قبل ساعات من وصول موفدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مورغان أورتاغيس، التي خلفت آموس هوكشتاين، إلى بيروت، في أول زيارة لها للبنان، أطاح الثنائي الشيعي بتشكيلة حكومية كان رئيس الحكومة المكلف نواف سلام ينوي إعلانها.
وانتهى اجتماع بين رئيس الجمهورية جوزيف عون وسلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بفشل إصدار مراسيم تشكيل الحكومة، بعد تمسك بري، الذي يتزعم حركة أمل، المتحالفة مع «حزب الله» في إطار ما يعرف بـ «الثنائي الشيعي»، برفض تسمية سلام للوزير الشيعي الخامس في الحصة المخصصة للطائفة الشيعية في الحكومة.
وسعى سلام إلى تسمية لميا مبيض لوزارة التنمية الإدارية عن الحصة الشيعية، في محاولة للحؤول دون قدرة أي طرف حزبي على التعطيل تحت عنوان الميثاقية، إلا أن بري الذي خرج غاضبا من الباب الخلفي لقصر بعبدا أصرّ على تسمية عبدالرضا ناصر للوزارة نفسها، كما اعترض على سحب وزارة الصناعة من «الثنائي» ومنحها للقوات اللبنانية.
وفي حين كانت الأبواب مفتوحة خلال عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لمشاركة «حزب الله» في الحكومة، لتعزيز تخليه عن جناحه العسكري، إلا أن الإشارات القادمة من واشنطن في عهد دونالد ترامب متناقضة، وبعضها يصر على ضرورة إبعاد الحزب عن الحكومة، أو محاولة فصل وعزل حركة أمل عنه، لكن بري أبلغ المجتمعين في بعبدا أنه سيدخل هو والحزب معاً في الحكومة، أو يخرجان منها معاً. ولذلك عندما احتدم النقاش حول اسم الوزير الشيعي الخامس، قال بري للرئيسين: «اذهبا وشكلا حكومة من دون الشيعة»، معتبراً أن تسمية وزير خامس هو مخطط ضد الشيعة.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي كبير أن «حزب الله» هُزم ويجب أن تعكس الحكومة الجديدة هذه الحقيقة، وأنه من المقرر أن تنقل أورتاغوس رسالة حازمة إلى القادة اللبنانيين مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المضبوط للحزب وحلفائه في التشكيل الحكومي الجديد.
ومن الواضح جداً أنه بعد التغيرات التي حصلت في الإدارة الأميركية وسياستها، فإن المطلوب من هذه الحكومة اتخاذ قرارات جدية وجذرية في ملفات كثيرة، سياسياً وفي موضوع السلاح، وهذا التوجه السياسي يبقى أكبر بكثير من كل التفاصيل اليومية اللبنانية المرتبطة بالحصص وبتسمية وزير من هنا أو من هناك.
فالمطلوب دولياً ومن المعنيين بتشكيل الحكومة ضمانات بعدم تفجيرها من الداخل، وذلك من خلال عدم منح أي طرف «الثلث المعطل» أو تعطيلها بذريعة الميثاقية في حال انسحب الوزراء منها، ولذلك هناك إصرار لدى الرئيس المكلف على تسمية شخصية شيعية لا تنتمي إلى «الثنائي»، بينما الأخير يطالب بضمانات حول عدم اتخاذ قرارات في الحكومة تتعارض مع توجهات حركة أمل و«حزب الله»، خصوصاً في موضوع الجنوب وسلاح الحزب.
وسيكون لهذه الحكومة دوران محوريان: تطبيق القرار 1701، وإجراء الانتخابات النيابية، وفي كليهما يمكن أن يُفسّر عملها بأنه محاولة لترجمة إضعاف «حزب الله» عسكرياً إلى ضعف سياسي.