خيَّب اجتماع «اللجنة الخماسية» لدعم لبنان في نيويورك الثلاثاء الماضي آمال اللبنانيين بما انتهت إليه من اللاموقف، فضلا عن انكشاف الخلاف بين وجهتي النظر الأميركية والفرنسية حيال ما يجب عمله للبنان، ومن جانب اللبنانيين المطلوب منهم مساعدة أنفسهم قبل مطالبة الغير بمساعدتهم.
ومثل هذه الخلاصة المخيبة بدت متوقعة من لحظة خفض مستوى الاجتماع باستبدال وزراء الخارجية، كما كان معلنا، بوكلاء الوزارات والمساعدين.
وأبرز ما تمخض عنه هذا الاجتماع الانقسام الحاد في الموقف بين واشنطن وباريس، حيث طالبت وكيلة وزارة الخارجة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليث بسقف محدد لمهمة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي أعلن العزم على القيام بجولة مباحثات رابعة مع القوى اللبنانية المتباينة حول مختلف المواضيع، وأهمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما بات بعض أعضاء «الخماسية» يفضلون ان يتابع موفد قطري باسم «اللجنة الخماسية».
وتوجهت ليث إلى مديرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية آن غريو (سفيرة فرنسا السابقة في لبنان) بالقول «يجب ان يكون هناك وقت محدد للمبادرة الفرنسية. يجب تحديد الوقت أو اتخاذ إجراءات»، آن غريو ردت بالقول «لاتزال هناك عقبات تحول دون انتخاب رئيس للبنان».
وفي الخلاصة، انه تم إبلاغ فرنسا بأنها أخفقت وعليها إفساح المجال لسواها.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد، في تصريحات له، على ضرورة تلبية دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية والتي رفضها البطريرك الماروني بشارة الراعي من سيدني في أستراليا، معتبرا ان انتخاب رئيس الجمهورية هو الحوار بحد ذاته.
ميقاتي ألقى أمس كلمة لبنان أمام الجمعية العامة، وقالت صحيفة «الأخبار»، القريبة من حزب الله، إن لبنان سيبقى منتظرا نضوج معطيات إقليمية، خصوصا على الخط الأميركي ـ الإيراني، وأي حراك سواء كان فرنسيا أو قطريا سيكون بانتظار هذه المعطيات وعداه مضيعة للوقت. وتقول صحيفة «الجمهورية» المستقلة، نقلا عن مصادر فرنسية، إن لودريان ذهب في مكان ما إلى حيث لا يريد الرئيس ماكرون وان فرنسا حريصة على حسن العلاقة مع الجميع، على الرغم من كل شيء. وتبعا لكل ما تقدم ذكرت مصادر ديبلوماسية في بيروت ان الموفد القطري، المنتظر وصوله إلى بيروت قد أخر زيارته للعاصمة اللبنانية إلى الخامس من أكتوبر، أي إلى ما بعد زيارة لودريان الرابعة إلى بيروت وعقد مؤتمره «النقاشي» لرؤساء الكتل النيابية اللبنانية في قصر الصنوبر، حيث مقر السفير الفرنسي في لبنان منذ عصر الانتداب قبل نحو 100 سنة، يتبعه الحوار «السباعي الأيام» الذي دعا اليه الرئيس بري حتى ولو بمن حضر، في إشارة إلى المقاطعة المسيحية على مستوى «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»، وبعض المستقلين والتي توجها البطريرك الراعي بالإعلان من سيدني عن ان الحوار الذي تحدث عنه في بيروت ذلك الذي يعني انتخاب رئيس للجمهورية.
وأمام المعارضة المسيحية لأي حوار، قبل انتخاب رئيس الجمهورية، ذكرت صحيفة «الديار» ان ثمة مساعي للقاء بين الرئيس بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الأمر الذي لقي ترحيبا من قبل حزب الله، وفي المعلومات ان الطرفين لم يرفضا اللقاء على الرغم من وجود عقبات سياسية بينهما، عدا الردود التي يتبادلها بري وباسيل من خلال نواب كتلتيهما. وبموافقة باسيل على المشاركة بالحوار الذي يدعو إليه رئيس المجلس يمكن حل عقدة المقاطعة المسيحية، لكن لكل شيء ثمنا في السياسة اللبنانية، فهل يوافق رئيس «حركة أمل» على شروط باسيل المتمثلة بإقرار اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني لعائدات النفط والغاز؟
المصادر المتابعة قالت ان بري قرر العودة إلى إدارة الحوار الذي يعمل له بعدما ايد الموفد الفرنسي جان إيف لودريان دعوته الحوارية، بخلاف المنتظر منه وتحدث عن رئيس للبنان يملك خبرات اقتصادية ولا خصومة له مع أحد.
في هذا السياق، قال موقع «القوات اللبنانية» الإعلامي صباح أمس الأربعاء «ممنوع منعا باتا وصول شخصيات خاضعة للممانعة إلى المواقع الدستورية، كونها تبقي لبنان من خلال ممارساتها في حالة انهيار وفشل وعزلة وفوضى».
إلى ذلك، قال رئيس «حركة التغيير» ايلي محفوض بعد لقاء رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب إن «أي رئيس للجمهورية يناسب حسن نصرالله ونبيه بري لا يناسبنا، وأي رئيس يناسب بشار الأسد والخامنئي لا يلزمنا، أي رئيس يحمي معاقبين ومطاردين من العدالة لا يشرفنا، مهما كان اسمه ومهما حاولوا تجميل صورته لا يناسبنا، خلصنا من نواطير خزمتشية بعبدا».