يقول الشاب المنحدر من جنوب لبنان بحزم “نشأنا على فكرة أن الطائفة هي الوطن، وأن الزعيم هو حامي العرض والكرامة. لكننا اكتشفنا، للأسف، أن كل ذلك لم يكن سوى فخّ محكم، أُريد لنا أن نقع فيه طواعية”.
غادر حسين وطنه قبل أكثر من سبع سنوات، هرباً من ضيق الأفق الاقتصادي وتراجع الحريات. لا ينكر انتماءه المذهبي، لكنه يرفض أن يختزل هذا الانتماء ضمن ثنائية حزبية تحتكر تمثيل الطائفة الشيعية.
ويضيف “كوني شيعيّاً لا يعني أنني مؤيد لحزب الله أو لحركة أمل. أرفض أن يتحوّل انتمائي إلى أداة سياسية في يد من صادروا قرارنا الجماعي وكمّموا أصواتنا باسم الطائفة”.
وبرغم غربته، يتمسّك حسين بحقّه في التأثير والمشاركة، مؤمناً أن لصوته الانتخابي وقعاً كبيراً، ربما يفوق تأثير الحملات الإلكترونية. يقول بثقة “صوتي من الخارج يزعجهم أكثر من ألف منشور على وسائل التواصل، لأنه ينسف صورة الطائفة الواحدة الموحدة تحت راية واحدة. لذلك يسعون بكل وسيلة إلى تقييد اقتراعنا، أو حصره بستة مقاعد رمزية، وكأننا مواطنون من درجة ثانية”.
يذكر أنه منذ إقرار القانون الانتخابي رقم 44 عام 2017، بقي حق اللبنانيين في الاغتراب موضع تجاذب سياسي، لا سيما من قبل القوى التقليدية وفي مقدمتها “الثنائي الشيعي”.
ويخصّص القانون، في مادته 112، ستة مقاعد نيابية لغير المقيمين، توزّع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، موزّعين كالتالي: ماروني-ارثوذكسي-كاثوليكي-سني-شيعي-درزي، وبالتساوي بين القارات الست. وجاء في المادة 118، يجري الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يوماً على الأكثر من الموعد المعين للانتخابات في لبنان.
ورغم السماح للمغتربين بالاقتراع للمرة الأولى عام 2018، إلا أن القانون تضمّن بنداً يقضي بتخصيص ستة مقاعد لهم في انتخابات 2022، تُضاف إلى أعضاء المجلس ليصبح العدد 134 نائباً. وفي انتخابات 2026، يُعاد دمج هذه المقاعد ضمن الـ128 نائباً، ما أثار جدلاً واسعاً.
ومؤخراً، وقّع أكثر من 60 نائباً على عريضة تطالب بتعديل القانون، لإلغاء هذه المقاعد الرمزية، والسماح للمغتربين بالاقتراع كما في دوائر قيدهم الأصلية داخل لبنان، بما يمنحهم حقاً متساوياً مع المقيمين في صناعة التغيير السياسي.
أبعد من اقتراع
موقف مشابه لما قاله حسين، تعبر عنه هنادي، الشابة اللبنانية المغتربة في الإمارات، القادمة هي الأخرى من بيئة شيعية، والتي تقول لا يكفي السماح لنا بالمشاركة في الانتخابات عبر ستة مقاعد مخصصة للمغتربين. هذا تمييز مرفوض”، مؤكدة ضرورة أن يتمتع اللبنانيون في الخارج بكامل الحق في انتخاب جميع أعضاء البرلمان الـ128.
“من غير المقبول أن يصادر صوتنا ويحصر في عدد من المقاعد. نحن أبناء هذا الوطن، ودفعنا أثماناً باهظة من الاغتراب والشتات، ويجب أن نكون شركاء حقيقيين في القرار السياسي، لا شهود زور على منظومة تتقاسم الحصص”.
هنادي لا تخفي موقفها الحاد من “الثنائي الشيعي”، وتحديداً من حزب الله الذي ترى أنه لم يعد يعبّر عن تطلعات شريحة واسعة من أبناء الطائفة، لا سيما في صفوف المغتربين.
