جحت الاتصالات والمساعي الدولية في حصر تداعيات الصاروخ الذي سقط في قرية مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، ضمن دائرة محددة أو بالرد «الموضعي»، بحيث أبعدت شبح الحرب الواسعة عن لبنان، وحصرت الردود بتوجيه ضربات تستهدف مراكز لـ ««حزب الله»، من دون أن تصل إلى حد الخروج عن السيطرة.
وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بأن الأخير تلقى اتصالا من وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي «جدد دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس منعا للتصعيد». ودعا «إلى حل النزاعات سلميا عبر تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة».
وفي هذا الإطار، قال مصدر مطلع لـ «الأنباء» إن مسؤولين أميركيين أبلغوا مسؤولين لبنانيين تشديدهم في الاتصالات مع القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية بتجنب أي استهداف في العاصمة بيروت أو ضاحيتها الجنوبية، «لأن مثل هذا الهجوم قد يخرج الأمور عن السيطرة».
وأضاف المصدر: «رفض وزيران متطرفان في الحكومة الإسرائيلية، وزير المال بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن الداخلي ايتمار بن غفير تكليف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت اتخاذ قرار الرد وتحديد الهجمات في لبنان، يشير إلى اتخاذ القرار بإبقاء الضربات تحت السيطرة. وفي هذا الإطار ذكرت المعلومات ان الجيش الإسرائيلي رفض إعطاء ضمانات للحكومة بأن الرد لن يؤدي إلى توسيع الحرب، وان الخطة في هذا المجال تحتاج إلى مزيد من الدرس والنقاش، مع الترجيح ان تكون الضربات خارج بيروت والضاحية الجنوبية، وان تستهدف مراكز تصنف حساسة ودقيقة ولم تتناولها الهجمات سابقا».
وعلى خط مواز، قال مصدر أمني لبناني (متقاعد) لـ «الأنباء»: «إسرائيل لا يمكن ان تقدم على التوجه إلى حرب واسعة، وهي تلجأ دائما إلى التهديد لاستثماره لدى الدول الداعمة لخططها ومشاريعها. وان توسيع الحرب وان كان سيحدث دمارا كبيرا في لبنان، فإنه لن يحقق لها أية نتائج وسيكبدها خسائر كبيرة. فالدخول البري للجيش الإسرائيلي سيكون مكلفا وسيضطر للانسحاب دون ان يضعف قوة «حزب الله» أو إبعاده عن المناطق الحدودية، نظرا إلى انتشار عناصره في هذه القرى بحكم الانتماء إليها، وبالتالي لا خيار لعودة المستوطنين إلا باتفاق ديبلوماسي ينطلق من قرار مجلس الأمن الدولي 1701، سواء من خلال الالتزام بكل بنوده وخصوصا ما لم يطبق منه، او بإدخال تعديلات عليه وفقا لواقع فرضه الميدان على مدى الأشهر الـ 10 من الحرب المستمرة».
وتابع المصدر: «مكنت الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر إسرائيل من تحقيق الكثير من المكاسب الميدانية، من خلال استهداف قادة في الحزب والكثير من كوادره، والمسؤولين الميدانيين من خلال الغارات بالطائرات المسيرة. كما دمرت الكثير من المخازن والمواقع الحزبية، في مقابل خسائر إسرائيلية محدودة قياسا على حجم خسائر الميدان، غير أن هذا الواقع سينقلب إذا لجأت إسرائيل إلى الحرب البرية في لبنان».
وأشار المصدر «إلى ان إسرائيل تحاول استثمار سقوط المدنيين من المراهقين في مجدل شمس، لتخفيف الضغط الدولي عليها نتيجة المجازر التي ترتكبها في غزة».
في أي حال، بدا واضحا ان «قوة الردع» التي يملكها لبنان، سواء عبر صواريخ «حزب الله» ومسيراته، او بوحدة الموقف الرسمي اللبناني المتبني حق لبنان في الدفاع عن نفسه أمام التهديدات الإسرائيلية، جعلت لبنان في منأى عن سهولة الاعتداءات الإسرائيلية عليه، كما كان يحصل سابقا أيام الوجود العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان حتى نهاية أغسطس 1982.
ويتفق الجميع في الداخل اللبناني، «على ان زمن الأول تحول، لجهة طولة اليد الإسرائيلية في الاعتداء على لبنان، وقدرتها على فعل كل شيء وصولا إلى الاجتياح البري والوصول إلى العاصمة بيروت».
وكشفت معلومات مؤكدة لـ «الأنباء» ان الجانب الرسمي اللبناني (رئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية)، أبلغ وسطاء دوليين قرار «حزب الله» بحسم أمره لجهة الرد على قصف إسرائيلي للعاصمة بيروت أو ضاحيتها الجنوبية، باستهداف تل أبيب والقدس على التوالي. وان توسع الحرب سيقابل برد مناسب يتلاءم مع التطورات الميدانية والعسكرية.
وبدا التماسك اللبناني نقطة قوة، جعلت الوسطاء يضغطون أكثر على الجانب الإسرائيلي خشية انزلاق الأمور إلى ما لا تحمد عقباه إقليميا، وخروجها عن السيطرة من بوابة الميدان اللبنانية.
في المقابل، انعكس التوتر على الحركة اليومية اللبنانية. صحيح ان الموظفين قصدوا مراكز عملهم وتكررت زحمة السير عند مداخل العاصمة، إلا ان الصحيح أيضا ان حالة من الترقب تسيطر على المشهد، لجهة انتظار الساعات والأيام القليلة المقبلة، من دون ان يعني ذلك اهتزاز الحركة الداخلية التي تنشط القطاع السياحي من طريق اللبنانيين الذي اختاروا تمضية إجازاتهم السنوية في ربوع الوطن.
على ان الأنظار تركزت تكرارا على مطار بيروت الدولي، في ضوء إعلان المزيد من شركات الطيران الأجنبية تعليق رحلاتها الليلية من بيروت واليها، وإلغاء بعض الشركات رحلات كانت مقررة سابقا وبينها عدد من شركات الطيران التركية والأوروبية الخاصة.
في الميدان الجنوبي، استهدفت مسيرة معادية سيارة بين ميس الجبل وشقرا على طريق القلعة، وأسفرت عن جريحين.
كما استهدفت دراجة نارية على طريق ميس الجبل – شقرا قرب قلعة دوبيه على الطريق بين ميس الجبل وشقرا، وأسفرت عن سقوط قتيلين وجرح طفل. وعملت فرق الإسعاف على نقل المصابين إلى مستشفى تبنين الحكومي.