تشتهر الطبيبة اللبنانية بشرى دبج، اختصاصية الطب العام والأطفال، في مدينة الميناء الساحلية اللبنانية القريبة من طرابلس بكونها «أم الفقراء»، إذ أنها تأخذ مقابلا رمزيا جدا، وأحيانا بلا مقابل، للكشف على المرضى كما تقدم لهم الاستشارات مجانا دائما.
وتفحص الطبيبة (67 عاما) المرضى في عيادتها وتحاول أيضا تزويدهم بالأدوية التي تحصل عليها كتبرعات من بعض الجهات والشركات مجانا، لمساعدة الناس «قدر استطاعتها» وسط حالة الانهيار الاقتصادي في لبنان.
ويعاني لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أعمق حالات الكساد في التاريخ الحديث.
فقد فقدت الليرة أكثر من 98 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ عام 2019 عندما أدت عقود من الإنفاق المسرف والفساد المزعوم إلى انهيار اقتصادي أغرق الكثيرين في دوامة الفقر.
وقالت الطبيبة بشرى دبج «رسالتي هادي من أول ما فتحت العيادة، من سنة 1983، وبالأساس كانت كشفيتي (رسوم الفحص الطبي التي تتقاضاها) كتير قليلة فقدرت أوصل لكتير عالم (ناس)، وكل ما زادت خبرتي وكل ما زاد الوضع الاقتصادي، خصوصي بها الفترة متدهور لاحظت إنه لأ لازم أنا أظل مع العالم وأظل الكشفية قليلة، وقد ما فيّ أساعد، أنا باخد 200 ألف ليرة (نحو 2.13 دولار بسعر يوم الأربعاء 31 مايو أيار) وياللي فيه مرضى بيدفعوا 100 ألف ليرة (نحو 1.06 دولار) وفيه عالم ما بيدفعوا أبدا، وقد ما فيني بساعدهن وبأمنلهن الدواء وبيراجعوني عدة مرات وما باخد شيء».
وانتقلت الطبيبة وهي أصلا سورية من حماة، إلى لبنان منذ نحو 44 عاما وتحمل الآن الجنسيتين السورية واللبنانية. وهي متزوجة من لبناني قالت إنه ساعدها في فتح عيادتها وبفضله ما زالت تشعر بالاستقرار المالي.
وقالت جورجيت صليبا، وهي واحدة من مرضى الطبيبة بشرى، «الدكتورة بشرى، أم الفقراء… ما بترفض حدا معه ما معه هي بتساعد كل العالم والله يخليها بصحتها ع الهمة اللي ماشية فيها، وبعدين شو ما بنطلب منها أدوية، شغلة بتعطينا، يعني ما عندها لا كبير ولا صغير، كله زي بعضه».
وقال كامل بربارا، من مرضى الطبيبة بشرى، «كلنا بنعرفها، بس هلا بها الوضع واللي عم بيصير يعني صار عندها زبونات عم ييجوا من برات المينا، صار كل المناطق عم تكون مردودة عندها هون، وشو هي فيها تأمن أدوية لما بيكون عندها ما بتقول لأ، وما بتقول للمريض لأ يعني».
وترى بشرى دبج، وهي أم وجدة، أنها مؤمنة قوية وتقول إن الصلاة تجلب لها الأمل والقوة. وذكرت أن كونها جزء من مجتمع الكنيسة الأرثوذكسية في المينا يساعدها في تلقي مزيد من الأدوية المجانية التي يمكنها توزيعها على المرضى الذين لا يستطيعون تحمل تكلفتها بسبب زيادة الأسعار. وقالت «هلا بالنسبة لبداية الأزمة، حسينا إنه الدوا كتير غلي، فأنا بعلاقاتي أنا طبيبة مسؤولة بالكنيسة الأرثوذكسية، (بمنطقة المينا في طرابلس)، فبيجينا مساعدات أدوية من برا، اتصلت بالآباء وسيادة المطران وسمحلي إنه ها الدوا أوزعه لكل العالم ما أخليه محصور لنا، وبعدين شركات الأدوية فيه ثقة أنا ما ببيع الدوا أنا بوزع، فصاروا يأمنوا لي أدوية أكتر وصرت أوزعهن للعالم مجانا… قد ما فيني بعمل اتصالات باللي بعرفهن إنه أمنوا لنا مساطر، أمنوا لنا دوا لأن الدوا كتير غالي».
وتستخدم الطبيبة رسوم الكشف التي تتلقاها في دفع نفقات العيادة بما في ذلك راتب مساعدتها. وقالت إنها لم تجدد عيادتها منذ أن افتتحتها لأنها تفضل توفير المال لمرضاها.
وعن ذلك تقول «كشفية قليلة 200 أو 100 (ألف ليرة لبنانية)، ليقدر ها المريض يشتري دوا، لأنه أنا كشفيتي 20 دولار، يعني مليونين (ليرة لبنانية)، كيف إنه يشتري دوا. فيه منهم معاشاتهم مليونين (نحو 21.28 دولار بسعر صرف الأربعاء) بالشهر، وفيه ناس مليون ونص ليرة (نحو 19.96 دولار)، ما حيقدروا يشتروا ولا حبة دوا، البنادول حقه 700 ألف ليرة (نحو 7.45 دولار) علبة حليب حقها 800 ألف ليرة (نحو 8.51 دولار)، فأنا قلت لما بتظل الكشفية قليلة بساعدهن إنه يقدروا يشتروا الأدوية، وأنا المراجعة مجانية ما باخد أبدا».
وتضيف متحدثة من غرفة الكشف بعيادتها «هيدي الغرفة هيدي عالمي، هون بقضي أكتر وقتي، من أول ما فتحت العيادة وهي هي الكلينيك تبعي، ما قدرت أطور فيها شي لأنه بتكل كتير، فأنا اللي بدي أدفعه لأ بفضل إنه أوفره للمرضى وأساعد مرضى أكتر فيهن».
ومع ذلك، تبقى مخاوفها مع الرسوم الباهظة للعلاج بالمستشفيات لمن يحتاجه من مرضاها بشدة.
وقالت «يعني المشكلة المستشفيات هلا لأنها كتير غالية، ما عم نقدر، يعني أنا مثلا بيجيني ولد معه شي وبظل أتابعه كل يوم كل يوم ما باخد مراجعة لحتى أوفر عليه دخلة مستشفى. بس فيه حالات ما فينا، ضروري، هون المشكلة الكبيرة لأنه كتير عم تكلف المستشفيات».