صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

إسرائيل و”عقيدة الضاحية”… أرض محروقة وقتلى بالآلاف

بقلم : طوني بولس - "عقيدة الضاحية" هي استراتيجية عسكرية إسرائيلية ظهرت بعد حرب لبنان 2006، وتستند إلى تدمير شامل للبنية التحتية في المناطق الداعمة للمجموعات المسلحة مثل "حزب الله"، وتركز على العقاب الجماعي والقصف الجوي المكثف، واستخدمت في حروب غزة.

لعبت “عقيدة الضاحية” دوراً فاعلاً كإحدى أبرز الاستراتيجيات العسكرية التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي في حروبه ضد الجماعات المسلحة والمناطق المدنية التي تعتبر قواعد دعم لهذه الجماعات، ونشأت هذه العقيدة بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، بعد مواجهة مع “حزب الله” في ضاحية بيروت الجنوبية، التي تعتبر معقل الحزب الرئيس.

تعود جذور “عقيدة الضاحية” لتصريحات قائد الأركان الإسرائيلي الأسبق غادي آيزنكوت، الذي أشار في عام 2008 إلى أن إسرائيل ستتعامل مع أية منطقة تدعم أعداءها كميدان حرب شرعي، وستستخدم فيها القوة القصوى لتدمير البنية التحتية وتحقيق الردع، وبالفعل استخدم الجيش الإسرائيلي هذه العقيدة لاحقاً في عدد من النزاعات، مثل الحرب على غزة في 2008-2009، واعتمد على القصف الجوي المكثف والدمار الواسع كوسيلة لإضعاف الخصم وإيصال رسالة ردع قوية.

تعتمد “عقيدة الضاحية” على مبادئ أساسية عدة، أبرزها التدمير الشامل للبنية التحتية والمنشآت الحيوية والرمزية للمجموعات المسلحة، بما في ذلك المباني السكنية والطرق والجسور والمرافق العامة التي قد تستفيد منها تلك المجموعات، وكذلك الردع من خلال العقاب الجماعي عبر إيقاع أضرار كبيرة بالمدنيين، بهدف خلق ضغوط مجتمعية على الجماعات المسلحة، إضافة إلى الاستخدام المكثف للقوة الجوية، وذلك لاعتقاد الجيش الإسرائيلي بأن السيطرة الجوية تمنحه اليد العليا في الصراع.

الانتقادات والتداعيات

وعلى رغم أن “عقيدة الضاحية” أثبتت فعاليتها في إحداث أضرار كبيرة وردع بعض الخصوم، إلا أنها تواجه انتقادات واسعة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، إذ تعتبر غير متناسبة مع التهديدات المستهدفة، وتؤدي إلى خسائر فادحة بين المدنيين، وتدمر الأحياء السكنية بشكل كامل، وأثارت العقيدة تساؤلات حول شرعيتها القانونية ومدى انسجامها مع القانون الدولي الإنساني.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وأدت “عقيدة الضاحية” إلى خلق حالة من الردع تجاه بعض الفصائل المسلحة، إلا أنها أسهمت في تأجيج النزاعات بدلاً من حلها، لكون “عقيدة الضاحية” تمثل نموذجاً لاستراتيجية عسكرية تعتمد على الردع من خلال القوة المفرطة، وهو ما يعكس تحولاً في العقيدة العسكرية الإسرائيلية تجاه الصراعات غير التقليدية. وعلى رغم أن هذه الاستراتيجية قد تحقق أهدافها العسكرية في بعض الحالات، إلا أن كلفتها الإنسانية والسياسية تجعلها محل جدل دائم في الأوساط الدولية.

التدمير الشامل

وفي السياق يؤكد المحلل العسكري العميد إلياس حنا أن إسرائيل اعتمدت ما يسمى بـ”عقيدة الضاحية” خلال حربها على لبنان في يوليو (تموز) 2006، عبر استراتيجية التدمير لتثبيت منظومة الردع، مما يعني التدمير الشامل والكامل للبشر والحجر لدى الأعداء، إلا أنه يكشف عن أن هذه “العقيدة” ليست جديدة، فاستخدمتها للمرة الأولى في عام 1948 بعد “النكبة”، وكذلك حين دمرت مئات القرى الفلسطينية في عام 1982، وخلال اجتياح لبنان اعتمدت إسرائيل “عقيدة الضاحية”، إذ تبرز صورة لتدمير مدينة الرئيس كميل شمعون الرياضية حجم الدمار.

ولفت إلى أن إسرائيل اعتمدت العقيدة ذاتها خلال المراحل الأولى من الحرب في “غزة” قبل أن تنتقل حالياً إلى الحرب الأمنية عبر العمليات الخاصة وملاحقة عناصر وقيادات “حماس” واستهدافهم، وهو ما يفسر حجم الدمار غير المسبوق، معتبراً أن السياق نفسه ينسحب حالياً على الحرب الدائرة على حدود لبنان، إذ لم يتغير سلوك الدولة العبرية العسكري والاستراتيجي لفرض الردع من خلال مزيد من الدمار، موضحاً أن “حزب الله” أيضاً يرد على إسرائيل بـ”عقيدة الضاحية” من خلال إلحاقه الدمار في المستوطنات، وترحيل ما يقارب 70 ألفاً من سكانها إلى العمق الإسرائيلي.

