وبعد ساعات من مغادرة وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، لبنان، حيث شدد على التهدئة وعدم الخضوع للاستفزازات الإسرائيلية، أعلنت تل أبيب، أمس، إرسال فرقة عسكرية نظامية سحبتها من قطاع غزة إلى الحدود مع لبنان.
وكانت مواقف عبداللهيان في بيروت واضحة لجهة الرهان على المفاوضات مع واشنطن، حتى أن الوزير الإيراني قال إن الولايات المتحدة طلبت من طهران التواصل مع حزب الله لحثه على منع التصعيد ووقف الهجمات، في دليل بارز على التواصل الإيراني ـ الأميركي حول الوضع في لبنان والمنطقة كلها.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ «الجريدة» أن عبداللهيان أعطى ضوءاً أخضر إيرانياً على كل المبادرات الدبلوماسية التي قدمت للبنان لتسوية الأوضاع في جنوبه، بما فيها الموافقة على تطبيق القرار 1701، والمقترحات الأوروبية حول تكريس التهدئة كمقدمة للعودة إلى تفعيل مفاوضات ترسيم الحدود.
وأثار هذا الموقف الإيراني الكثير من التساؤلات داخل لبنان حول رد الفعل الإسرائيلية عليه، إذ بات واضحاً لدى الجميع أن طهران تريد تجنب أي تصعيد يوسع الحرب، وقد طلبت من حزب الله عدم الانجرار إلى حرب خوفاً من أن تنعكس سلباً عليه، كما حصل في قطاع غزة مع «حماس».
في المقابل، تتكاثر الأسئلة حول ردة الفعل الإسرائيلية، وسط توقعات لدى مسؤولين لبنانيين بأن الموقف الإيراني قد يكون محفزاً للإسرائيليين للتصعيد أكثر ضد حزب الله، للاستفادة من الظرف القائم والجبهة المفتوحة لتنفيذ كل العمليات التي تريدها، وتحقيق أهداف عسكرية وأمنية وسياسية على المدى البعيد، طالما أنها مطمئنة إلى أن الحزب لن ينخرط في حرب واسعة.
على خط مواز، سمع المسؤولون اللبنانيون كلاماً كثيراً من عبداللهيان حول أهمية العلاقات الإيرانية – السعودية، وأن طهران تراهن على دور سعودي في تقريب وجهات النظر مع واشنطن، والمساعدة في مفاوضات متعددة خصوصاً حول الوضع في اليمن والبحر الأحمر.
وتؤكد مصادر دبلوماسية لـ «الجريدة» حرص طهران على ترتيب العلاقات مع الرياض، وعدم ضرب الأمن والاستقرار في المملكة، وهي تثمن عدم مشاركة السعودية في التحالف البحري الذي سعت أميركا لبنائه في البحر الأحمر، لأن مشاركتها كانت ستؤثر سلباً على مفاوضات السلام اليمنية، وستعيد إشعال الجبهة، وبالتالي ستضرر العلاقات بين الرياض وطهران.
وتكشف المصادر أن إيران طلبت من السعودية أن تلعب دوراً أساسياً على خط المفاوضات مع واشنطن حول الملف النووي، مقابل أن يخفض الإيرانيون تخصيب اليورانيوم لطمأنة الرياض.
كما يشمل التواصل بين البلدين أمن الخليج، والوضع في العراق، وملف قطاع غزة، ومستقبل الوضع الفلسطيني.
في المقابل، فإن الرياض مقتنعة تماماً بمسار تحسين العلاقة مع إيران، وهي لا تريد العودة إلى منطق فتح الجبهات وخوض المعارك في ساحات متعددة، لأن هذه السياسة كانت قائمة على الاستنزاف السياسي والأمني والمالي والاقتصادي، بينما الرؤية السعودية الجديدة تفضل الذهاب إلى التفاهمات والتركيز على الاستثمارات الاقتصادية المشتركة، مع تجنب أي توترات أو كل ما يسهم في اهتزاز أمن المملكة.
وترى المصادر إنه في حال تمكن السعوديون من تقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن، سيكون قد حققوا إنجازاً سياسياً ودبلوماسياً، وقد ثبتوا أنفسهم كشريك أساسي لكل أزمات الإقليم، بعدم ترك المنطقة للنفوذ الإيراني.