وفي سياق حواره مع الاعلاميين، بعد لقائه وزراء القوات الاربعة الاثنين في معراب، شدد جعجع على “وجوب البدء على بياض” مع تشكيل هذه الحكومة، لا ان نبدأ بنوايا مسبقة او نظرة سلبية للأمور، لذا فلننتظر ونرَ ماذا سيطرح الوزراء وكيف سيتصرفون، وعلى اساسها سنحكم”.
هذه اللغة التصالحية، اعتمدها ايضا رئيس القوات بعد الانتخابات الرئاسية والتي لم تأت نتائجها كما كان يشتهي الثنائي الشيعي، اذ رفض الحديثَ عن منتصر ومهزوم. كما أصر بعد تكليف رئيس الحكومة نواف سلام على طمأنة الفريق الآخر مؤكدا ان معادلة عون – سلام ليس فيها تحديا لأحد، وقال: في المرحلة السابقة جميعنا خسرنا وأكثر الخاسرين البيئة الحاضنة لـ”حزب الله”، واعتقد ان مشروعنا السياسي سينهض بلبنان من جديد بعدما اوصله مشروع “الحزب” الى الحضيض”.
رغم ذلك، تقول مصادر سياسية قواتية لـ”المركزية”، إن الفريق الآخر، لم يلاقِ يوما جعجع بالخطاب ذاته، بل ظل يتهمه بالتحريض والفتنة وصولا الى العمالة. جعجع وافق ايضا على ان تذهب حقيبة المالية الى الطائفة الشيعية احتراما لها في هذا الظرف وبعد ما لحق بها في الحرب الاخيرة من خسائر وجراح. لكن حتى هذه الخطوات، فهمها الثنائيُ ضعفا وتراجعا مِن قِبل القوات.
لطالما راعت القوات، التوازنات المحلية وتمسّكت بما يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين كلهم، لكن الطرف الآخر الذي كان يشعر بفائض قوة بفعل إمساكه بمقاليد الحكم والقرار وبالسلاح، كان يواجه اكبر خصومه، بتشويه صورته وبالافتراءات وتهم العمالة، لا لشيء الا لكون القوات تحمل المشروع النقيض، مشروع لبنان الدولة والوطن، لا الساحة والمشاع الموضوع تحت تصرف ايران.
لكن اليوم، تتابع المصادر، وبما أن “الزمن الاوّل تحوّل”، وخفت وهجُ السلاح ووهمُ فائض القوة، صار من الممكن، او صار لزوما، قول الامور كما هي، وإنصافُ القوات، أكبر كتلة نيابية، التي كان يمكن أن تُبدي تشدّدا اكبر وتعرقل وتعطل وترفع سقف شروطها، في الرئاسة والتكليف والتأليف، لكنها لم تفعل، لان المصلحة الوطنية أولى.
موقف قبلان، الذي لطالما هاجم القوات، يصب في هذه الخانة، أي إنصاف القوات. عسى ان يشكّل مقدمة لتبدُل منطق محور الممانعة الذي لا يزال حتى الساعة، يُصر عبر قياداته وإعلامه، على تخوين مَن احتضنوه في الحرب ومَن رفضوا إقصاءه بعدها..