صدى الارز

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

البيان الوزاري للحكومة اللبنانية يؤسس لمرحلة ما بعد حزب الله

أسقط البيان الوزاري للحكومة الإشارة إلى دور المقاومة في الدفاع عن البلد في رسالة واضحة تؤكد أن لبنان الجديد يؤسس لمرحلة ما بعد حزب الله، ويقطع الطريق أمام أيّ شكل من أشكال الوجود الإيراني من بوابة السلاح أو التمويلات، في مرحلة لم تعد تسمح بأدوار للاعبين الصغار مثل إيران.

وجاء البيان الحكومي بعيدا عن لهجة معتادة في السنوات الماضية كان ينظر إليها على أنها تضفي شرعية على دور حزب الله في الدفاع عن لبنان بإشراك لفظة المقاومة في كل البيانات ورهن لبنان لما تقوم به وتشريع كل أنشطتها ودورها بشكل يجعلها فوق الدولة اللبنانية ورئيس الجمهورية والجيش والحكومة.

وكان البيان واضحا وقاطعا بالحديث عن أن لبنان “دولة تملك قرار الحرب والسلام،” مؤكدا “حق الدولة اللبنانية في ممارسة كامل سلطتها على الأراضي اللبنانية كافة”.

وجاءت الرسالة موجهة إلى حزب الله الذي سبق أن احتكر القرار اللبناني، وهو وحده من كان يقرر مدى تبدأ الحرب ويحدد مبرراتها السياسية، التي هي مبررات الحزب وإيران، وليست مبررات لبنان ومصالحه الوطنية والإقليمية.

ويعبر الخطاب الذي تضمنه البيان الوزاري عن توجه لبناني عام يريد أن يتصرف لبنان وفق مصالحه ويفكر في شعبه قبل أن يفكر في “إسناد غزة” أو في تنزيل أجندة إيران وإظهار قدرتها على الضغط وإرباك إسرائيل أو الولايات المتحدة.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وهذا توجه منطقي بعد أن وجد اللبنانيون أن الحرب الأخيرة لا تمثلهم وجلبت لهم الدمار وضاعفت من أزماتهم الاقتصادية والمالية بدل البحث عن حلول لها ببناء الثقة مع المحيط الإقليمي والدولي.

وتزامن البيان مع التصعيد الأخير الذي قام به أنصار حزب الله من احتجاج وحرق وتخريب في مسعى لإظهار أن الحزب موجود وقادر على الإرباك، وأنه ليس باستطاعة أيّ جهة أن تتصرف بما يضر بمصالحه. لكن الرد الحازم من الجيش بإطلاق الغاز على أنصار الحزب، الذين كانوا هم أصحاب القرار في السابق ويحددون مساحة التحرك للآخرين، وتوقيف أعداد منهم، كان رسالة صادمة لحزب الله لأنها تؤشر على وجود تغيير حقيقي في البلد، وأن الحزب لم يعد بإمكانه أن يستعيد قبضته الأمنية والسياسية على اللبنانيين.

وتوصل محاصرة حزب الله وتجريده من صلاحيات الحاكم الفعلي للبنان رسالة واضحة إلى إيران تشير إلى أن الأمور تغيرت وأنه لم يعد مسموحا لها بتهريب الأسلحة والأموال والمقاتلين عبر طائراتها التي تدخل وتخرج دون أن يقدر أحد على تفتيشها في وجود حزب الله.

ولم يكن نفوذ إيران يقف عند تسليح حزب الله وتدريب مقاتليه، بل كان الأمر أكثر اتساعا وأهمية، فهي تستثمر الأموال المهربة لتغيير الخارطة الجغرافية للطوائف.

ولم تخل الأزمة حول الرحلات الجوية الإيرانية إلى بيروت، من دلالات مهمة، لعل أبرزها حرص المؤسسات السيادية اللبنانية على السيطرة على المؤسسات الحيوية والمرافق العامة للدولة، وفي مقدمتها مطار رفيق الحريري في بيروت الذي ظل لسنوات طويلة مستباحا من قبل طهران وذراعها حزب الله.

وسيخلق هذا الخيار تعقيدات كبيرة لإيران، فهي قد خسرت سوريا، التي كانت معبرا رئيسيا لتسليح حزب الله، وتخسر الآن مطار بيروت، الذي كان القناة الأساسية في التهريب، وهو ما يعني أنه يجري تنفيذ خطط إقليمية ودولية لمحاصرتها بإتقان كبير، وأن وجودها قبالة إسرائيل للضغط والمساومة لم يعد ممكنا.

ورفعت الحكومة يد حزب الله عن الملف السوري وورقة اللاجئين التي كان الحزب يضغط بها على السياسيين. وقال البيان الحكومي “ترى الحكومة أننا أمام فرصة لبدء حوار جاد مع الجمهورية العربية السورية يهدف إلى احترام سيادة البلدين واستقلالهما وضبط الحدود من الجهتين وترسيمها.. والعمل على حل قضية النازحين السوريين، والتي لها تداعيات وجودية على لبنان”.

ويقول مراقبون إن قطع الطريق على النفوذ الإيراني في لبنان سيعني فتح الباب أمام شراكات أخرى متنوعة يمكنها أن تجد حلولا سريعة لأزمات لبنان الاجتماعية والمالية، ومنها الشراكات مع دول الخليج، والاستثمارات الغربية في مشاريع ذات فاعلية مثل التنقيب عن النفط والغاز، وهو ملف كان حزب الله يحتكر تفاصيله لمنع وجود الاستثمارات الأجنبية وتقوية نفوذ إيران.

وفي جانب آخر، تخلى لبنان عن المحاذير السابقة والعراقيل التي كان يضعها حزب الله وحلفاؤه أمام التمويلات الخارجية من خلال إعلان التوجه إلى صندوق النقد.

وذكر البيان الوزاري أن الحكومة اللبنانية ستتفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي وأنها تعمل على معالجة التعثر المالي والمديونية العامة.

وأضاف أن الحكومة “ستعمل من أجل النهوض بالاقتصاد الذي لا يقوم دون إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من تسيير العجلة الاقتصادية. وستحظى الودائع بأولوية من حيث الاهتمام من خلال وضع خطة متكاملة وفق أفضل المعايير الدولية للحفاظ على حقوق المودعين“.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية بالغة السوء منذ عام 2019، عندما انهار النظام المالي تحت وطأة ديون عامة ضخمة، مما تسبب في تخلف البلاد عن سداد ديونها السيادية في عام 2020 وتجميد مدخرات المودعين العاديين في النظام المصرفي.

وتوصلت بيروت إلى مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام 2022 بشأن توفير تمويل، والتي اشترطت إصلاحات لم تتمكن السلطات من تنفيذها.

وقال وزير المالية اللبناني ياسين جابر، الذي تولى منصبه ضمن حكومة جديدة تشكلت هذا الشهر، لرويترز إن من المتوقع أن تجري بعثة من صندوق النقد الدولي زيارة إلى لبنان في مارس القادم.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading