وتشير مصادر عكارية إلى أنّ البعريني يعلن هذا الموقف للاستمرار في الحصول على دعم من تبقى لـ»تيار المستقبل» في مؤسسات الدولة، أمنياً وقضائياً بشكل خاص، وهو الذي كان على وشك إشعال تصادم بعد تبنّي أعضاء في مكتبه الخاص دعوة للتظاهر في الأشرفية تضامناً مع سليمان عيسى (من عكار) الذي استولى على أرضٍ لبلدية بيروت في منطقة الأشرفية، وزجّوا باسم العشائر العربية في الدعوة. ودفع ذلك بمصدر قيادي في العشائر إلى التوضيح بأنّ دعوة أحد المقربين من النائب البعريني الى الاعتصام في الأشرفية، ربطاً بمسألة خاصة، وتصوير الأمر على أنه دعوة من العشائر، أمر مخالف للحقيقة، فلا يوجد دعوة من هذا النوع، والعشائر تحت سقف القانون، وتستغرب الزج باسمها في قضايا لا تمت الى المصلحة العامة».
وقد أدّى هذا الموقف المسرّب من قيادة العشائر إلى انفراط عقد الدعوة من أساسها، فقصد البعريني النائب نبيل بدر لينزله عن الشجرة عن طريق ترتيب اجتماع له مع المعنيين في بلدية بيروت لحفظ ماء الوجه بعد أن أطلق المحرِّضون على هذه التظاهرة شعارات وصفت البعريني بأنّه «أسد السنّة» و»المُدافع عن قضاياهم في حين تخلّى كثيرون عن نصرة المظلوم». ويمكن القول إنّ حكمة قيادة العشائر أسقطت محاولة شديدة الخطورة كان يمكن أن تتحوّل إلى «غزوة الأشرفية الثانية» وتُحدث فتنة سنية مسيحية، لكن ثبت في النهاية أنّه لا يستطيع تحريك الساكن بدون غطاء العشائر، لذلك استحضر بعض الوجوه النافرة التي كالت له المديح على طريقة الممانعة، فخرج هؤلاء على إجماع العشائر وثبت انعدام تأثيرهم على الشارع السني والعشائري. واللافت في كلّ هذا أنّ سليمان ينتمي إلى الطائفة المسيحية وليس مسلماً ولا سنياً!
لم تتوقف سقطات البعريني عند هذه الحدود، بل إنّ برقية عسكرية صادرة عن قيادة الجيش كشفت أنّه يعمد إلى «تنظيم بطاقات تسهيل مرور صادرة عن مكتبه – جهاز الأمن والحماية، يطلب بموجبها تسهيل مهمة حامليها وتقديم المساعدة اللازمة لهم»، وتضيف البرقية أنّه «وتنفيذاً للقرار المدرج في المستند أعلاه، «يكلَّف المرسل إليهم التعميم على القطع والوحدات التابعة لهم بأنّ حامل هذه البطاقة لا يخوله حيازة سلاح حربي أو المرور بآلية غير قانونية»، الأمر الذي دفع بهذا النائب إلى نشر توضيح عبر بعض وسائل التواصل بأنّه لا يحمي المخالفين للقانون.
أمّا ثالثة السقطات فكانت ورود اسم البعريني في تقرير موثق على قناة «العربية الحدث» يتحدث عن دور له في تغطية مجموعات مقربة من «حزب الله» في تهريب السوريين إلى لبنان، وهذا يفسِّر بعض جوانب الخلل على جانبي الحدود في عكار.
لطالما واجهت القيادات الأمنية في الشمال أسلوب البعريني في التدخل في قضايا ينظرها القضاء تحت عنوان الصلح، ولطالما دفعت قيادة «تيار المستقبل» به عند كلّ محطة توتير مطلوبة مع «القوات اللبنانية»، واليوم تجعله في وجه بهاء الحريري، بينما تتكاثر الأمثلة التي تكشف أنّه لم يغادر مساحته الواصلة بين الهرمل وسوريا سياسة وأمناً، في ضوء ما تكشفه وقائع تدفعنا إلى التساؤل عمّا إذا كان الرئيس سعد الحريري و»المستقبل» يتبنّيان ما يفعله أم سيسارعان إلى التبرّؤ منه بعد وقوع الواقعة.