قرار جيد للصناعيين والأفراد
وشددت الجمعية آنذاك على أهمية هذا القرار، لانه يشجع من جهة على التحول الى الطاقة المتجددة والنظيفة، ويحفز اللبنانيين ومختلف المؤسسات، والصناعية من ضمنها، على استخدامها. ومن جهة أخرى يساهم في خفض كلفة فاتورة المحروقات ما ينعكس تراجعاً في كلفة الانتاج وأسعار السلع وتالياً زيادة تنافسية الاقتصاد اللبناني وتنافسية الصناعة الوطنية، متمنية على المجلس الأعلى للجمارك «إصدار قرار يقضي بتحديد دقائق تطبيق قرار الإعفاء بشكل سريع».
لا تطبيق
وأصدر المجلس الاعلى للجمارك في 7 أيلول الماضي قراره التطبيقي الذي تضمن ان الاعفاء المذكور يتناول المعدات والاجهزة التي تعمل حصراً على الطاقة الشمسية او اي مصدر آخر من مصادر الطاقة النظيفة لتوليد الطاقة الكهربائية. إلا انه ولغاية اليوم لم يبدأ تطبيق الاعفاءات المذكورة، علماً ان قرار الاعفاء سيكون نافذاً لغاية اواخر العام الحالي فقط، وذلك بذريعة من قبل مدير اقليم جمارك بيروت بالانابة سامر ضيا، بان الاصناف المعددة في القرار المشترك لوزارتي المالية والطاقة، «قابلة بالفعل لان تعمل على الطاقة الشمسية، غير انها بالمقابل قابلة ان تعمل أيضاً بواسطة مصادر طاقة اخرى ( كهرباء من المولدات أو التيار الكهربائي الذي تؤمنه الدولة)»، وفقاً لما جاء في كتاب ضيا الذي قدمه في 25 ايلول الى جانب المديرية العامة للجمارك. مشيراً في الكتاب الى انه «ليس ثمة حصرية بان تعمل هذه المعدات او الاجهزة على الطاقة الشمسية، ما عدا الالواح (panels )»، التي تسمح الجمارك حالياً بإعفائها من الرسوم في مقابل عدم قبول اعفاء اي من الاجهزة الاخرى.
كلمة «حصراً»!
وفيما طلب مدير اقليم جمارك بيروت من المديرية العامة في كتابه المذكور، ايداعه قرارها المبدئي بشأن الموضوع، فان قرار الاعفاء لا يزال لغاية اليوم عالقاً على كلمة «حصراً»! حيث عادت وطالبت المديرية العامة بان تصدر وزارتا المالية والطاقة قراراً جديداً يعدد الاجهزة والمعدات بالتحديد. ويعالج معضلة «حصراً» التي اظهرت مرّة اخرى حرص الجمارك الشديد والمعروف على ايرادات الدولة!؟
إعفاء يخفّض الكلفة
تجدر الاشارة الى ان قرار الاعفاءات يشمل خلايا فولتائية ضوئية مجمعة في وحدات أو مهيّأة بشكل ألواح وعواكس وشواحن بطاريات ومتحكمي الشحن، فضلاً عن بطاريات/مدخرات بالرصاص، وبطاريات/مدخرات بإيونات الليثيوم، اي مجمل المعدات المستوردة من الخارج لزوم تركيب أنظمة الطاقة الشمسية والتي تشكل 80 في المئة من الكلفة الاجمالية لاي نظام للطاقة الشمسية سيتم تركيبه في المنازل او المصانع، مقابل نسبة 20 في المئة تعود لكلفة التصميم والتركيب والتوصيل. وبالتالي، فانه مع إعفاء تلك الأجهزة من الرسوم والضرائب، ستنخفض كلفة المعدات المستوردة التي تشكل 80 في المئة من الكلفة الاجمالية لتركيب انظمة الطاقة الشمسية بحوالى 20 في المئة (رسم جمركي وTVA ورسم مقطوع) وهي نسبة كبيرة ستشكلّ انخفاضاً ملحوظاً في فواتير تركيب انظمة الطاقة الشمسية خصوصاً في ما يتعلّق بالمصانع والمعامل والشركات.
إلا ان ورود كلمة «حصراً» في قرار الاعفاء أطاح بكلّ تلك المنافع الايجابية، إن بهدف الحرص المفاجئ على ايرادات الدولة او كما جرت العادة لحماية مصالح أفراد معيّنين ومصالح شخصية لبعض المعرقلين.
