اللافت أن الجلسة تزامنت مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل الجندي شون روني، التي أحيتها الحكومة الآيرلندية وكذلك قوات «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني. وأثار التأجيل بعيد الأمد استياء الجانب الآيرلندي الذي يتخوّف من المماطلة والتلكؤ في إجراء المحاكمة. في وقت أكد مصدر بارز في المحكمة العسكرية أنه «لا داعي للتشكيك بالإجراءات المتبعة، وأن رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل جابر، يطبّق الأصول القانونية التي يعتمدها في كلّ القضايا». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الطبي الذي أبرزه وكيل المتهم عيّاد صحيح، وأن تأجيل الجلسة لبضعة أشهر جاء بسبب كثافة عدد الدعاوى، وهذا لا يعني المماطلة أو التسويف بهذه القضية على الإطلاق».
وكانت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن خليل جابر، قد وافقت منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على إطلاق سراح عيّاد وهو الوحيد الموقوف في القضية، لقاء كفالة مالية قدرها مليار ليرة لبنانية (13500 دولار أميركي)، وبررت قرارها بدواعٍ صحية ولكونه يعاني من مرض عضال.
الجلسة التي لم تستغرق سوى بضع دقائق حضرها كلّ من: سفيرة جمهورية آيرلندا في القاهرة وبيروت نوالا أبوبراين، والمستشار القانوني لوزارة الدفاع الآيرلندية المحامي جو كرم، والقنصل الفخري العام لآيرلندا جورج سيام وممثل الدائرة القانونية لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان المحامي يوسف صفير. وقد رفضت السفيرة الآيرلندية التعليق سلباً أو إيجاباً على إرجاء المحاكمة، وأوضح المحامي جو كرم أن «الحكومة الآيرلندية تراقب من كثب مجريات المحاكمة، وهي تطلب تحقيق العدالة في الجريمة التي أودت بحياة أحد جنودها في لبنان».
ويتهم القضاء العسكري الموقوف المخلى سبيله محمد عيّاد، والمتهمين المتوارين عن الأنظار: علي خليفة، ومحمد علي حسن سليمان، وحسين حسن سليمان، ومصطفى حسن سليمان، بقتل الجندي الآيرلندي ومحاولة قتل رفاقه من عناصر الكتيبة الآيرلندية العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، وتخريب الآلية العسكرية، كما أقدم عناصر مجموعة أخرى (لم تعرف هوياتهم) على مهاجمة آلية عسكرية ثانية تابعة للكتيبة الآيرلندية ومصادرتها وترهيب عناصرها عبر إطلاق النار فوق رؤوسهم من أسلحة حربية وتصويرهم.
وتحظى هذه المحاكمة باهتمام كبير من الحكومة الآيرلندية التي تواظب سفيرتها على متابعتها بدقّة، وكذلك من قبل قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، وأشار مصدر متابع لمجريات القضية إلى أن «الجانب الآيرلندي يتخوّف من المماطلة في هذه القضية، خصوصاً أن المحكمة العسكرية تحاكم شخصاً واحداً كان موقوفاً وأطلق سراحه، من دون الاطلاع على الأسباب الحقيقية لهذا القرار». وأوضح المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المحكمة بررت قرار الإفراج عن المتهم عيّاد لدواعٍ صحيّة، لكن قوات «اليونيفيل» والجانب الآيرلندي لم يطلعا على حقيقة هذا الأمر». وسأل المصدر: «هل يعقل أن هناك 6 أشخاص آخرين ملاحقين غيابياً عجزت الدولة اللبنانية حتى الآن عن توقيف أي منهم؟»، مذكراً بأن «جمهورية آيرلندا حكومة وشعباً ومعارضة، تكاد تكون الدولة الأوروبية الوحيدة التي تضامنت مع القضية الفلسطينية ورفضت بشكل علني وقاطع المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة».
ويتابع الآيرلنديون هذا الملفّ بدقّة، وكذلك الاهتمام الذي يحاط به المتهم عيّاد، ولفت المصدر إلى أن «الجانب الآيرلندي سجّل ملاحظاته على الجلسة السابقة التي خضع فيها عيّاد للاستجواب، بحضور نحو 20 محامياً ينتمون إلى (حزب الله) وحلفائه، وهذا يعني أن الموقوف يحظى بدعم حزبي»، مشدداً على أن «الفريق الدبلوماسي والقانوني الذي يمثل الدولة الآيرلندية و(اليونيفيل) لا يعترض على مراعاة الوضع الصحّي للمتهم إذا كان يعاني من مرض عضال، لكن ما يثير استغرابه أن ممثلي هذه الجهات لم تطلع على الملفّ الصحي للمتهم عيّاد بما يبرر إطلاق سراحه».