يشهد لبنان واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في تاريخه الحديث، إذ تتفاقم التوترات مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”، ما يزيد من الضغوط على اقتصاد يعاني من انهيار طويل الأمد.
في ظل حالة القلق والترقب، تبذل الحكومة والمؤسسات الأهلية جهوداً كبيرة للتخفيف من آثار الأزمة التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
ومع توسع النزاع، شهدت الأسواق اللبنانية ارتفاعاً كبيراً في الطلب على السلع الغذائية والوقود، وزادت حركة النزوح من الجنوب إلى بيروت والشمال، ما أدى لتحويل بعض المؤسسات الحكومية إلى مراكز إيواء للنازحين.
وفي هذا السياق، أطلقت مؤسسات أهلية نداءات لاستضافة النازحين، فيما أشار الأب يوسف نصر، منسق رابطة المؤسسات التربوية، إلى احتمال توقف الدراسة في بعض المناطق مع تحويل المدارس إلى مراكز إيواء.
وتسعى الحكومة اللبنانية إلى طمأنة المواطنين بشأن توفر المواد الأساسية، وسط ارتفاع أسعار المحروقات وتزايد الإقبال على تخزين السلع، في ظل مواجهة البلاد تحديات متعددة تتطلب استجابة سريعة لاحتواء الأضرار الاقتصادية والاجتماعية.
مخزون القمح والسلع
طمأنت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية المواطنين بأن مخزون القمح المتوفر في السوق المحلي يكفي لشهرين على الأقل، داعية الجميع إلى تجنب التهافت على شراء الخبز أو الطحين بكميات كبيرة، مؤكدة أن شحنات إضافية ستصل قريباً، مما يضمن استقرار السوق ويحول دون انقطاع المواد الأساسية، كما أن المواد الغذائية متوفرة بكميات كافية، ودعت المواطنين إلى عدم الهلع.
وفي السياق نفسه، أكدت نقابتا أصحاب السوبر ماركت ومستوردي المواد الغذائية أن المخزون يكفي لفترة تتراوح بين 3 و4 أشهر.
دعوة للترشيد
في ظل تصاعد التوترات، دعا وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، المواطنين إلى ترشيد تخزين السلع الغذائية والحيوية، مؤكدًا على ضرورة عدم تخزين السلع لمدة تتجاوز الشهر لتفادي حرمان باقي المواطنين من احتياجاتهم الأساسية.
وأضاف سلام، أن التخزين المنطقي يعد ضرورة في الظروف الحالية، مطالبًا المواطنين بالتصرف بمسؤولية لتفادي تفاقم الأزمة.
أسعار المحروقات
في ظل الأوضاع الراهنة، ارتفعت أسعار المحروقات بشكل ملحوظ. إذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بمقدار 27 ألف ليرة لتصبح 677 ألف ليرة، والمازوت ارتفع بمقدار 34 ألف ليرة ليصل إلى 810 آلاف ليرة، كما زاد سعر الغاز 11 ألف ليرة ليصبح 397 ألف ليرة.
التأثيرات الاقتصادية للأزمة
يشهد لبنان منذ سنوات أزمة اقتصادية حادة، وقد أصبحت الهجمات الإسرائيلية عاملاً إضافياً يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية. وأوضحت أستاذة الاقتصاد النقدي، الدكتورة ليال منصور، أن تأثير الحرب على لبنان يختلف عن الدول ذات الأسواق المالية القوية مثل الولايات المتحدة وألمانيا، حيث لا يملك لبنان سوقاً مالياً مماثلاً، مما يقلل من تأثير الحرب على الأسهم.
وأشارت منصور إلى أن لبنان يعاني من أزمات متعددة، أبرزها الركود الاقتصادي، حيث ستؤدي أي زيادة في الإنفاق الحكومي إلى طباعة الأموال، ما قد يفاقم التضخم ويضعف العملة اللبنانية، مضيفة أن الحرب قد تؤدي إلى صعوبة استيراد السلع الأساسية، خاصة في ظل اعتماد البلاد الكبير على الواردات، ما سيشكل ضغطاً كبيراً على الاقتصاد.
في ظل تصاعد الهجمات، تعاني البنية التحتية اللبنانية من أضرار بالغة، وقد تم تعليق الرحلات الجوية في مطار بيروت الدولي بعد أن أعلنت عدة شركات طيران عن تعليق رحلاتها. يزيد هذا الإجراء من الضغط على الحكومة لتلبية احتياجات المواطنين الذين يعتمدون على الموانئ والمطارات لاستيراد السلع الأساسية.