وفي إشارة إلى عدم الانخراط الأميركي الجدّي في اللعبة الرئاسية، كشف رئيس حزب «القوات اللبنانية» في حديث لـ»نداء الوطن» في 12 حزيران الفائت، ردّاً على اعتبار فريق «الممانعة» أنّ التقاطع على اسم الوزير الأسبق جهاد أزعور «طبخة أميركية»، عن «أنّنا نفتّش بـ»السراج والفتيل» عن الأميركيين فلا نجدهم».
بالتوازي مع هذا المعطى، بدأ بحث جدّي من الفرنسيين وصولاً إلى الأميركيين والقطريين والمصريين والسعوديين، عن مرشح ثالث، بحسب جهات سياسية مطّلعة. وكان الفرنسيون فاتحوا «حزب الله»، على رغم مبادرتهم السابقة، بضرورة البحث عن مرشح ثالث، إلّا أنّ «الحزب» كان واضحاً مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بتشديده على أنّ حظوظ رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية ما زالت قائمة. وفي سياق البازار السياسي، بعث الأمين العام لـ»حزب الله» رسالة في إطلالته الأخيرة، مفادها سحب طرح الضمانات على شكل تعديلات دستورية أو غيرها مقابل التمسّك بـ»الضمانة في الشخص»، وهو فرنجية بعد الرئيسين السابقين إميل لحود وميشال عون.
على الرغم من هذا الموقف، إنّ الخارج يبحث جدياً عن مرشح ثالث، وقائد الجيش أبرز المرشحين. لذلك هناك سباق مع الوقت معاكس من الجهات الخارجية ومن باسيل، قبل انتهاء ولاية قائد الجيش. إذ بحسب جهات سياسية، بمجرد أن يخرج العماد جوزاف عون من قيادة الجيش يسقط اسمه رئاسياً. وهذا ما يسعى إليه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فيما يعمل الخارج على إيجاد «تخريجة» لانتخابه قبل انتهاء ولايته. ويشكّل قائد الجيش تقاطعاً خارجياً بين القطري والمصري، وهناك محاولة لإقناع الفرنسي به، فيما الأميركي سيدعم انتخابه تبعاً للتعاون المثمر مع العماد عون وانطلاقاً من التعاون الاستراتيجي الدائم مع قيادة الجيش.
لكن هذا لا يعني أنّ أي عاصمة، وخصوصاً واشنطن، تسوّق اسم قائد الجيش علناً. بل هناك مسعى إلى أن يصبح هذا التقاطع داخلياً، ولكي يصبح داخلياً، يجب إقتناع «الثنائي الشيعي» بالتراجع عن ترشيح فرنجية أولاً، ولم يتم الوصول إلى ذلك حتى الآن، ثمّ إقناع باسيل بالانخراط في هذه التسوية.
«عَسلامتو قائد الجيش، لكن مرشحنا هو سليمان فرنجية». هكذا تجيب مصادر من «الثنائي الشيعي» عند السؤال عن إمكانية التوافق على انتخاب قائد الجيش رئيساً، كحلّ تسووي بين جميع الأفرقاء بعد تعذُّر إنجاز الاستحقاق الرئاسي طيلة 10 أشهر ونصف الشهر. وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي تقصّد في حوار تلفزيوني، خلال حزيران الفائت، إعلان أنّه «غير صحيح أنّ الولايات المتحدة تعرقل الرئاسة اللبنانية، وهي ستتعاون مع أي رئيس منتخب»، مشيراً إلى «أنّنا نشعر أنّ واشنطن تفضّل قائد الجيش».
نقْل برّي مواقف عن ديبلوماسيين إضافةً إلى استقبالاته المتكرّرة لقائد الجيش و»مغازلته» العماد جوزاف عون وتعاونه معه، تأتي كلّها في سياق تسجيل النقاط على باسيل، بحسب جهات سياسية مطّلعة. وتُربط أيضاً بالحوار «المتجدّد» أخيراً بين باسيل و»حزب الله». إذ يتقاسم «الثنائي الشيعي» الأدوار في لعبة «احتواء» باسيل، فمن جهة «يهوّل» عليه برّي لكي يتلقّفه «الحزب» من جهةٍ ثانية. فيتقصّد برّي بعث رسائل وإشارات إلى باسيل مفادها: «بعد عندك وقت»، وذلك تحت عنوان: «لحّق حالك قبل أن نذهب إلى خيار قائد الجيش»، وذلك في سياق مزيد من الضغط والابتزاز لجرّه إلى خيار فرنجية، إذ بحسب اعتقاد «الثنائي» إنّ وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية «أهون» على باسيل من انتخاب قائد الجيش بما يرمز إليه إضافةً إلى تداعيات انعكاس ذلك شعبياً وسياسياً على رئيس «التيار».
فهل يسلك المسار الرئاسي الاتجاه نحو انتخاب قائد الجيش كـ»مخرج» قبل نهاية السنة؟ أم أنّ باسيل سيتجرّع «سمّ» تسهيل انتخاب فرنجية متى بات أمام خياري: فرنجية أو العماد جوزاف عون؟ أو أنّه «سينتصر» في لعبة الوقت، فيتمدّد الشغور وتسقط الأسماء المطروحة وتبرز أخرى ما بعد انتهاء ولاية قائد الجيش؟ في المدى المنظور، يُنتظر ما سيحمله لودريان، ولا يزال جميع الأفرقاء على مواقفهم.