 عائلة ما تزال مشردة من أقضية حاصبيا، مرجعيون، وبنت جبيل”.

ويشدد ملاعب، في حديث لموقع “الحرة”، على أن “الحرب كانت مكلفة للغاية على بيئة حزب الله، فهناك قرى دُمّرت بالكامل، وجمهور الحزب بات في حاجة ماسة إلى الاستقرار وإعادة إعمار منازله ومستقبله، وليس إلى مواجهة جديدة تزيد من معاناته بالنزوح والخسائر”.

مسار الصراع
وتسعى إسرائيل، وفقًا لما يقوله ملاعب، إلى “تمديد الهدنة الحالية لتحقيق أهداف لم تتمكن من تحقيقها عبر العمليات العسكرية”.

فـ”مهام اللجنة الخماسية المكلّفة بمراقبة تطبيق اتفاق الهدنة تقتصر على الرصد وإعداد التقارير، في حين ينتظر الجيش اللبناني انسحاب القوات الإسرائيلية ليتقدم في القرى الجنوبية. في المقابل، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يعمل على تغيير الحدود الجغرافية مع لبنان عبر السيطرة على مرتفعات استراتيجية”، وفق ملاعب.

ويوضح أن “إسرائيل تستهدف البقاء طويل الأمد في بعض المرتفعات في جنوب لبنان وفي جبل الشيخ، لما لها من أهمية استراتيجية ضمن خطة إسرائيلية لاستكمال الإشراف على المناطق الحدودية المحاذية لحدودها الشمالية واستكمال سيطرتها على الجولان، مؤكداً أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تعكس هذا التوجه بشكل واضح”.

أما فيما يتعلق بالمواجهة مع حزب الله، يرى الخبير الاستراتيجي أن “الوضع مرتبط بشكل كبير بالتطورات الإقليمية والدور الإيراني”.

ويوضح أن “طهران تتابع عن كثب مسار علاقتها مع واشنطن، وستلجأ إلى تفعيل دور الحزب في حال فشلها في التوصل إلى أي اتفاق مع الولايات المتحدة. من هنا، لا يمكن اعتبار تصريح المرشد علي خامنئي عابرًا، حين غرّد عبر صفحته على منصة إكس بأن لبنان وسوريا سينتصران”.

وفي تعليقه على احتمال لجوء حزب الله إلى مواجهة جديدة في حال استمرار بقاء إسرائيل في بعض البلدات الجنوبية بعد انتهاء مدة الهدنة، يقول السبع “رغم التصعيد الكلامي الذي عبّر عنه مسؤولو الحزب، الذين أكدوا وجود خيارات أخرى بعد انتهاء مهلة الستين يوماً، إلا أنني لا أعتقد أن حزب الله سينجر إلى معركة جديدة”.

فحزب الله، وفقًا للسبع، “في وضع صعب للغاية، أي صاروخ يطلقه اليوم لا يمكنه تعويضه بسهولة، فخطوط إمداده البرية عبر سوريا مقطوعة، والبحر يخضع لمراقبة قوات اليونيفيل، وفي المطار هناك تشديد كبير من قبل الأجهزة الأمنية”.

ويوضح السبع أن المبعوث الأميركي آموس هوكستين وصل إلى لبنان أمس الاثنين حاملاً أفكارًا تهدف إلى تمديد مهلة الهدنة، موضحًا أن “الإسرائيليين يطرحون تمديد الاتفاق حتى أبريل المقبل، في حين أن حزب الله غير جاهز حاليًا على المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية لخوض معركة جديدة، لذلك الظروف الراهنة تجعل خيار التهدئة وتمديد الاتفاق أكثر واقعية”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading