يعاني لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية من مجموعة من الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية، ومنها استمرار انقطاع الكهرباء عن معظم المناطق، ما يفاقم من مشكلاته في 2024، وخاصة مع طقس الشتاء البارد، وتأثيرها على قطاعات الصناعة، والزراعة، والمرافق العامة.
وكشفت مؤسسة كهرباء لبنان عن أنها تعمل في ظل ظروف تقنية صعبة، لإبقاء التغذية بالتيار الكهربائي على مدار الساعة قدر المستطاع للمرافق الحيوية الأساسية، حتى لا تصاب بالشلل الكامل. ويرى الخبير المالي والاقتصادي اللبناني الدكتور أنيس أبو ذياب أن أزمة انقطاع الكهرباء تعد واحدة من أهم أسباب انهيار الاقتصاد الوطني، بحسب مؤسسة «ألفاريز آند مارسال» التي تقوم بإجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي. وقال أبو ذياب في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه رغم ارتفاع الأسعار والتغطية المالية، ما زلنا نشهد انقطاع التيار بشكل عام، ومازالت الأسباب نفسها موجودة من غياب التمويل وسوء إدارة المال العام، ولا بوادر لحل الأزمة مع استمرار المعضلة السياسية. وأشار إلى أنه في العام 2002 صدر قانون تنظيم قطاع مؤسسة كهرباء لبنان، وينص على ضرورة أن يكون هناك هيئة ناظمة لهذا القطاع، ولكن حتى اليوم لم يطبق، وأخذت الجماهير على عاتقها حل المشكلة من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية، أو المولدات الخاصة. ومن جانبه، يرى الخبير الاقتصادي خالد أبو شقرة، أن مشكلة الكهرباء لها تأثير كبير ومرهق على الأفراد والمؤسسات، مشيرا إلى أن اللبنانيين يدفعون أعلى كلفة فاتورة كهرباء في العالم بمتوسط 30 سنتاً للكيلووات، وبالمقارنة مع عدم تأمين التيار لأكثر من ساعتين إلى أربع ساعات في اليوم بمختلف المناطق. وأوضح أبو شقرة في تصريحات لـ«الاتحاد» أن لبنان يحتسب فاتورة دولار الكهرباء على أساس سعر صرف السوق بالإضافة إلى 20% زيادة، وهي نسبة التحوط التي يأخذها مصرف لبنان لفرق الأسعار، لافتا إلى أنه مع إلغاء تحرير سعر الصرف كلياً؛ يجب إلغاء نسبة الزيادة.
وذكر أنه خلال السنوات الماضية تم طرح العديد من الحلول التي لم تنفذ، بسبب وجود مصالح لدى البعض في بقاء مشكلة الكهرباء، والتي تعد الحديقة الخلفية للفريق السياسي الذي استلم هذه الحقيبة منذ العام 2009.
خسائر
يذكر أن إنتاج لبنان للكهرباء من الطاقة الشمسية قد بلغ منذ بداية العام 2023 حوالي 1000 ميجاوات، ويمثل ثلث الاحتياجات، وهو رقم كبير جداً ولكن لا يعول عليه ويبقى غير كاف في ظل الوضع البائس للكهرباء، وهناك أيضاً خسارة تقدر بملايين الدولارات من المولدات سنوياً وما تسببه من إتلاف للصحة والبيئة، حيث اضطر الكثير من العائلات المنتمية للطبقة المتوسطة والعاملة إلى إنفاق معظم دخلها الشهري على مولدات كهرباء خاصة.