صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

أزمة بلا وسيط ولا حكم… الجانب الفرنسي طرفا

بقلم : رفيق خوري - رئاسة الجمهورية في لبنان قصة معقدة يحتاج حلها دائماً إلى ميزان قوة في الداخل وتوازن قوى ومصالح في الخارج، وهذا ليس وضعاً سياسياً صحياً ولا ديمقراطياً، بل وضع خطر وغير طبيعي. الرئاسة صارت مشكلة دورية في جمهورية بلا جمهور ونظام أزمة دائمة، كل انتخاب رئيس يسبقه منذ عام 2005 شغور رئاسي يدوم أشهراً، وكلما انتهت ولاية رئيس تقع الجمهورية في شغور طويل. والانطباع السائد هو أن قوى التعطيل تريد من اللبنانيين التكيف مع الشغور الرئاسي، بحيث تبدو إدارة الشأن العام ممكنة من دون رئيس جمهورية، حتى بحكومة تصريف أعمال تتولى كمجلس وزراء صلاحيات الرئيس، حكومة عاطلة، وبرلمان معطل.

أيام الوصاية السورية كانت دمشق تختار المرشح وتضمن الموافقة الخارجية عليه، وتفرض الموافقة الداخلية على التصويت له في مجلس النواب، وتمدد ولايته نصف ولاية كما فعلت للرئيسين إلياس الهراوي وإميل لحود، مرة واحدة بعد رئاسة أمين الجميل تمكنت البطريركية المارونية والأحزاب المسيحية وقيادة الجيش من رفض الخيار الذي تفاهمت سوريا والولايات المتحدة عليه وطرحه الموفد الأميركي ريتشارد مورفي بالقول “مخايل ضاهر أو الفوضى”، فكانت الفوضى.

فرنسا الانتدابية كانت تعين الرئيس وينتخبه البرلمان، إسرائيل بعد الاجتياح اختارت رئيسين، والعادة منذ الاستقلال أن الرئيس اللبناني هو حصيلة تفاهم ثنائي خارجي بريطاني – مصري، ثم أميركي – مصري، ثم أميركي – سوري، حتى الانتخابات التي كانت اللعبة الداخلية فيها كبيرة عام 1970، وجرى انتخاب الرئيس سليمان فرنجية بفارق صوت واحد، فإن الاتحاد السوفياتي لعب الدور المرجح فيها من خلال صديقه كمال جنبلاط الذي وزع بطلب من موسكو كتلته بين المرشحين فرنجية وإلياس سركيس، وكان دافع موسكو إسقاط المرشح الشهابي رداً على كشف “المكتب الثاني” بإدارة ضباط شهابيين محاولة سوفياتية لدفع أموال لضابط لبناني من أجل الهرب بطائرة “ميراج” إلى روسيا.

اليوم يبدو المأزق مكتملاً، لا قوة خارجية قادرة على الفرض، ولا قوة داخلية تستطيع انتخاب مرشحها، ولا أحد في الداخل والخارج يستطيع أن يلعب دور الحكم ولا دور الوسيط النزيه، أو ما تسميه واشنطن “السمسار الشريف”، الانقسام في الداخل عميق، ورئيس المجلس النيابي الذي يفرض عليه موقعه أن يكون الوسيط أو الحكم، اتخذ موقف الطرف، وفرنسا التي تلعب دور الوسيط صارت طرفاً بالإنحياز إلى خيار “الثنائي الشيعي”، وإيران التي يرتبط بها “حزب الله” طرف مؤثر، أما دول الاجتماع “الخماسي” التي تبحث في مسألة الرئاسة ليست في دور الحكم ولا الوسيط، هي عملياً أطراف، ولكل منها رأي وخيار.

وإذا كانت فرنسا هي الوحيدة التي تتحرك، أولاً من خلال “خلية الأزمة” في قصر الإليزيه التي انحازت إلى خيار “الثنائي الشيعي”، وثانياً عبر الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، فإنها صارت جزءاً من المشكلة، هي في مشكلة مع بكركي والقوى المسيحية الأساسية إذا استمرت في موقعها المنحاز، وفي مشكلة مع “الثنائي الشيعي” إذا تخلت عن دعم خياره، والمفارقة أن “محور المقاومة” الذي يحفل خطابه بالدعوة إلى التوقف عن الرهان على الخارج للعمل في الداخل، يمارس أقصى أنواع الرهان على الدور الفرنسي، كما على ما يتصوره في الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين، وعلى ما يتمناه من تفاهم أميركي – إيراني حول الملف النووي وتبادل السجناء ورفع العقوبات.

ولا شيء حتى إشعار آخر، سوى استمرار الشغور الرئاسي في جمهورية مأزومة، قوى الخارج لم تتفق على خيار واحد، والانسداد في الداخل كامل الأوصاف، بحيث لا مجال لفتح ثغرة في الجدار السميك، والانهيار الوطني السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي يكتمل فوق رؤوس اللبنانيين، شيء من مسرح العبث مثل مسرحية صموئيل بيكيت “الأيام السعيدة”، حيث يستمر البطلان في الحوار، والرمل يتراكم فوقهما حتى يطمرهما بالكامل، لكن لبنان لن يختفي.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأنها وسيلة إعلامية بأي شكل من الأشكال بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading