ابتكر باحثون مُركّباً كيميائياً جديداً يُمكن أن يُقلل من انبعاثات الكربون المرتبطة بعمليات البناء، ليس منخفضاً في بصمته الكربونية فحسب، بل يستطيع أيضاً امتصاص بعض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن عمليات البناء، ما يوفر “خياراً سلبياً للكربون” يلبي ممارسات البناء الصديقة للبيئة.
وتساهم المباني بنسبة 39% من إجمالي انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في العالم، منها 11% جراء البصمة الكربونية لمواد البناء.
وتقول الدراسة المنشورة في دورية الجمعية الأميركية للكيمياء، إن هناك جهوداً كبيرة في تطوير لوازم البناء التي يمكنها تعويض أو امتصاص هذه الانبعاثات، مثل استخدام المنتجات المعاد تدويرها أو المشتقة من النباتات.
ومع ذلك في كثير من الحالات، تكون هذه البدائل المستدامة أكثر تكلفة من المواد التقليدية أو لا يمكن أن تتناسب مع خصائصها، مثل القوة أو المتانة.
ويقول الباحثون إنهم صمموا مادة تزيين مركبة، يُمكنها أن تخزن كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون مما هو مطلوب لتصنيعها، وامتصاص بعض انبعاثات الكربون الأخرى.
ومواد التزيين المركبة هو نوع من مواد البناء المصنوعة من مزيج من ألياف الخشب أو دقيق الخشب والمواد البلاستيكية، وغالباً ما تكون مواد بلاستيكية معاد تدويرها.
أكثر متانة وأقل تكلفة
وينتج عن هذا المزيج خيار سطح متين ومنخفض الصيانة يحاكي مظهر الخشب الطبيعي، ولكنه يوفر العديد من المزايا، وهي صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
تعد ألواح التزيين المصنوعة من مركب الخشب والبلاستيك بديلاً شائعاً للألواح الخشبية، لأنها أقل عرضة للتلف الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية، ويمكن أن تدوم لفترة أطول. وعادة ما يتم تصنيع تلك المواد من مزيج من رقائق الخشب أو نشارة الخشب والبلاستيك، مثل البولي إيثيلين عالي الكثافة.
ولجعل هذه المركبات أكثر استدامة، يتمثل أحد البدائل في استخدام مواد الحشو التي تعتبر من منتجات النفايات أو التي سيتم حرقها.
لكن الباحثين في تلك الدراسة استخدموا الفحم البني منخفض الجودة واللجنين، وهو منتج مشتق من الخشب من بقايا صناعة الورق، كمادة حشو في مواد التزيين المركبة.
ولجعل جزيئات الفحم المسحوق وجزيئات اللجنين تمتزج مع المواد البلاستيكية وتلتصق بها، احتاج فريق البحث إلى إضافة مجموعات وظيفية من “الإستر” إلى أسطح الجسيمات.
والإسترات هي في الأساس أحماض كربوكسيلية، وهي نوع من أنواع المواد التي تستطيع التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي.
ولاختبار جدوى هذا النهج، لجأ الفريق إلى تفاعل كيميائي كلاسيكي لتشكيل رابطة كيميائية جديدة بين ثاني أكسيد الكربون ومجموعة وظيفية تسمى الفينول، وهي متوفرة بكثرة في المنتجات الخشبية مثل الفحم واللجنين.
بعد الخضوع للتفاعل، احتوت جزيئات اللجنين والفحم على 2-5% من ثاني أكسيد الكربون بالوزن.
بعد ذلك، قام الفريق بخلط نسب مختلفة من هذه الجسيمات مع البولي إيثيلين عالي الكثافة، وهو نوع من أنواع البلاستيك، لتكوين مركبات ذات لون بني مائل إلى الأسود، وقاموا باختبار الخصائص الناتجة.
وعن طريق عملية خلط هذه المكونات، وجد الباحثون أنهم يستطيعون صنع ألواح مركبة قوية تشبه الخشب.
وهذه الألواح الجديدة أرخص من ألواح التزيين العادية، وتخزن كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون مما تطلقه، ما يساعد البيئة.
وإذا تم استخدام هذه الألواح الجديدة بدلاً من الألواح العادية، فقد تساعد في احتجاز الكثير من ثاني أكسيد الكربون كل عام.
ويخطط الباحثون لصنع المزيد من أنواع هذه الألواح، ويأملون في استخدامها لمواد بناء أخرى أيضاً.