تعتبر قوى الأمن الداخلي من أقدم الأجهزة الأمنية في تاريخ لبنان، حيث تم تشكيل فرق الدرك في العهد العثماني، ثم بدأت وحدات الشرطة تظهر في العهد الإستقلالي، إلى أن تم دمج فرق الدرك في المناطق مع وحدات الشرطة في المدن في جهاز واحد، وبإمرة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
وبقيت هذه المؤسسة الأمنية، الأولى تاريخياً، متماسكة في فترة الحرب السوداء، وتداعياتها الكارثية التي عصفت بمؤسسات عسكرية وأمنية أخرى، أطاحت بمقومات الأمن الشرعي.
لم يعد خافياً على أحد حجم المعاناة التي فرضتها الإنهيارات المالية والنقدية على عناصر قوى الأمن، ضباطاً وأفراداً، والتدني الهائل في مستوى رواتبهم، وصعوبات تأمين الرعاية الطبية، وتجميد المساعدات التربوية، وصولاً إلى فقدان ضرورات الحركة اللوجستية، بعد الأعطال التي أصابت المركبات والسيارات نتيجة عدم توفر الأموال اللازمة للصيانة، ومع ذلك مازالت القوى الأمنية تقوم بواجباتها الوطنية في أصعب الظروف وأشدّها تعقيداً.
وأصبحت الإنجازات اليومية التي يحققها فرع المعلومات نموذجاً لتجربة أمنية رائدة، حققت الكثير من العمليات الناجحة بحرفية مميّزة، وبشجاعة مشهودة، كانت موضع تقدير وثناء من مؤسسات أمنية دولية، تعرف جيداً محدودية الإمكانيات التقنية المتوفرة، والتي جرى تجاوزها بالقدرات البشرية المتحفزة لتحقيق الإنجازات، وتجاوز كل الصعوبات.
وفي زمن الإنهيارات السياسية، والخلافات العبثية، لم تسلم مؤسسة قوى ألأمن الداخلي من الإتهامات الظالمة، وما شابها من حملات إفتراء وتضليل، تصدت لها القيادة بكل رباطة جأش وثقة بالنفس. ووضعت بيانات المدير العام اللواء عماد عثمان النقاط فوق حروفها الصحيحة، بكل رصانة وإتزان، قاطعة الطريق على المصطادين في مستنقعات الحقد والكراهية والكيدية، للنيل من مصداقية قوى الأمن وشفافية عملياتها.
في العيد ١٦٢ لقوى الأمن الداخلي لا يسعنا إلا أن نشد على إيدي أبطال هذه المؤسسة الوطنية، مُحمّلين الأطراف السياسية مسؤولية تأمين الحد الأدنى من الحاجات الضرورية للحفاظ على الأمن والأمان للعباد والبلاد في هذه المرحلة البالغة الصعوبة والتعقيد.