“هناك تململ واضح في البيئة، حتى لو كان مكبوتاً في الداخل. الناس تعبت من الخطاب العسكري ومن منطق السلاح”، تقول، قبل أن تضيف بغضب “سلاح حزب الله لم يجلب للبنان سوى العزلة والدمار. البلد انهار اقتصادياً وسياسياً، وهو لا يزال يلوّح بالسلاح ويرفض تسليمه، وكأن لبنان كله رهينة قراره”.
بالنسبة إلى هنادي، الاقتراع في الانتخابات المقبلة هو شكل آخر من أشكال المقاومة “ضد السلاح أولاً، وضد القمع والفساد وتغييب الإرادة الشعبية”. وتصرّ على أن يتاح للمغتربين حق الاقتراع الكامل بحرية وشفافية، مشددة “نريد أن نصوّت ضد احتكار التمثيل، وضد المتاجرة بالخوف. لبنان يستحق بداية جديدة، ونحن جزء منها”.
وشهدت جلسة مجلس النواب اللبناني يوم الاثنين اعتراضاً من نواب الكتائب والقوات وعدد من التغييريين، على عدم إدراج رئيس المجلس نبيه برّي مشروع قانون انتخاب المغتربين على جدول الأعمال من أجل تعديله لضمان تصويت المغتربين لنواب المجلس الـ128، فيما بقي نصاب الجلسة قائماً.
وأشار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل إلى أن محاولة إلغاء تصويت الاغتراب ليس الهدف منها المساواة بين اللبنانيين كما يشيّعون بل الغاء الصوت الشيعي في الاغتراب الذي قد يكون له تأثير كبير في الانتخابات النيابية المقبلة ويساهم بكسر أحادية التمثيل ويخلق تعددية داخل الشارع الشيعي كما هو حاصل في بقية الطوائف.
وأضاف الجميّل “يتبيّن أكثر وأكثر أن هناك خوفاً من تأثير أصوات المغتربين الشيعة لأنهم سيصوّتون لصالح بناء الدولة في لبنان، وكل الشعارات التي يرفعها الفريق الآخر هي للتمويه وهذا ما يزيدنا اصراراً على تصويت المغتربين للنواب الـ 128 وفي كل الدوائر، كي يساهموا بتحرير البلد وتطويره ونقله إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة سلام وانفتاح وازدهار وإصلاح وتطور.”
تبدل المزاج الشيعي
يشكل الخوف من توجهات تصويت المغتربين أحد أبرز العوائق أمام تعديل قانون الانتخاب بما يضمن المساواة الكاملة بين المقيمين والمغتربين في عملية الاقتراع، بحسب ما يؤكد رئيس تحرير موقع جنوبية، الصحفي علي الأمين.
ويضيف “هذا ما أثبتته نتائج انتخابات 2022، حيث صبّت أكثرية أصوات المغتربين لصالح المعارضة، وخصوم الثنائي على وجه التحديد”.
ويرى الأمين في حديث لموقع “الحرة” أن التطورات المتسارعة، منذ اندلاع حرب “الإسناد” وما تلاها من تراجع في قوة وصورة حزب الله، وما خلفته من دمار واسع في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، بالإضافة إلى المخاطر المستمرة لتجدد الحرب مع إسرائيل، ساهمت في تبدّل المزاج العام داخل البيئة الشيعية.
ويضيف “هناك تحوّل واضح باتجاه العودة إلى الدولة، وتراجع في الخطاب التعبوي القائم على التصعيد والمواجهة، خصوصاً بعد الهزيمة التي مُني بها حزب الله، والتي فاجأت خصومه قبل مؤيديه، كل ذلك وغيره يرجح أن الخروج عن سيطرة الثنائية الشيعية وسطوتها بات يتنامى في اضطراد في لبنان وخارجه، وخاصة لدى المغتربين الذين باتوا يلمسون عبء قوة الثنائي التي كانوا في السابق يعتقدون أنها قوة لا تهتز وباقية ومستمرة”.
أما الباحث في تطوير القوانين والأنظمة الانتخابية، عاصم شيا، فيصف القانون الانتخابي الحالي بأنه “لا يستند إلى منطق دستوري أو سياسي سليم”، موضحاً أن بند تخصيص ستة مقاعد للمغتربين لم يكن هدفه تنظيم اقتراع الخارج، بل استكشاف ميولهم السياسية، ومعرفة مدى ولائهم للمنظومة القائمة.
