“أخضر بلا حدود”، جمعية غير حكومية، تهدف ظاهريا بحسب ما أوردت في موقعها الرسمي غير المحدث منذ عام 2015، إلى “حماية الثروة الحرجية من التعديات ومن الحرائق والمساهمة في إطفائها، وإنشاء المشاتل لإنتاج الغراس الحرجية، وتشجير المساحات الجرداء وجوانب الطرقات وتشحيل وتنظيف الأحراج، وإنشاء معهد يهتم بالتعليم والتثقيف البيئي والزراعي”.
لكن في الحقيقة “تعمل الجمعية كغطاء لأنشطة حزب الله في جنوب لبنان على طول الخط الأزرق ” بحسب وزارة الخزانة الأميركية، التي أكدت في تقرير عبر موقعها، أن الجمعية “تمتلك أكثر من 12 موقعا يديرها عناصر حزب الله، وهي تشكل غطاء لمخازن الحزب تحت الأرض وأنفاق تخزين الذخيرة. وقد أعاقت هذه المنشآت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان من تنفيذ تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار 1701 ومنعت الإشراف على هذه المواقع”.
ويجري عناصر حزب الله كما ورد في التقرير “تدريبات على الأسلحة في ميادين الرماية، ويقومون بتسيير دوريات في المنطقة المحيطة، ويحافظون على وحدات سكنية في حاويات على بعد 25 متراً من الخط الأزرق” إضافة إلى ذلك “تستخدم الجمعية مواردها المالية لدعم نشاطات الحزب، وتشارك في ذراع البناء للحزب، وهو جهاد البناء، الذي فرضت عليه عقوبات في العام 2007”.
وشهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية، طوال الأشهر الماضية، تحركات استفزازية من قبل حزب الله، منها إقامة أبراج مراقبة على في منطقة عمل قوات الطوارئ، ونصب خيمة أدت وما تزال إلى توترات بين الطرفين.
تورط دموي؟!
رغم إعلان تأسيس الجمعية في العام 2013، إلا أن نشاطها يعود إلى العام 2006 بحسب الصحفي، علي الأمين، وقد “تزامن مع صدور القرار 1701، الذي يحظر أي تواجد لعناصر مسلحة سوى الجيش اللبناني جنوبي نهر الليطاني، فسهلت الجمعية للحزب التحرك بغطاء مدني في المنطقة الحدودية “.
تحت غطاء الجمعية المدني تجري كما يقول الأمين لموقع “الحرة” أمور عسكرية لافتاً إلى الإشكالات التي وقعت أخيراً في بلدة رميش بين عناصر من الجمعية وأهالي البلدة الرافضين للتعديات على ممتلكاتهم وإنشاء مراكز أمنيّة ذات طابع بيئي.
وقد ذكر المفوض السابق لدى المحكمة العسكرية، القاضي بيتر جرمانوس، في تغريدة عبر صفحته على موقع “إكس”، أن “المعروف عن الجمعية تعرضها للقرى المسيحية الحدودية في رميش وعين إبل” معتبراً أن توقيت هذه العقوبات “يأتي على أثر اغتيال مسؤول القوات اللبنانية في جنوب لبنان الياس الحصروني”.
وكانت انتشرت فرضية اغتيال الحصروني بسبب خلافه مع جمعية “أخضر بلا حدود” على خلفية استحواذ الأخيرة على أراض في بلدة رميش المتاخمة لبلدة عين إبل.
يدخل الإجراء الأميركي المتخذ ضد الجمعية ورئيسها، بحسب بيان صادر عن الخارجية الأميركية في إطار الجهود الرامية إلى “منع وتعطيل الدعم المالي وأشكال الدعم الأخرى للهجمات الإرهابية في لبنان وإسرائيل وحول العالم، والولايات المتحدة ملتزمة بمنع وصول التمويل والموارد لشبكات دعم الإرهاب المماثلة وستواصل التصدي للتهديدات التي تشكلها على الصعيدين المحلي والدولي”.
تطور لافت
ما يلفت النظر في الفترة الأخيرة، وتطرق له مسؤول في اليونيفيل خلال لقاء جمعه مع الأمين أن “حزب الله انتقل من معادلة التخفي من باب مراعاة عناصر اليونيفيل إلى الظهور العلني المسلح وإقامة مراكز للتدريب والرماية ضاربا بعرض الحائط القرار 1701، ووصل الأمر إلى نصب خيمة استفزازية في العرقوب في نقطة غير مسموح بالتواجد الأمني والعسكري فيها سوى للجيش اللبناني”.
