رغم أن الصين تنظر للاقتصاد على أنها أولوية هامة للبلاد باعتبارها أداة هامة للنفوذ الناعم، إلا أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ يضع في نصب عينيه “تعزيز الأمن القومي” في عالم يراه مليئا بالتهديدات.
ولإنعاش الاقتصاد تحتاج الصين إلى جذب المستثمرين الأجانب وتحقيق الاستقرار في العلاقات مع الغرب، ولكن تحقيق هذا الهدف قد يتعارض مع مخاوف بكين المرتبطة بالأمن بالقومي، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
ومن وجهة نظر الصين قد يستخدم المنافسون الأجانب الجواسيس لإضعاف اقتصاد الصين، إذ أن عليها الحذر من الولايات المتحدة والغرب، ولكن عليها التعامل مع روسيا كشريك حيوي للحد من خطر الناتو.
وتشير الصحيفة إلى أن الصين تنظر للمرحلة المقبلة على أنها “مرحلة دبلوماسية لتأكيد نفوذها، وإعادة تشكيل النظام العالمي لصالحها”.
وتشن الصين حملات داخلية على الشركات الاستشارية التي لها علاقات دولية، حيث تروج وسائل إعلام وطنية ضد بعض هذه الشركات بأنها تحاول “سرقة المعلومات الحساسة في الصناعات الرئيسية”.
وعلى سبيل المثال، يثير نهج الصين على نحو متزايد مخاوف في كندا، حيث تتهم الحكومة دبلوماسيا صينيا بترهيب وجمع معلومات شخصية عن نائب كندي كان ينتقد معاملة بكين لمسلمي الأويغور، وبعد أن أمرت أوتاوا المسؤول الصيني بالمغادرة، طردت بكين دبلوماسيا كنديا في شنغهاي في خطوة متبادلة.
أستاذ الدراسات الآسيوية بجامعة جورجتاون، إيفان ميديروس قال للصحيفة إن “قدرة الصين على إدارة المصالح المتعددة والمتنافسة المحلية والعالمية أصبحت بسرعة تحديا حاسما للرئيس شي”.
وأضاف أن هذا “ليس بالأمر الجديد، إلا أنه أصبح أكثر صعوبة، حيث التعافي الاقتصادي الصيني أصبح صعبا مع تباطؤ نمو الصادرات وارتفاع معدلات البطالة.. يبدو أن شي يعقتد أنه قادر على جذب بعض الدول بالاعتماد على جاذبية الاقتصاد والاحباط العالمي من قوة الولايات المتحدة”، واصفا هذا الأمر بـ”المقامر الكبيرة”.
وفي الوقت الذي يتخوف فيه الرئيس شي من حلفاء الولايات المتحدة، إلا أنه بكين تسعى لجذب الدول الأوروبية لصالحها، واعتبر وزير الخارجية الصيني تشين غانغ، الجمعة، أن على الصين وأوروبا أن تنبذا معا “ذهنية الحرب الباردة”.
وقال تشين غانغ في مؤتمر صحفي خلال زيارة إلى أوسلو تزامنا مع اجتماع وزاري للاتحاد الأوروبي يهدف إلى “تعديل” الموقف الأوروبي تجاه بكين “يصعد البعض الكلام عن الديمقراطية في مواجهة الاستبداد ويمضون إلى حد التحدث عن حرب باردة جديدة”.
وتابع أنه “إذا حصلت حرب باردة جديدة، فإن النتيجة ستكون أكثر كارثية” من سابقتها. وأكد أنه يتعين على الصين وأوروبا معا “أن ترفضا ذهنية الحرب الباردة”.
وأتى كلام وزير الخارجية الصيني في وقت يلتقي نظراؤه في الاتحاد الأوروبي في ستوكهولم في السويد المجاورة سعيا إلى توحيد الموقف حيال الصين.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مستهل الاجتماع “علينا أن نعيد ضبط موقفنا تجاه الصين”.
وتتواجه الصين والدول الغربية حول ملفات عدة منها أوكرانيا وتايوان وحقوق الإنسان والأويغور.
وتأتي هذه التحركات الدبلوماسية في الوقت الذي تسعى فيه بكين إنعاش اقتصادها خاصة بعد سنوات كوفيد، إذ تؤكد أن اقتصادها مفتوح للاستثمار، ولكنها في الوقت ذاتها قلقة من “وصول الشركات إلى بيانات الصناعات الصينية، خاصة فيما يرتبط بالدفاع والتمويل والعلوم”، وهو ما شكل “إنذار لأجهزة الأمن في البلاد”.