وقضية اللاجئين كانت محور الطاولة المقفلة التي دعا إليها المركز الماروني للأبحاث والتوثيق، برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي، وشارك فيها وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، ووزير المهجرين عصام شرف الدين، ووزير العدل هنري الخوري، ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وممثلون لقادة الأجهزة الأمنية، وعدد من المحافظين.
وقبل اللقاء، قال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي إن الهبة الأوروبية لم تبت بعد كلياً، قائلاً: «ستسمعون قريباً بقافلة عودة طوعية للسوريين إلى بلدهم نعمل عليها»، وأكد: «سندافع عن لبنان، ونطبق الإجراءات اللازمة، والتعاميم نُفّذت بنسب متفاوتة بين البلديات، ولن نقبل ببقاء السوريين غير الشرعيين».
وكان قد أُعلن عن حزمة المليار يورو التي أقرت للبنان من الاتحاد الأوروبي خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس، الأسبوع الماضي.
من جهته، لفت وزير التربية عباس الحلبي إلى أنه «سيعرض في بكركي الوضع التربوي، ولا سيما بالنسبة للتلامذة السوريين، وعلى الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية وسلطاتها المحليّة تنفيذ الإجراءات القانونية النافذة».
وأتت دعوة بكركي لهذه الجلسة بعد مواقف عالية السقف أصدرها الراعي، كان آخرها في عظة الأحد حين دعا المسؤولين إلى توحيد الكلمة في قضية تأمين عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى وطنهم، مطالباً إياهم، بـ«عدم الرضوخ للضغوط الأوروبية والدولية وأساليبها المغرية، بهدف تجنّب عودتهم وإبقائهم في لبنان لأهداف سياسية».
في موازاة ذلك، نفذ «التيار الوطني الحر»، الخميس، تحركاً شعبياً في وسط بيروت؛ «رفضاً للمحاولات الخارجية لتصفية قضية النزوح السوري على أرضه، كما جاء في الدعوة، واستكملت كتلته النيابية جولتها على المسؤولين، والتقت، الخميس، رئيس البرلمان نبيه بري».
وتحدث النائب سليم عون بعد اللقاء عن «إجماع بين اللبنانيين حول قضية اللاجئين، وهو عامل قوة يجب أن ننطلق منه لنطالب المعنيين بعودتهم إلى بلدهم»، مضيفاً: «أسمح لنفسي أن أستخدم ما قاله رئيس البرلمان بأن هذا الموضوع يشكل خطراً حقيقياً على الكيان، وليس على المسيحيين، إنما على اللبنانيين؛ مسلمين ومسيحيين».
وفيما أكد مشاركة كتلة «التيار الوطني الحر» في جلسة البرلمان، الأسبوع المقبل، أشار إلى أن النواب سيخرجون بتوصية «من ضمن الروحية التي نتحدث بها، وبأنه يفترض البحث كيف يكون المال مساعداً لعودة النازحين»، مؤكداً: «المال هو وسيلة ضرورية لعودة اللاجئين، ولكن ليس لتخديرنا عن المطالبة بعدم العودة».
بدوره، واستكمالاً للجولة التي يقوم بها على عدد من المسؤولين والمعنيين في هذه القضية، قدّم وفد من كتلة حزب «القوات اللبنانية» مذكرة للمفوض السامي لشؤون اللاجئين، تتضمن مقاربة «القوات» للوجود السوري، مؤكداً أن «لبنان غير مهيأ أن يكون بلد لجوء».
كذلك يستمر الحزب «التقدمي الاشتراكي» في مبادرته عبر توزيع الوثيقة التي أعدّها لمعالجة ملف النزوح السوري على الأفرقاء والمسؤولين اللبنانيين، وتتضمن دعوة لفتح حوار مع الدولة السورية بشأن النازحين.
وتأتي كل هذه التحركات التي يقوم بها أطراف عدة، قبل نحو أسبوع من موعد الجلسة التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري بطلب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؛ إثر الحملة التي تعرّض لها على خلفية الهبة الأوروبية، واعتبار البعض أن المليار يورو هي رشوة لإبقاء السوريين في لبنان، وهي ما لاقت تجاوباً من معظم الأفرقاء، حيث من المتوقع أن يشارك فيها معظم الكتل النيابية، بمن فيهم الذين ينتقدون التشريع في البرلمان اللبناني في مرحلة الفراغ الرئاسي، وتحديداً «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية». وهو ما تلفت إليه مصادر في «القوات»، مشيرة إلى أن التوجه هو للمشاركة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجلسة ليست تشريعية، إنما مساءلة ووضع الضوابط أمام تحرك الحكومة وتحصين الموقف الوطني في قضية اللاجئين».
وبانتظار ما سيصدر عن جلسة البرلمان، ترى المصادر أن كل التحركات التي تحصل في لبنان اليوم هي ضمن «التعبئة المطلوبة للوصول إلى حلول».
وتقول: «اجتماع بكركي أيضاً يأتي في سياق التعبئة الوطنية المطلوبة لمعالجة ملف الوجود السوري غير الشرعي؛ لأن القرار بشأنه سيادي لبناني، ولأن هذه المسألة لم تعد تحتمل المماطلة، ويجب الذهاب فيها إلى خطوات عملية»، مذكرة من جهة أخرى بـتعاميم الأجهزة الأمنية والبلديات التي يجب أن تعمل على تطبيقها، وأن تشكل خريطة طريق للفرز بين من هو شرعي ومن هو غير شرعي لترحيله».