ويتابع شيا في حديث لموقع “الحرة” “حين تبيّن أن شريحة واسعة من المغتربين صوّتت لصالح مرشحين تغييريين، بدأ الثنائي الشيعي بالدفع نحو تطبيق بند الستة مقاعد، كوسيلة لتقليص حجم تأثيرهم الانتخابي، ومنعهم من إحداث خرق في توازنات المجلس النيابي”.
ويشير إلى أن نتائج انتخابات 2022 كانت بمثابة “صدمة سياسية” للثنائي الشيعي، خصوصاً في دائرة الجنوب الثالثة، حيث ساهمت أصوات المغتربين في إيصال نائبين تغييريين. هذه النتيجة، كما يقول، أربكت حسابات الثنائي، ودفعه إلى محاولة إعادة ضبط قواعد اللعبة الانتخابية بما يحمي نفوذه.
ويحرص الثنائي الشيعي على الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية، لضمان قدرته على التأثير في القوانين المفصلية، خصوصاً في ظل الحديث المتزايد في المنطقة عن اتفاقات سلام مع إسرائيل قد تشمل لبنان. لذلك، يسعى الحزب إلى أن يكون قانون الانتخابات متناسباً مع مصالحه السياسية.
صدمة عميقة
يستعيد حسين، مشاهد الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، ويعلّق بمرارة “قيل لنا إننا انتصرنا. لكن أين هو هذا الانتصار؟ بلدات الشريط الحدودي سوّيت بالأرض، الناس هجّروا، والفقر تمدد. أي نصر يبنى على هذا الركام؟”.
بالنسبة إليه، الحرب الأخيرة لم تخلّف سوى الخسارة، كما كشفت عن تصدّع متزايد في المزاج الشعبي داخل الطائفة الشيعية، لا سيما بين جيل الشباب، ويقول “الكرامة لا تبنى على صواريخ، بل على مستشفى، ومدرسة، وحرية تعبير”.
أما هنادي، فتعبّر عن أمنيتها ببساطة مؤلمة “أريد أن أعيش بسلام، من دون سلاح سوى سلاح الدولة اللبنانية. لا أريد أن أخاف من المجهول، ولا أن أبقى عالقة في المنفى هرباً من واقع لم أختره”.
تحلم هنادي بالعودة إلى وطنها، وتأسيس حياة مستقرة على أرضه، وتقول “نحن لا نريد أكثر من دولة تحمينا، لا ميليشيا تدّعي الحماية وهي ترهن مستقبلنا. نريد دولة تحترم الإنسان، لا أحزاب تضعه في خانة الطائفة أو السلاح أو الانقسام”.
لم تضعف الحرب الأخيرة، البنية المادية للمناطق التي يهيمن عليها حزب الله فقط، بل زعزعت أيضاً بحسب الأمين “ما تبقى من صورة “القوة الرادعة” التي طالما رُوّج لها.
ويقول الأمين “ثمة صدمة عميقة، مشوبة بشيء من الإنكار، تسبق وعي الحقيقة المرة حول ما آل إليه حال حزب الله، وحتى إيران، بعد أن تهاوت شعاراتهما أمام التحدي الإسرائيلي الأخير والمستمر”.
ويتابع “ما كان الحزب يدّعيه من قدرة على مواجهة إسرائيل سقط بعدما أطلقت الأخيرة يدها على امتداد الأراضي اللبنانية، عبر سلسلة اغتيالات واستهدافات لمواقع حزب الله، من دون أي قدرة للحزب على الرد، او فرض وقف لهذه الاستهدافات، وذلك في ظل تصاعد المخاوف من حرب جديدة، ووسط ازدياد المخاوف من مواجهات داخلية نتيجة الانقسام حول قضية السلاح ومشروعيته”.
رسائل ردع؟
رفضت رنا، الشابة اللبنانية الثلاثينية، أن تحشر في خانة “الثنائي الشيعي”، فقررت شطب مذهبها عن بطاقة الهوية، تقول من مقرّ إقامتها في إحدى دول الخليج “كنت أُرفض في مقابلات العمل منذ اللحظة التي يدركون فيها أنني شيعية. لم تُقل لي صراحة، لكن الرسائل كانت واضحة”.
