وجد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل نفسه، خلال لقاءاته التي شملت رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري، ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، أمام منحدر سياسي شديد الخوف مما هو آت إن لم يتم تدارك توسع الحرب على غزة الى لبنان، خاصة أنه «القلق» الذي جاء يسعى لسبر أغوار الحلول الممكنة، عبر الاطلاع على ما يجول في أذهان اللبنانيين، لانتشال بلدهم من المستنقع.
اللقاءات التي أجراها بوريل ترجمتها مداولاته البينية، لعل تصريح المتحدث الإقليمي باسم الاتحاد الأوروبي يعتبر مؤشرا واضحا على ماهيتها بتسع كلمات: «بوريل نقل رسالة قلق أوروبي بشأن التطورات في لبنان».
وقابله تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من اليونان، ضمن جولة جديدة في الشرق الأوسط، بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في خانيا بجزيرة «كريت»: «علينا أن نضمن عدم اتساع النزاع… أحد أوجه الخوف الحقيقية هي الحدود بين إسرائيل ولبنان. ونريد أن نفعل كل ما هو ممكن للتأكد من عدم تصعيد الوضع».
بوريل الذي حض المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم على ضرورة تطبيق القرار 1701 كان الجواب جامعا ممن التقاهم وهو أن الحل يبدأ بوقف إسرائيل لعدوانها وانسحابها الكامل من التراب اللبناني.
ويتلاقى مع بوريل وبلينكن إبلاغ وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا نظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان بأن خطر تفجر الوضع في الشرق الأوسط أكبر من أي وقت مضى.
هذه الصورة الدولية على الساحة اللبنانية قابلها التصعيد «الحربي» في الجنوب القائم على قاعدة «النار بالنار» المثيرة للجدال بين من لديه حق اتخاذ القرار بالحرب والسلم: الدولة أم «حزب الله»؟، والجديد تعرض عمال مؤسسة الكهرباء لقصف معاد في حولا، امس، أثناء إصلاح كابلات انقطعت بفعل الاعتداءات الاسرائيلية ولا إصابات، وكذلك تحليق الطيران المعادي على علو مرتفع فوق مدينة الهرمل في منطقة البقاع.
وفي كلام له دلالاته قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي، خلال عظة الأحد إن «كلمة السلام لا تعني الاستسلام انما تنادي بقيم الحقيقة والمحبة».
وأضاف: «رسالة البابا فرنسيس لليوم العالمي للسلام بعنوان:«الذكاء الاصطناعي والسلام» يدعو فيها الى احترام كرامة الانسان لكي يشارك في إدارة الكون بفضل تقدم التقنيات». وذكر أن الكنيسة «لا تتوقف عن الدعوة الى وقف الحروب والعمل على السلام وحل النزاعات بالطرق الديبلوماسية».
ورأى الراعي: «علينا التقيد بالقرار 1701 لكي لا تمتد الحرب الى ارضنا».
من جهته، دعا مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان السياسيين الى إنهاء الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية يكون جامعا لكل اللبنانيين.
وقال خلال حفل وضع حجر الأساس لإعادة ترميم وتأهيل مسجد الأوزاعي إن من حق لبنان علينا أن يكون دولة ذات سيادة واستقرار وأمان وهذا لا يكون بعدم وجود رئيس ينظم عمل السلطات الدستورية كلها، فيما نواجهه من أزمات داخلية، ألا نحتاج إلى المؤسسة الدستورية التنفيذية الفاعلة التي تعالج أوضاعنا المالية والاقتصادية والحياتية والمعيشية والصحية وغيرها؟
بدوره، قال متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة: «كم نفتقد الأصوات الصارخة في برية هذا البلد.
كم نفتقر إلى الأصوات الناطقة بالحق، التي لا تخشى إلا ربها ولا تبتغي إلا مصلحة هذا الوطن الذي ننتمي إليه. كم نفتقر إلى مسؤولين يخافون على وطنهم أكثر بكثير مما يخافون على مصلحتهم أو على أنفسهم.
وأضاف «معظم الزعماء والمسؤولين عندنا يتجولون محاطين بالمرافقين ولا أدري مما يخافون. عندما يأتي اليوم الذي نرى فيه الزعماء والحكام يسيرون بين الناس دون خوف أو قلق، وعندما يتقلص عدد رجال المواكبة وسيارات المرافقين أو يزول، عندها فقط يكون لبنان قد أصبح في أيد أمينة، يخاف أصحابها على لبنان أكثر مما يخافون على أنفسهم.
