أدان المخرج البريطاني اليهودي جوناثان غلايزر الهجمات المستمرة على قطاع غزة، وذلك في خطاب فوزه بالأوسكار عن فيلمه ” زون اوف انتريست” (منطقة الاهتمام) بجائزة أفضل فيلم أجنبي بشأن ما حدث خلال الهولوكوست.
وبدا غليزر مرتعشاً أثناء قبوله الجائزة وهو يقرأ خطاب فوزه، وقال: “جميع خياراتنا تم اتخاذها لتواجهنا في الحاضر. ولا نقول ” أنظروا ماذا فعلوا حين ذاك، ولكن انظروا إلى ما نفعله الآن”. وقال غلايزر: “نحن نرفض السماح بإساءة استخدام يهوديتنا والمحرقة من أجل احتلال تسبب في الكثير من المعاناة للعديد من الأبرياء”.
واعتبر المخرج البريطاني أن الإسرائيليين الذين قضوا في الهجوم الذي أطلقته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والفلسطينيين الذين سقط منهم حوالى 31 ألف قتيل جراء الحرب التي أعقبت الهجوم، “جميعهم ضحايا التجريد من الإنسانية”، وهو موضوع فيلمه.
ويتخّذ مشاهير هوليووديون على إنستغرام وغيرها من المواقع مواقف مؤيدة للفلسطينيين أو داعمة لإسرائيل منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، غير آبهين بالتبعات التي قد يواجهونها بسبب ذلك. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية
وتدور قصة الفيلم حول أسرة تعيش في منزل وحديقة بالقرب من معسكر اعتقال، ويقوم ببطولته الممثل الألماني كريستيان فريدل، حيث يجسد دور قائد معسكر أوشفيتز رودولف هوس، وتلعب ساندرا هولر دور زوجته هيدفيغ. ويعد هوس من أقدم ضباط النازية، الذي يعرف بصورة كبيرة أنه واحد من مخططي عمليات الإبادة الجماعية خلال الهولوكوست.
ووضع عدد من النجوم، بينهم مارك روفالو وبيلي ايليش ورامي يوسف والممثل الفرنسي سوان أرلو، دبوساً على ملابسهم يدعو إلى وقف إطلاق النار.
ومع بدء توافد النجوم للسير على السجادة الحمراء، ردد المئات من المحتجين المناصرين للفلسطينيين والذين يعتريهم الغضب جراء الحرب في غزة هتافات مناهضة للحرب وأبطأوا حركة المرور في الشوارع المحيطة بمسرح دولبي في هوليوود. وكُتب على إحدى اللافتات “في أثناء مشاهدتكم، تتساقط القنابل”. وقالت زينب نصرو (38 عاما) التي تدير عملا خاصا “تجري فعاليات الأوسكار في أثناء قتل الأشخاص وقصفهم”.
تأخير انطلاق الحفل
وكان حفل توزيع جوائز الأوسكار تأخر لمدة خمس دقائق مساء الأحد ، وذلك نظراً لاحتشاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين خارج مقر حفل توزيع الجوائز في لوس أنجلوس.
وفي مقاطع فيديو تم تداولها على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، تويتر سابقا، يمكن رؤية حشود من المتظاهرين وهم يحملون الأعلام الفلسطينية ويهتفون “وقف إطلاق النار الآن” بالقرب من مسرح دولبي. وعطل الاحتجاج حركة المرور المتجهة نحو حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ96 لمدة 20 دقيقة تقريبا.
ولم يصل العديد من النجوم إلى المكان قبل 10 دقائق من موعد البدء، ومن بينهم نجمة فيلم “باربي” مارجوت روبي، التي يعتقد أنها واحدة من المشاهير الذين تأخروا. ووفقا لصحيفة هوليوود ريبورتر، بدأ بعض النجوم في ترك سياراتهم والسير على الأقدام إلى مكان الحفل، في الوقت الذي وصلت فيه الشرطة لتفريق الحشد.
أوكرانيا ونافالني حاضران في الحفل
كما حضرت فظائع الحرب في أوكرانيا خلال الحفلة، إذ مُنح فيلم “20 دايز إن ماريوبول” الذي يتناول حصار مدينة ماريوبول الأوكرانية، جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي.
