يقترب ملف النزوح السوري في لبنان من الانفجار، بعدما أوشكت الأمور على الخروج عن السيطرة، نتيجة ارتفاع صرخة الشعب اللبناني الذي لم يعد قادراً على تحمل تداعيات الملف التي تجاوزت كل الحدود وعلى مختلف المستويات، وسط عجز حكومة تصريف الأعمال عن مواجهة موجات هذا النزوح المتجددة عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، وتوازياً مع عدم قدرة الجيش والأجهزة الأمنية على التصدي لعمليات تهريب السوريين، رغم حملات التوقيف التي تطال العشرات يومياً.
وقد أكدت أوساط معارضة أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أساسية في تفاقم معاناة اللبنانيين جراء تبعات النزوح، ما يستوجب القيام بحملة ديبلوماسية واسعة النطاق، لإرغام المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته، من خلال الضغط على النظام السوري لإعادة هؤلاء النازحين، على أن تتكفل الدول المانحة بتقديم الدعم المالي لهم، أثناء تواجدهم داخل سورية.
وفي السياق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تهريب السوريين إلى لبنان يتم بإشراف «حزب الله» وقوات الفرقة الرابعة، مشيرا إلى أن مصادر في المنطقة تتحدث عن تجمع العشرات من الشبان والعائلات عند جسر تلبيسة بريف حمص الشمالي، قبل انطلاق رحلتهم إلى لبنان عبر شبكات التهريب المحمية من السلطات المحلية والميليشياوية، التي تسيطر على نقاط العبور بين سورية ولبنان بحكم تواجدها على الجهتين، مشيرة إلى ان رحلات التهريب تنطلق إلى لبنان بسيارات من جسر تلبيسة بحمص، سالكة طرقات ريف حمص الغربي من تلكلخ وقرية ربلة، وصولاً إلى منطقة وادي خالد في قضاء عكار بلبنان التي اشتهرت منذ زمن طويل بأنها منطقة عبور غير شرعي بين البلدين.
وفي الموازاة، بدأت وزارة الإعلام بالتحضير لحملة إعلانية وإعلامية تسلّط الضوء على مخاطر النزوح السوري، ضمن الخطة التي وضعها مجلس الوزراء في اجتماعه حول النزوح، والتي تهدف إلى التوعية حول خطورة النزوح على الشعبين السوري واللبناني.
وفي الشأن الرئاسي، كشفت المعلومات المتوافرة لـ»السياسة» أن الموفد القطري جاسم بن فهد خرج من اللقاءات التي عقدها مع القيادات اللبنانية التي التقاها، بانطباعات مخيبة في ما يتصل بحل الأزمة الرئاسية، حيث أبلغه «الثنائي الشيعي» رفضه الخيار الثالث الذي تسوق له الدوحة، متمسكاً بدعم مرشحه سليمان فرنجية، على وقع احتدام كلامي متصاعد بين الموالاة والمعارضة، من شأنه في حال استمراره أن يزيد القلق على الاستقرار، حيث ترتفع وتيرة التحذيرات مما ينتظر البلد، إذا طال أمد الشغور ولم تنجح الوساطات في التوفيق بين وجهتي نظر الموالاة والمعارضة ، وسط خشية حقيقية من جانب المعارضة، من أن «حزب الله» بالتحديد، يعيد نفس الأسلوب الذي اعتمده قبل انتخاب الرئيس ميشال عون، لوضع الجميع في الداخل والخارج أمام الأمر الواقع، وهو إما فرنجية رئيساً، أو بقاء لبنان في الفراغ. وهذا ما سبق أن أشار إليه البطريرك بشارة الراعي الذي كان يدرك أبعاد المخطط الذي يسعى إليه الحزب وحلفاؤه، في وقت حذرت القوى المعارضة من تهديدات قياديين في الحزب للفريق الآخر الذي يرفض محاولات حلفاء إيران فرض رئيس على اللبنانيين، مشددة على أن اللعب بالورقة الأمنية بهدف زعزعة الاستقرار، لأن ذلك سيأخذ لبنان إلى مزيد من التفتت والانهيار على مختلف الأصعدة.
جنوباً، استمر الوضع الامني عند الحدود الجنوبية حذرا، في ظل استنفار متبادل بين حزب الله والقوات الإسرائيلية على طول حدودها الشمالية مع لبنان، وخاصة في القطاع الشرقي، انطلاقا من محور تلة العباد وتلال العديسة وبوابة فاطمة، وصولا حتى مثلث الوزاني سهل مرجعيون المحاذي لمستعمرة المطلة وكذلك على طول محور الغجر بسطرة ورويسات العلم بمحاذاة بركة بعثائيل خراج بلدة كفرشوبا. وسجلت طلعات استكشافية للطيران الاسرائيلي دون طيار في سماء المنطقة، تزامناً مع حركة ناشطة للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل على طول هذا الخط لمراقبة الوضع والحفاظ على الهدوء والاستقرار.