نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريراً قالت فيه إن رأس النظام السوري بشار الأسد يحاول استثمار الأديان الأخرى، غير الإسلام، للمساعدة في إنهاء عزلته.
وتحدثت المجلة عن دعم الأسد لمراكز اليوغا التي تدرس تعاليم الإله شيفا، والتي انتشرت في أماكن عدة في البلاد. ووصفت جلسة من جلسات اليوغا بالقول: “في الغابات وملاعب الرياضة والإستادات حول سوريا، يقوم الأطفال والكبار بممارسة حركات اليوغا الروتينية. أكفّهم مفتوحة للدعاء، وأذرعهم إلى الوراء، ويهتفون “سوريا نماسكار”، ويبدو الدعاء وكأنه دعاء لسوريا، لكنه يعني في الحقيقة “تحية للشمس، باللغة السنسكريتية”. ويقوم المدربون بزيّ الرهبان الهندوس بتلقين المتدربين تعاليم الإله شيفا، الذي أوجد الممارسة”.
ويقول المدرب السوري: “نقدم راحة من الضغوط الحقيقية والاقتصادية”.
وبدأت ممارسة اليوغا في سوريا عندما عاد مازن عيسى من مدينة ريشكيش التي تقع قرب جبل الهملايا، والمعروفة بدراسات اليوغا، وفتح أول مركز لممارسة اليوغا في سوريا. وظهرت بعد ذلك سلسلة من المراكز التي تعمل مجاناً، و”سر نجاحها هو أن رأس النظام بشار الأسد يدعمها”. فعلى مدى حكم عائلة الأسد، تحالفت طائفتها العلوية مع عدد من الأقليات الدينية لتقوية نظامها ضد الغالبية السنية، لكن النظام، وفي الفترة الأخيرة، ساعدَ جماعات وطوائف دينية أخرى لبناء جذور لها، فإلى جانب تشجيع اليوغا، سمح للمسيحيين الإنجيليين بفتح بيوت كنائس يتمكّن فيها المسلمون الذي تركوا دينهم من العبادة، بل وشجع اليهود من أصول سورية لزيارة العاصمة دمشق.
ويأمل الأسد من هذا “التدفق الديني بتكبير قاعدة نظام الأقلية وينهي وضعه المنبوذ حول العالم”.
ونقلت المجلة عن أيمن عبد النور، المسيحي السوري، والصديق الذي تحوّل إلى معارض: “إنه برنامج للتطبيع”. وتقول المجلة إن الأديان الجديدة تمنح للسوريين نوعاً من الراحة الجماعية في بلد دمرته الحرب، وقتل حوالي 350.000 منذ بداية الحرب، وشرد نصف سكانه، إلى جانب 90% ممن بقوا يعيشون في الفقر، وتم إسكات منظمات العمل المدني والسياسي.
ويقول المركز السوري لليوغا والتأمل بمدينة اللاذقية إن عدد مراكز اليوغا تضاعف منذ بداية الحرب عام 2011. وقدمت وزارة الرياضة لها ملاعب الرياضة لممارسة اليوغا. وتراجع عدد المسيحيين السوريين من 2.5 مليون إلى نصف مليون، بحسب وفد مسيحي زار دمشق قبل فترة. ولكن بيوتاً تستخدم ككنائس للمسيحيين الإنجيليين تفتتح كل شهر، وخاصة في مناطق الأكراد، شمال شرق سوريا.
نفس التوجه ملاحظ بين اللاجئين السوريين، فالجمعية الدولية للقيم الإنسانية، ومقرها في بريطانيا ألقت حصصاً لليوغا على لاجئي مخيم الزعتري في الأردن، وزادت الكنائس الإنجيلية في لبنان. وكان قادة المسلمين في سوريا يشجبون أي انحراف عن الدين الإسلامي، لكنهم يعتقدون أن من الحكمة عدم الكلام الآن.
ورغم مراقبة الأجهزة الأمنية لهذه النشاطات إلا أن الأسد بارك التعددية الدينية، وأرسل وفوده للمشاركة في يوم اليوغا العالمي، وتم افتتاح كلية كاثوليكية في دمشق عام 2021، وفي بعض المرات يقوم هو وزوجته بالذهاب إلى الكنيسة، ويقول الأسقف دانيال، وهو أسترالي التقى الأسد قبل فترة: “أظهر لنا روح الحب لكل الأديان، وقال إنه يريد إعادة بناء الكنيسة في الشرق الأوسط”.
بل وأرسل الأسد مسؤوليه لمقابلة اليهود السوريين في أمريكا، وطلب مساعدتهم لإعادة بناء كنيس يهودي في حلب، شمال سوريا. وأرسل تعازيه في عام 2021، بعد وفاة الحاخام الأكبر لسوريا أبراهام حمرا في إسرائيل.
وقال مبعوث بين الأسد واليهود السوريين: “العلاقات اليهودية هي أولوية له”.
وفي الوقت الذي تم الترحيب به، وإن تدريجياً، من الدول العربية، إلا أن الأسد يأمل من خلال سياسة التعددية الدينية أن ينهي عزلته في أماكن أخرى. فاليوغا تساعده على تقوية العلاقات مع الهند.
ويعتقد أن مدّ اليد لليهود قد يحسّن علاقاته مع أمريكا وإسرائيل.
وقال الأسقف الأسترالي دانيال بعد زيارته: “نصلّي من أجل رفع قادة العالم العقوبات عن سوريا حتى يتمكنوا من بنائها”.
وتعارض الكثير من الجمعات المسيحية العقوبات الاقتصادية ضد سوريا، لأنها تضر بالسوريين العاديين، ولأن الأسد يظل حاجزاً ضد التطرف الإسلام.