عندها يكونون قد بنوا بلدا ذا سلطة قوية، تحكم بالحق والعدل، بسلطة القانون، يعرف كل مسؤول فيه ومواطن واجباته، ويقوم بعمله بصدق وأمانة وشفافية، مطبقا القوانين، ومحترما أخاه في الوطن، لا يؤذيه ولا يطعنه ولا يحسده ولا يطلب منه رشوة لإتمام معاملته.
كل هذا يحصل متى كان المسؤول مسؤولا بالفعل لا بالقول، قدوة في الوطنية والنزاهة والأمانة والعمل الصامت، يقوم بما هو واجب عليه ولا يقصر أو يعمل لمصلحته، فلا يعود يخشى أحدا بل يكون محبوبا ومحترما».
وتابع: «وفي الحديث عن الواجبات، ألم يدرك مجلس النواب أن تقاعسه عن انتخاب رئيس يسهم في تفكك هذا البلد وفي تيئيس المواطنين وتهجيرهم، وفي جعل البلد عرضة للتطاول عليه وانتهاك سيادته كما حصل مؤخرا؟ أليس غياب الدولة سبب ما يحصل من تطاول واستباحة وتجاوزات؟ لقد أصبح بلدنا موطئ قدم للشر لأن المواطنين والمسؤولين تركوا الرب وساروا خلف المصالح والأنانيات».
إذن، الوضع، برمته، في لبنان، اتصالات ولقاءات، خوف واطمئنان، في آن. الخوف من اتساع الحرب والغارات الاسرائيلية تعدت مسافة 22 كلم من الحدود، والاطمئنان مبعثه الإجماع، محليا ودوليا، على عدم حصوله، وهنا تدخل لعبة الشروط في رسم الحدود.
ولفت، في هذا السياق، ارتفاع حدة العمليات العسكرية بين «حزب الله» وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ذلك أنه بعد الرد الأولي للحزب على عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، بقصف صاروخي مكثف على موقع ميرون للمراقبة الجوية في الجليل، شن طيران العدو غارات طالت لأول مرة بلدة كوثرية السياد بين النبطية وصيدا، الواقعة شمال الليطاني، وسقطت إحدى القذائف على مقربة من منزل اللواء عباس إبراهيم.
وصدر عن الإعلام الحربي، التابع لحزب الله بيان أهاب عبره، بالأهالي: «أن تبتعدوا عن الأماكن التي يتم استهدافها وعدم الاقتراب منها أو التجمع في محيطها، وترك الجهود الإغاثية للجهات المعنية المولجة بهذه المهمة».
واستفاقت عيترون ويارون، صباح أمس، على قصف مدفعي متقطع للأطراف، مصدره مرابض العدو الاسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأغارت، أمس، الطائرات الحربية المعادية على وادي حسن الواقعة بين طيرحرفا ومجدل زون، كما حلق في أجواء القطاع الغربي وصولا حتى أجواء صور وبلداتها، وأيضا، تلة حمامص في سردا.
وأعلن «حزب الله» أنه استهدف موقع المطلة وتجمعا للمشاة في محيط ثكنة هونين وموقع بياض بليدا وتجمعا للجنود في «أفيفيم» وتجمعا للجنود في محيط موقع جل العلام وتجمعا آخر للجنود في محيط موقع المنارة وموقع المطلة وتجمعا للمشاة في محيط ثكنة هونين.
وفي لبنان احتفلت الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية بعيد الميلاد وغطاس السيد المسيح، وقد شدد الكاثوليكوس آرام الأول للأرمن الأرثوذكس، في كاتدرائية الكاثوليكية غريغوريوس المنور في أنطلياس، على «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة للتغلب على الأزمة الاقتصادية المعيشية والصعوبات الراهنة والأمور الملحة»، وأسف «للإجرام الإسرائيلي بحربه ضد غزة المنافي للقانون الدولي».
وأدان بشدة «ما تقوم به إسرائيل من جرائم حرب وقصف دائم، وقتل للأبرياء، أدت إلى سقوط الآلاف من الضحايا الفلسطينيين ودمار شاسع وفظيع، والمجتمع الدولي عليه أن يدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وإقامة دولته الحرة».