منذ سنوات، قررت رنا ألا تعرّف عن نفسها من خلال انتمائها المذهبي، وطلبت رسمياً إزالة المذهب من سجلها الشخصي، “لم أعد أريد أن يحاصرني انتماء طائفي لم أختره، ولا أؤمن بأن عليه أن يحدد مصيري المهني أو الشخصي. في بلد مثل لبنان، المذهب يلاحقك حتى خارج الحدود”، تقول.
رنا لا تخفي خيبتها من كامل الطبقة السياسية، بما فيها قوى “التغيير” التي برزت في السنوات الأخيرة “كلهم يتكلمون بلغة الشعب، لكن في النهاية يعملون لحساباتهم ومصالحهم. لا أحد يمثلني”.
تحتفظ رنا أيضاً بمرارة شخصية مضاعفة تجاه حزب الله، فخلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، دمّر منزل والدتها في الجنوب بالكامل، تقول “طلبت من والدتي ألا تتقدم بطلب تعويض. لا أريد شيئاً من حزب كان السبب في دمار بيئته وأهله. حزب يتمسك بسلاح لم يأتِ سوى بالخراب، ويضيق الخناق على بيئته، ويمنعها حتى من الاعتراض”.
وعن أبرز المعوقات التي تواجه المعارضين داخل الطائفة الشيعية، يرى الأمين أنها تتمثل في غياب الدولة وهيبتها، مقابل سيطرة شبه مطلقة للثنائي الشيعي على مفاصل النفوذ.
ويقول “الثنائي لا يزال يتحكم في الاجتماع الشيعي وفي مناطق نفوذه، في الأجهزة الأمنية والعسكرية، بل وحتى القضائية، وعندما يرى المواطن الشيعي على الشاشات أحد عناصر حزب الله يصفع جندياً من قوات اليونيفيل من دون أن يحاسب، فماذا يمكن أن يستنتج؟ النتيجة واضحة: الدولة لاتزال ضعيفة وعاجزة عن حماية مواطنيها أمام سطوة الحزب “.
ويضيف “الأمثلة كثيرة. حزب الله يحرص على إظهار نفسه فوق الدولة أمام كل من يفكر بالخروج على سلطته داخل الطائفة الشيعية”.
منبع المخاوف
يرى حسين، أن الخوف الأساسي لدى الثنائي الشيعي لا يكمن فقط في تصويت المغتربين، بل في “الفكرة نفسها: أن هناك شيعة لبنانيين خرجوا من تحت العباءة، ولم يعودوا خائفين”.
ويضيف “جزء كبير من مغتربي الطائفة هم من المعارضين، لأنهم عانوا في لبنان من القمع والخيبات المتكررة. خروجهم من بيئة الضغط سمح لهم بالتعبير بحرية، وهم اليوم من أكثر الفئات استعداداً للتصويت لصالح التغيير. هذا ما يزعج القوى التي اعتادت على صناديق اقتراع مضبوطة”.
من جهته، يعتبر شيّا أن منبع الخوف لا يتعلق بعدد النواب الذين يحق للمغتربين انتخابهم فقط، بل بمكان التصويت كذلك، ويقول “الثنائي الشيعي يفتقد في الخارج إلى أدوات السيطرة والتنظيم العلني لحملاته، بسبب القيود القانونية والعقوبات المفروضة عليه في كثير من الدول”، مشيراً إلى أن “نسبة مهمة من المغتربين التغييريين هم من أبناء الطائفة الشيعية وهم اليوم يصوّتون بحرية تامة بعيداً عن الضغوط المناطقية، ما يقلق الأحزاب التي اعتادت على ضبط نتائج الانتخابات مسبقاً”.
ويكشف شيا أن هذا القلق دفع “الثنائي” إلى الدفع نحو تقليص هامش الحرية الانتخابية، من خلال محاولة إلغاء اقتراع المغتربين في بلدان إقامتهم، وإجبارهم على العودة إلى لبنان للاقتراع على نفقتهم الخاصة، ما يؤدي عملياً إلى تقليص نسبة المشاركة واستبعاد الفئات الأضعف مالياً.