من المستفيد من عدم التطبيق؟
من هم المستفيدون المحتملون من عرقلة هذا القرار رغم ان حيثياته الواردة في موازنة 2022 واضحة لناحية اعفاء كامل أجهزة ومعدات انظمة الطاقة الشمسية من الرسوم ولا يجب ان تقف كلمة «حصراً» عائقاً امام الجمارك لتطبيقه، رغم امكانية استشارة المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC) في وزارة الطاقة بشأن طلبات الاعفاء المشكوك بأمرها على ان تبتّ بها في حال لم تستطع الجمارك بنفسها تحديد نوعية البضائع ومدى مطابقتها لقرار الاعفاء؟ لم تقم الجمارك بذلك بل فضّلت عرقلة القرار برمّته ومنع اعفاء أي بضائع مستوردة متخصصة بالطاقة الشمسية، بحجّة انها تريد قراراً مشتركاً جديداً من وزارتي المالية والطاقة يعدّد البضائع المعفية تلقائياً والبضائع التي تحتاج الى استشارة وزارة الطاقة للبت بها. مما يؤكد، وفق المتضررين، ان العرقلة او المماطلة في التطبيق مقصودة، خصوصاً انه لم يبقَ سوى شهر واحد امام انتهاء مدّة فعالية القرار في حال لم تشمله موازنة 2023 و2024.
مصادر تؤكد ان اوّل المستفيدين من عرقلة القرار وعدم اعفاء البضائع المستوردة لزوم تركيب انظمة طاقة شمسية، هم التجار (خصوصاً المقرّبين من بعض المديرين في المرفأ) الذين يملكون مخزوناً من تلك المعدات والاجهزة (غير معفية من الـtva والرسوم الجمركية) ويسعون لمنع منافسة البضائع الجديدة المفترض اعفاؤها من الرسوم، لبضائعهم المستوردة سابقاً، والتي ستصبح أسعارها اعلى بـ 20 في المئة من المعدات المعفية التي ستنافسها حتماً.
وتضيف المصادر: مثلما ان المستفيدين المحتملين من عرقلة القرار هم أصحاب المصالح المباشرة الذين يسعون الى تجميع بطاريات الليثيوم محلياً في لبنان، رغم انهم لا يملكون بعد شهادة تصنيع ولا شركة مسجّلة، ويفضلون عدم منافسة البضائع المستوردة المعفية من الرسوم لهم متذرعين بحجّة وجود كلمة «حصراً» في القرار، وافتقار الجمارك للمعرفة التقنية لتحديد البضائع المستخدمة حصراً في انظمة الطاقة المتجددة، علماً انه لا يمكن الجزم بحصرية استخدام اية معدات او اجهزة مستوردة من الخارج، مهما كانت نوعيتها، بعد خروجها من المرفأ!
في هذا الاطار، أسف عضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين بول أبي نصر للعرقلة والمماطلة الحاصلة عمداً في هذا الموضوع، والتي تسببت بعرقلة وتوقف عدد كبير من مشاريع تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في لبنان والتي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، علماً ان الحجج القانونية المستخدمة للعرقلة والتي تستند على كلمة «حصراً» الواردة في قرار الاعفاء كان يمكن معالجتها عبر طلب استشارة تقنية من وزارة الطاقة في طلبات الاعفاء المشكوك بها من قبل الجمارك، بدل تعطيل قرار برمّته وعدم تطبيق قرار الاعفاء على كافة المعدات والاجهزة المستوردة لزوم تركيب طاقة شمسية باستثناء الالواح فقط.
هناك خسائر
وأشار أبي نصر لـ»نداء الوطن» الى ان الشركات المستوردة لمعدات واجهزة تركيب الطاقة الشمسية تتكبّد خسائر مالية نتيجة عرقلة هذا القرار، كون بضائعها عالقة في المرفأ بانتظار تطبيق قرار الاعفاء وتسدد غرامات عليها (رسوم أرضية المرفأ) لانها تتخوّف من تخليصها من دون اعفاء من الرسوم، ليعود ويطبّق القرار لاحقاً! بالاضافة الى ذلك، فان الشركات المتخصصة عاجزة عن تسعير المشاريع الجديدة لتركيب انظمة الطاقة الشمسية بسبب عدم تأكدها من امكانية اعفاء الاجهزة والمعدات لزوم تركيب تلك الانظمة، والتي تشكل فارقاً في كلفة المشاريع الاجمالية خصوصاً الضخمة منها والبالغة قيمتها ملايين الدولارات على غرار مشاريع تابعة لمستشفيات ومدارس، ومدعومة من منظمات اجنبية غير حكومة، تمّ تأجيلها او وقفها حالياً الى حين البتّ بقرار الاعفاء!