طار «الاجتماع الخماسي» لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، الذي كان مقررا في الدوحة امس الاثنين، بناء على رغبة الجانب العربي، من اجل الانصراف للتحضير لقمة جدة المرتقبة يوم الجمعة 19 الجاري.
ويفترض ان تنشط الاجتماعات والمشاورات المتصلة بالملف الرئاسي في لبنان قبل وبعد القمة وكذلك قبل 15 يونيو، الذي يمثل نهاية المهلة التي تضمنها بيان وزارة الخارجية الاميركية وأكد عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري كموعد أخير لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وستطرح سيناريوهات رئاسية عدة فور توجيه بري الدعوة للجلسة النيابية الانتخابية، المتوقعة في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، وفي المطلق قبل الثاني من يوليو المقبل موعد إحالة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الى التقاعد، كي يتسنى للرئيس الجديد تشكيل حكومة، وبالتالي تعيين الحاكم البديل قبل ان يغادر سلامة مكتبه.
ودون الالتزام بهذه المواعيد عقوبات «الخماسي الدولي»، وفي طليعتها الولايات المتحدة، على معرقلي انتخاب رئيس الجمهورية.
وفي حين مازال «الثنائي الشيعي» متمسكا بخيار سليمان فرنجية، ينتظر ان يتوافق معارضوه على بديل لمرشحهم ميشال معوض، الذي خاضت به المعارضة 11 جلسة انتخابية عقيمة، من بين باقة أسماء تضم الاقتصادي المالي جهاد أزعور، والمحاميين صلاح حنين وزياد بارود، وقائد الجيش جوزاف عون، ورجل الأعمال نعمه افرام الذي التقى السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري أمس. أفرام التقى أيضا البطريرك بشارة الراعي الذي هو على موعد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الاليزيه في 2 يونيو.
وإذا كان ترشيح قائد الجيش يستلزم تعديلا للدستور الذي ينص على استقالة كبار الموظفين الراغبين في الترشح للرئاسة قبل سنتين من موعد الانتخاب، اضافة إلى قبول «الثنائي الشيعي» ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران ياسيل، فإن مشكلة جهاد ازعور، الاقرب إلى التوافق، هي في عدم وضوح موقف باسيل الذي يميل اكثر إلى وزير الداخلية الأسبق زياد بارود.
السفير البخاري زار أمس أيضا وزارة الخارجية والمغتربين، حيث استقبله الوزير عبدالله بوحبيب، وقد قال البخاري بعد اللقاء «نريد لبنان أن يكون كما كان واحة للفكر وثقافة الحياة وأن ينعم شعبه بالرخاء والازدهار ونتشارك الرغبة نفسها مع المجتمع الدولي في رؤية إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن».
على أي حال، أصبحت «كتلة لبنان القوي» التي يرأسها باسيل عرضة الآن لتجاذبات مختلف القوى والاطراف، ولو انها لا تستطيع وحدها توفير الفوز لأي من المرشحين، ولئن كانت ترفع من أرصدتهم بشكل ملحوظ.
وتتحدث المصادر المتابعة عن لقاء قريب بين باسيل ومسؤول الاتصالات في حزب الله وفيق صفا، وسيكون اللقاء حاسما، أي إما ان يكسر باسيل قراره بعدم انتخاب سليمان فرنجية، مرشح «ثنائي أمل وحزب الله»، مجددا التفاهم القديم بين حزب الله و«التيار العوني»، على ما اعترى لبنان الدولة والمؤسسات من إزاء هذا التفاهم، وينتخب فرنجية، وإما ان يعيد إحياء اتفاق معراب مع «القوات اللبنانية» والمعارضين الآخرين بشروط تطمئن الطرفين، وبالذات د.سمير جعجع الذي يتعاطى مع هذا المسار بحكم الضرورة، وبحذر المؤمن الذي تسكنه الخشية من ان يلدغ من الجحر الواحد مرتين.
ويتولى رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميّل الوساطة بين جعجع وباسيل، وقد نتج عنها استبدال مرشح المعارضة رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض بمرشحين آخرين.
وبدا للجميّل، من خلال هذه الوساطة، ان باسيل لا يدعم صلاح حنين، المحامي الواسع الخبرة الذي كان اول من سماه وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لأنه يمثل تيارا سياسيا على صدام حقيقي مع حزب الله، فردت «القوات» برفض زياد بارود المعارض لها، على الرغم من حصوله على دعم البطريركية المارونية.
اما جهاد ازعور، مدير الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، فتقول المصادر المتابعة ان مشكلته هي في قربه من الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، الذي كان ازعور وزيرا للمال في عهد حكومته، والسنيورة محارب الآن، من اكثر من طرف داخلي لأسباب تنافسيه في الغالب.
ويبدو جعجع مستعدا للمواجهة الرئاسية داخل مجلس النواب، وهو يقول لموقع «إم تي في»: «ما دام فريق الممانعة يملك مرشحا فليتفضل الرئيس نبيه بري ويدعو إلى جلسة انتخاب، فلماذا لا تكون الجلسة هذا الاسبوع؟»، وتابع قائلا: على رئيس المجلس ان يقوم بما هو مطلوب منه مستأذنا بألا يسمي من سيقترع له نواب «القوات اللبنانية»، معتبرا ان من حقه ان يبقي أوراقه مستورة.
وقال النائب «القواتي» بيار بوعاصي، الذي سبق أن شارك في لقاء السفير البخاري ود.جعجع أمس، ان «القوات» لم تحسم موقفها من ترشيح جهاد أزعور.
من جهته، دعا نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، إلى «التعالي في لبنان إلى مستوى تجاه المنطقة نحو التفاهم والاستقرار»، وقال «ولنستثني في الخيار التفاهم من اجل انتخاب رئيس».