وقال الصحافي في وكالة “أسوشيتد برس” مستيسلاف تشيرنوف “ربما أكون أول مخرج على هذا المسرح يقول إنه كان يفضّل ألا يُخرج هذا الفيلم أبداً، لو أن روسيا في المقابل لم تهاجم أوكرانيا أو تحتل مدننا”.
أما التكريم التقليدي للنجوم المتوفين، فقد بدأ مع المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفي في 16 شباط/فبراير في سجنه في سيبيريا، وشكّل الخصم الأبرز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين محور فيلم “نافالني” الحائز جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي لعام 2023.
“أوبنهايمر” يهيمن على الجوائز
وإلى جانب هيمنة فيلم “أوبنهايمر” على جوائز الحفل بنسخته الـ96 الأحد، شهد الحفل سلسلة لحظات امتزج فيها الجدّ بالمزاح، فيما لم تغب السياسة والمستجدات العالمية عن الحدث، بما يشمل مواقف عن الحرب في غزة ودعابات عن دونالد ترامب.
وحصد “أوبنهايمر” العدد الأكبر من جوائز الأوسكار هذا العام مع سبع مكافآت، لكنّ الحفلة سلطت الضوء أيضاً على الفيلم الرئيسي الآخر في شباك التذاكر لسنة 2023 “باربي”، في عرض كان منتظراً أثناء الأمسية، أدى راين غوسلينغ، ببزة وردية مطرزة، أغنية “آيم جاست كن” التي تضمنها “باربي” وتسخر ضمنياً من مفاهيم الذكورية المسمومة.
وقد نالت أغنية أخرى من الفيلم، “وات واز آي مايد فور؟” للمغنية بيلي ايليش وشقيقها فينياس أوكونيل، جائزة أوسكار أفضل أغنية أصلية. ومع هذه المقطوعة الغنائية على البيانو، التي أدتها بيلي ايليش الأحد بصوت هش متعمد، أشبه بالهمس، فاز الأخوان بالفعل بجائزة “غرامي” لأفضل أغنية لهذا العام. وهذه جائزة الأوسكار الثانية لهما بعد أغنية “نو تايم تو داي” من الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه ضمن سلسلة جيمس بوند (2022).
مشاهد غريبة
أمطر مضيف الأمسية جيمي كيميل الحفلة بنكات لاذعة، سخر فيها على سبيل المثال من أكاديمية الأوسكار بسبب تغييبها غريتا غيرويغ مخرجة “باربي” عن الترشيحات لجائزة أوسكار في فئة الإخراج. وقال لنخبة هوليوود الذين حضروا الحفلة “أنتم تصفقون، لكنكم أنتم الذين لم تصوتوا لها”.
واستمتع كيميل أيضاً بقراءة رسالة نشرها للتو المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية الأميركية، الرئيس السابق دونالد ترامب، على شبكة “تروث” الاجتماعية الخاصة به منتقداً المذيع الذي وصفه بأنه “شخص دون المعدّل”.
ورد جيمي كيميل في نهاية الحفلة قائلا “شكراً لك الرئيس ترامب. أنا مندهش أنك لا تزال هنا، ألم يحن الوقت للذهاب إلى السجن؟”، في تلاعب بالكلمات يجمع بين المتاعب القضائية التي يواجهها ترامب، وفكرة الخلود إلى النوم نظرا لتأخر الساعة.
ومن بين اللحظات الأشد غرابة خلال الحفلة ظهور المصارع والممثل جون سينا عارياً بعضلاته المفتولة، منتعلاً صندلاً، لتسليم جائزة الأوسكار لأفضل أزياء. وأخفى سينا الأجزاء الحميمة من جسمه بالمظروف الذي يحتوي على اسم الفائز، قبل أن يرتدي رداءً لمنح الجائزة لـ”بور ثينغز”.
وخرج الفيلم التشويقي التاريخي “كيلرز أوف ذي فلاور مون” للمخرج مارتن سكورسيزي خالي الوفاض من المنافسة، مع أن الفيلم الذي يتناول المذبحة الصامتة لقبيلة في عشرينات القرن الفائت، كان مرشحاً في عشر فئات.
واستحق الفيلم على الأقل نكتة من مقدّم الحفلة الفكاهي جيمي كيميل الذي قال مازحاً عن طول العمل الذي يتجاوز ثلاث ساعات و20 دقيقة “بحلول الوقت الذي تشاهد فيه الفيلم، يمكنك القيادة إلى أوكلاهوما وحل جرائم القتل بنفسك”.