ونبه إلى أنه في ظل أخطار توسع المعارك الدائرة حالياً إلى حرب شاملة، وذلك من خلال استهداف إسرائيل “الضاحية” مركز ثقل الحزب، أعلن حسن نصر الله سلسلة معادلات يعتبرها تشكل قوة ردع، من خلال ربطه أي تصعيد وأي استهداف استراتيجي برد مقابل يطاول أهدافاً موازية في الداخل الإسرائيلي.

الأرض المحروقة

ويلفت المحلل السياسي خلدون زين الدين إلى أن إسرائيل تستخدم سياسة الأرض المحروقة في قطاع غزة الذي أصبح أرضاً غير صالحة للسكن، مما يعني أنه لا جدوى من التذرع بحل الدولتين إذا ظلت هذه الأرض حقلاً من الخراب، إذ يكشف تحليل صور الأقمار الاصطناعية على جميع مدن القطاع عن أن إسرائيل استخدمت “عقيدة الضاحية”، وهي استعمال قوى مسلحة غير متناسبة، كتلك التي تعاملت بها مع “حزب الله” عام 2006 بتدمير الضاحية الجنوبية لبيروت.

في حين يشير الصحافي أحمد جمال إلى أن تل أبيب حشدت عدتها وعتادها وأعلن كبار المسؤولين فيها من السياسيين والعسكريين ضرورة الحرب، مهددين بما يعرف بـ”عقيدة الضاحية”، بهدف القضاء على “حزب الله” بحسب تقديرات اليمين المتطرف في إسرائيل.

وبرأيه فإن إسرائيل تعتبر معركتها “حرباً وجودية”، واعتبرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حرب التحرير الثانية، أما “حزب الله” وحلفاؤه الإقليميون فيعتبرونها “حرب البقاء”.

الاختباء بالسكان

ويبرر الإعلام الإسرائيلي استخدام استراتيجية “عقيدة الضاحية” بأن المجموعات المعادية لإسرائيل مثل “حزب الله” و”حماس” تتغلغل بين السكان المدنيين في المدن المكتظة بالسكان، إضافة إلى استخدام البنى التحتية المدنية مثل المدارس والمستشفيات والمراكز الدينية منطلقاً لأعمالهم العسكرية، وهو ما يضع الجيش الإسرائيلي أمام خيارات محدودة تضطره إلى استهداف مواقع مدنية تتحصن داخلها المجموعات بالتالي يؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين.

وبحسب تقارير وتحليلات الصحافة العبرية فإن اعتماد “عقيدة الضاحية” ضمن ضوابط معينة أدى إلى مقتل أكثر من 18 ألف مقاتل من “حماس” في قطاع غزة، مشيرة إلى أن “الضحايا المدنيين الذين سقطوا كانوا دروعاً بشرية للمقاتلين، مستندة إلى نموذج استهداف قائد الجناح العسكري للحركة محمد الضيف، ومساعده قائد لواء خان يونس في كتائب القسام رافع سلامة، الذين كانا يتحصنان في مخيم للنازحين”.

في المقابل تعتبر مراجع متخصصة في القانون الدولي أن الحروب لها قواعد قانونية مرتكزة على معاهدة جنيف والقانون الدولي الإنساني، بالتالي “عقيدة الضاحية” التي تعطي هامشاً واسعاً لاستهداف المناطق المدنية تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، وذلك على رغم الانتهاك الذي تقوم به الفصائل المسلحة بالاختباء بين المدنيين واستخدامهم للمنشآت المدنية.

الفصل عن “الحاضنة”

تشير بعض الإحصاءات إلى أن إسرائيل ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 دمرت 60 في المئة من منازل القطاع بصورة كاملة، وهو ما يعادل ربع مليون وحدة سكنية، ما دفع ببعض المراقبين للحديث عن تطبيق إسرائيل لما يسمى بـ”عقيدة الضاحية”، التي تبناها الجيش في حربه على لبنان في يوليو 2006.

ويعتبر قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، هو الذي وضع المبدأين الرئيسين اللذين تقوم عليهما تفعيل القوة النارية الإسرائيلية بصورة غير متكافئة، والتدمير الكامل للبنى التحتية للقرى والبلدات التي توجد فيها القوى المناوئة للجيش بهدف فصل هذه القوى عن حاضنتها الشعبية.

ويرى مراقبون أن هذه العقيدة تتفق مع مفهوم الحروب الخاطفة الذي تضطر إسرائيل إلى تطبيقه، نظراً إلى الطبيعة الخاصة للجيش والمجتمع الإسرائيلي. ويقوم المفهوم على تدمير أهداف وقتل شخصيات في قوائم معدة سلفاً وقبل اشتعال المعارك، وعندما يتم ذلك في إطار “عقيدة الضاحية” التي تقوم على التدمير من أجل التدمير، وبصرف النظر عن الأهداف العسكرية، فإن إسرائيل تأمل في أن يؤدي هذا التحرك إلى الإخلال بالموازين العسكرية لصالح جشيها. إلا أن بعضاً منهم يعتقد أن تطبيق “عقيدة الضاحية”، يتم في غزة بصورة في غاية العنف تتجاوز المرات السابقة بكثير.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading