وقالت وزارة الخارجية البحرينية “تنفيذا لتوجيهات القيادة الحكيمة، فقد قررت مملكة البحرين استئناف التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة”، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية.
وأوضحت أن “هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين والاحترام المتبادل”.
كما أنها تتوافق مع مبادئ ميثاق جامعة الدول العربية، وأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، بحسب الوزارة.
وسارع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، إلى الترحيب بقرار البحرين، قائلا ” نثمن هذا القرار ونرحب به في سياق علاقات الأخوة بين البلدين”. بحسب بيان صادر عن الموقع الرسمي لميقاتي.
وأضاف ” أكرر ما قلته الأحد في “قمة جدة” من شكر لبنان للدول الشقيقة وخاصة أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي على إتاحة فرص عمل للبنانيين على أراضيها، وضمن مؤسساتِها الخاصة والعامة، متمنياً عودة سريعة لجميع الإخوة العرب إلى لبنان”.
وأشار البيان إلى أن ميقاتي قد تشاور مع وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبدالله بو حبيب “وتوافقا على أهمية هذه البادرة والبناء عليها من أجل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان والبحرين”.
وأواخر أكتوبر 2021، استدعت البحرين والكويت سفيريهما لدى بيروت وطلبتا من السفيرين اللبنانيين لديهما المغادرة، حاذية بذلك حذو السعودية. كما سحبت الإمارات دبلوماسييها وقررت منع مواطنيها من السفر إلى لبنان.
وبدأت الأزمة الدبلوماسية بين السعودية ولبنان على خلفية تصريحات لوزير الإعلام حينها، جورج قرداحي، سجلت قبل توليه مهامه وتم بثها بعد ذلك، قال فيها إن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن “يدافعون عن أنفسهم” في وجه “اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات.
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري بقيادة السعودية ويضم البحرين والإمارات ودولا أخرى، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
وقدم قرداحي لاحقا استقالته في مسعى لاحتواء الأزمة، لكن العلاقات مع دول الخليج بقيت باردة.
ويأتي قرار البحرين بعد يوم من اختتام أعمال القمة العربية الـ32 بجدة، والتي أعربت في بيانها الختامي، عن تضامن الدول العربية مع لبنان، داعية كافة الأطراف اللبنانية للتحاور لانتخاب رئيس للجمهورية يرضي طموحات اللبنانيين وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته.
كما يأتي في سياق انفراجات دبلوماسية إقليمية تلت الإعلان المفاجئ في مارس عن اتفاق بين الرياض وطهران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما برعاية صينية.
وتشهد العلاقة بين لبنان والسعودية فتورا منذ سنوات، رغم عودة السفير السعودي وليد بن عبد الله بخاري في أبريل الماضي، على خلفية تزايد دور حزب الله، الذي تعتبره الرياض منظمة “إرهابية” تنفذ سياسة إيران وتأخذ على المسؤولين اللبنانيين عدم تصديهم للحزب.
ورغم انكفائها السياسي تعمل السعودية على توفير شبكة أمان دولية للحفاظ على أمن لبنان، رغم تحفظاتها على سيطرة حزب الله الموالي لإيران على الحياة السياسية وعجز الساسة اللبنانيين عن تحجيم نفوذه والوفاء بوعود قُطعت سابقا للعمل على ذلك.
ومنذ الأزمة الدبلوماسية مع الرياض ودول الخليج يشيد المسؤولون اللبنانيون بدور السعودية وضرورة تواجدها على الساحة اللبنانية، ويقدمون تعهدات مكررة لجهة حماية أمن دول الخليج ومصالح الرياض، وهي تعهدات لم تعد تؤتي أكلها خاصة وأن المسؤولين اللبنانيين لم يلتزموا بها في وقت سابق وينظرون إلى السعودية على أنها داعم مالي دون التقيد بالتزاماتهم تجاهها، وهو ما لم يعد ينسجم مع إستراتيجيات الرياض الجديدة في المنطقة.
وتنتظر السعودية من القادة اللبنانيين الالتزام بتعهداتهم تجاه الرياض، لا الاقتصار على الأقوال كلما احتاج لبنان إلى الدعم المالي والاستثمارات.
وبذلت الرياض كل ما في وسعها على مدى سنوات لدعم لبنان وحث الفرقاء على منع ارتهانه إلى أيّ جهة خارجية، لكن اللبنانيين ظلوا ينظرون إلى المملكة كجهة مهمتها ضخ الأموال وتحريك الاقتصاد والسياحة دون أيّ التزام سياسي تجاهها، وهو خيار لم يعد يتماشى مع سياستها الجديدة.
وقدّمت المملكة المليارات في سبيل إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية (1975 – 1990)، لكنّها بدت في السنوات الماضية غاضبة جراء فشل القادة السياسيين في كبح جماح حزب الله المسلّح والنافذ والمدعوم من إيران.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة تستوجب دعما ماليا خليجيا (سعوديا بشكل خاص) ودوليا لتفادي انهيار يقول مراقبون إنه بات وشيكا.
وتتخذ الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يعاني منها لبنان منذ صيف 2019 مسارا تصاعديا، ووصفها البنك الدولي بأنّها من بين الأسوأ منذ عام 1850.
وتقدّر الأمم المتحدة أنّ 78 في المئة من الشعب اللبناني يرزحون تحت خط الفقر في ظلّ تضخم جامح وعمليات تسريح من الوظائف.