بالتأكيد، تجاهل الحزب وحلفاؤه ما فنده الاتحاد الأوروبي لجهة مسؤوليتهم في تقويض عمل المؤسسات وإرساء ثقافة الإفلات من العقاب وإساءة استخدام المساعدات المالية والعينية التي تدفقت على لبنان لغذاء هؤلاء اللاجئين وتعليمهم وطبابتهم، ما دفع بالمانحين إلى تحويل مساعداتهم باتجاه الجمعيات غير الحكومية بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت.
لا جديد في مثل هذه الأدبيات المتعلقة بهذا الفريق. فهم يريدون أن يسمعوا من الخارج، غربا وشرقا ما يناسبهم وما يدعمهم، وما يستثنيهم من المسؤولية حتى يتابعوا نهب البلد براحتهم ومن دون إزعاج.
والأدهى من ذلك، أن هؤلاء يعتبرون على الخارج “واجب” تمويل فسادهم، وفي الوقت ذاته هو المسؤول عن أزمة البلد، ولطالما كان متآمرا عليهم ومنتقصا لسيادة وطنهم ومتدخلا في شؤونه.
لذا يصبح متوقعا ما فاضت به قريحة الممانعين الأشاوس عندما استنكروا و”غلادمهم” في عروقهم، لأن “البرلمان الأوروبي طالعنا بقرار يلزم لبنان بإبقاء النازحين السوريين فيه، فمن هو هذا البرلمان الذي يريد أن يتحكّم بقراراتنا المحلية الداخلية اللبنانية، ومن هو هذا البرلمان الذي يمنع النازحين أن يعودوا إلى بلدانهم، ويفرضون علينا أن نقبل بالنازحين مع كل الظروف الصعبة والمعقدة لهم ولنا”.
وأغفل هؤلاء أن القرار غير ملزم للدولة اللبنانية، التي رفضت الالتزام بأدنى واجباتها تجاه سيادتها وأمانها عندما أباحت حدودها للحزب والمافيات التي يرعاها، ما سمح بتدفق غير شرعي لمن يشاء من غير اللبنانيين مقابل الدولارات التي تصب في خزينة الممانعة والمستفيدين منها.
ونسي الذين يسيطرون على الدولة أنه لا يكفي لوم المجتمع الدولي في إطالة أمد وجود اللاجئين السوريين على أراضيه، ويلعب على وتر توطينهم، مع أن الأمر غير مطروح في القرار الأوروبي، بينما فشلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ بداية الحرب السورية وتدفق اللاجئين في إدارة وتنظيم كيفية العامل معهم، بالتالي عليها المسؤولية الأكبر.
بالتالي، لا حاجة للخارج، لأن من يدور في الفلك الممانع أدى الواجب والمستحب لجهة “التآمر على السيادة اللبنانية”، فطريقة إدارة البلد وأزماته بالطريقة الحالية، تعني أن الوضع سيستمر على تفاقمه، ما دام تعطيل الانتخابات الرئاسية صامدا لا يتأثر بمبادرات دولية للإنقاذ، وما دام ممنوع التحقيق في جريمة مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، لرفض “حزب الله” وحلفاءه كشف الحقيقة المتعلقة بهذه الجريمة. وما دام متواصلا سوء الإدارة والاحتيال المرتبط بالمشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي وغيره بسبب الافتقار إلى الشفافية والرقابة.
وما دامت المطالبة بنزع السلاح غير الشرعي كفرا في قاموس “مؤمني المقاومة”، الذين لا يعترفون إلا بحقيقة واحدة اخترعوها لهم وفرضوها عليهم، ودمجوها بأساس العقيدة، وفق اختراعهم، لتصل مفاعيلها إلى جميع اللبنانيين عبر غلبة السلاح وفائض القوة.
ولعل الممانعون يحمدون ربهم لوجود لاجئين سوريين، يستطيعون تخويف اللبنانيين من بقائهم وتوطينهم لنسف باقي بنود قرار الاتحاد الأوروبي.. وتبرئة ذمتهم من مواصلة اغتيال لبنان.