والأربعاء، التقى ممثلون عن الجيشين الإسرائيلي واللبناني وقائد قوات حفظ السلام الدولية “اليونيفيل” اللواء أرولدو لازارو، في مقر الأمم المتحدة في الناقورة، وأفاد بيان بأن لازارو، أعرب خلال الاجتماع عن “قلقه إزاء سلسلة الحوادث التي وقعت على طول الخط الأزرق في الأشهر الأخيرة والتي أدت إلى زيادة التوتر”، وأنه “الأطراف المعنية على مواصلة الاستفادة من آليات الاتصال والتنسيق لليونيفيل مع تجنب الإجراءات أحادية الجانب”.
وسبق أن وجّهت إسرائيل عدة اتهامات للجمعية تمحورت حول ارتباطاتها بحزب الله، منها أنها سمحت للحزب في العام 2019، بإطلاق صواريخ كورنيت من محيط مركز تابع لها ضد الجيش الإسرائيلي في عملية أفيفيم.
وأكد “معهد واشنطن” ما أعلنته إسرائيل، محدداً في تقرير ثمانية مواقع تابعة للجمعية يحتوي بعضها على أبراج وبنية تحتية، تتوزع في شرق بلدة يارون، وفي شرق علما الشعب، جنوب الضهيرة، جنوب رميش، غرب يارون، شرق الحولة، جنوب كفر كلا، وشرق المطلة.
وفي أغسطس 2020 أكدت قيادة الجيش اللبناني استهداف مروحيات تابعة للجيش الإسرائيلي مراكز تابعة للجمعية داخل الأراضي اللبنانية.
الحقيقة.. تحت المجهر
ارتباط جمعية أخضر بلا حدود بحزب الله، هو تأكيد إضافي كما يقول الباحث السياسي، الدكتور مكرم رباح بأن “الحزب لا يتعاطى أي نوع من النشاط المدني وبأن كل نشاطاته متعلقة بحركته الأمنية والعسكرية، وهذه الجمعية بالتحديد معروفة من قبل جميع اللبنانيين والمجتمع الدولي بأنها غطاء بيئي للحزب في جنوب لبنان، حيث يستخدم حزب الله المجتمع المدني والأهالي لمحاولة السيطرة والتعدي على أملاك الجنوبيين لاسيما في بعض البلدات المسيحية المحاذية للحدود”.
وضع تلك الجمعية تحت المجهر بشكل عام وفرض عقوبات أميركية عليها، يؤكد كما يقول رباح لموقع “الحرة” أن “هجوم الحزب على المجتمع المدني والجمعيات الأهلية هو محاولة للتخويف والحصول على الأموال، بالإضافة إلى ذلك يمارس الحزب نوعا من الزندقة السياسية، فهو يهاجم الغرب رغم أن العديد من بلدياته ومؤسساته التعليمية والصحية تحصل على التمويل إن كان من السفارة السويسرية أو من السفارة الفرنسية”.
وبموجب العقوبات على الجمعية، توضع جميع ممتلكاتها وممتلكات رئيسها والمصالح والكيانات المرتبطة بتلك الممتلكات، أو المملوكة بنسبة 50 بالمئة أو أكثر من قبلهم، بشكل فردي أو مع أشخاص محظورين آخرين، في الولايات المتحدة، تحت مراقبة وزارة الخزانة.
علاوة على ذلك، يمكن لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية بحسب ما أوردت وزارة الخزانة الأميركية “حظر أو فرض شروط صارمة على فتح أو الاحتفاظ في الولايات المتحدة بحساب مراسل أو حساب مستحق الدفع لمؤسسة مالية أجنبية أجرت أو سهلت عن قصد أي معاملة نيابة عن الأشخاص الذي طالتهم العقوبات”.
لكن تركيز حزب الله منذ سنتين على كسر القرار 1701 من خلال ظهوره العلني في المناطق الممنوعة عليه، أدى بحسب الأمين إلى “تراجع حاجته إلى هذه الجمعية، مما يعطي للعقوبات الأميركية عليها طابعا معنويا سياسيا”.