ويشير شيا إلى أن سلوك الثنائي ظهر بوضوح في الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث قامت محافظة الجنوب بتمديد مهلة الانسحاب من المعركة الانتخابية حتى “الساعة صفر” من يوم الاقتراع، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى تفادي المواجهات وإخفاء التراجع الشعبي على الأرض.
“ما رافق هذه الانتخابات من ضغوط وترهيب وتزكيات مفروضة يعكس ذعراً سياسياً من اختبار الصناديق. بعض البلديات المحسوبة على الثنائي شهدت انقسامات حادة بين أعضائها حتى بعد الفوز، ما كشف تصدّعاً داخلياً غير مسبوق”، يضيف.
ويحذّر شيا من أن التضييق على اقتراع المغتربين يسير بالتوازي مع حملة لضرب مشروع “الميغاسنتر”، لأن تمكين اللبنانيين من التصويت خارج مناطق قيدهم الجغرافي يُضعف قدرة الأحزاب على التجييش الطائفي والتحكم بنتائج الانتخابات.
ويخلص إلى أن تراجع شعبية السلطة التقليدية ومن ضمنها الثنائي الشيعي بات موثقاً بالأرقام، حيث انخفضت نسبة التصويت للأحزاب التقليدية من 39% عام 2018 إلى 29% في انتخابات 2022، رغم ثبات نسبة المشاركة العامة. هذا التراجع، برأيه، يكشف أزمة بنيوية داخل المنظومة، ظهرت بشكل واضح في الانتخابات البلدية الأخيرة، في الجنوب، على وجه الخصوص، برزت مفارقة لافتة، حيث تم تمديد مهلة الانسحاب حتى الساعة الأخيرة من يوم الانتخابات، خلافاً لما جرى في باقي المحافظات لضمان فوز أكبر عدد من مرشحي الثنائي بالتذكية، ورغم ذلك انفجرت الخلافات العلنية حول رئاسة البلديات بعد إعلان النتائج.
ويخلص شيا إلى أن معظم الأحزاب لا ترى مصلحة لها في أصوات المغتربين، وتسعى بالتالي إلى عرقلة هذا المسار. ويرى أن المعركة الأخيرة في مجلس النواب لم تكن سوى محاولة لتشويش الرأي العام، “إذ يسعى كل طرف إلى الإيحاء بأنه يعمل من أجل مصلحة اللبنانيين”. ويحذّر من أن الأمور قد تنتهي إلى طريق مسدود، “فلا يتفق النواب لا على تخصيص ستة مقاعد للمغتربين، ولا على منحهم حق التصويت لجميع أعضاء البرلمان الـ128. وفي هذه الحالة، كما قال نائب حزب الله، علي فياض، بأنه من يريد التصويت يمكنه المجيء إلى لبنان”.
أما الأمين، فيؤكد أن تأثير المغتربين على تمثيل حزب الله وحركة أمل سيكون ملموساً، وإن لم يكن “نوعياً”، ويشدّد على أن “القضية الأهم تكمن في هيبة الدولة، إذ لا بد أن تظهر المؤسسات، خصوصاً الأمنية والعسكرية، أنها ليست رهن إرادة الثنائي في المناطق الشيعية. يجب أن تثبت أنها قادرة على تطبيق القانون من دون انحياز، وأن تحمي المواطنين حتى عندما يكون المعتدي من حزب الله أو حركة أمل”.
ما يقوله حسين وهنادي ورنا وغيرهم من المغتربين الشيعة لا يعدّ مجرد رأي فردي، بل يعكس مزاجاً متنامياً داخل الطائفة الشيعية، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة التي جرّ حزب الله اللبنانيين إليها، واستمرار تمسكه بالسلاح، ما يعرّض البلاد لخطر الانزلاق نحو مواجهة جديدة.
ويختم حسين مشدداً “لسنا أعداء الطائفة، بل نحن أبناؤها الذين تعبوا من استخدامهم كوقود في حروب لا تعنيهم. نريد لبناناً جديداً، لا يتحكّم به السلاح، ولا تختصر فيه الطوائف بأحزاب”.