صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

أبواب مجلس نواب لبنان “موصدة” أمام انتخاب رئيس

بقلم : طوني بولس - منذ سنة لم يدعُ رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسات انتخابية جديدة، مشترطا حوارا وطنيا أولا، مما ترفضه المعارضة في وقت تمدد تعطل المؤسسات ليشمل كامل السلطة التنفيذية والتشريعية والإدارات الرسمية، إلا أن "براغماتية" الطبقة السياسية تجاوزت العقبات من خلال تفسيرات دستورية واجتهادات لتسيير الأمور بالوكالة.

بات مشهد تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان ظاهرة روتينية تتكرر عند كل عهد رئاسي، حيث فشل البرلمان اللبناني خلال 12 جلسة من انتخاب رئيس للبلاد خلفاً للرئيس السابق ميشال عون الذي انتهت ولايته في الـ31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، علماً أن عون انتخب رئيس للبلاد قبل ستة أعوام عقب فراغ رئاسي استمر لحوالي سنتنين ونصف.

 

ومنذ سنة توقف رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الدعوة إلى جلسات لانتخاب رئيس للبلاد، إذ فشلت الجلسة رقم 12 التي دعا إليها في الـ14 من يونيو (حزيران) 2022 في انتخاب رئيس وحصل مرشح تحالف المعارضة جهاد أزعور على 59 صوتاً مقابل 51 لمرشح تحالف “الثنائي الشيعي”، في حين فرط نصاب الدورة الثانية التي تؤهل من يحصل على 65 صوتاً للفوز بالرئاسة، بعد انسحاب نواب “حزب الله” وحركة “أمل” من الجلسة، خوفاً من سيناريو انضمام نواب “رماديين” إلى تحالف أزعور وفوزه بالأكثرية المطلقة.

ومنذ ذلك التاريخ وأبواب مجلس النواب موصدة أمام أي محاولة لانتخاب رئيس، فيما يشترط بري إجراء حوار وطني قبل الدعوة إلى عقد جلسات جديدة، وهو ما ترفضه المعارضة لأنه يشكل تجاوزاً للدستور وتكريس أعراف وقواعد من خارج النصوص.

سبعة حوارات

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وعلى رغم الجهود التي قام بها سفراء دول اللجنة “الخماسية” (أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) وكذلك الوساطات الداخلية، لا يزال “الثنائي الشيعي” متمسكاً بمرشحه، إلا أن مصادره تحمل المعارضة مسؤولية التعطيل لأنها ترفض “الحوار”، في حين تبرر عدم الدعوة إلى جلسات جديدة بأنها ستكون استنساخاً للجلسة 12.

في المقابل تقول المعارضة إنها ترفض تلبية الدعوة إلى طاولة الحوار لأنها فضلاً عن عدم دستوريتها هناك سبعة حوارات عقدت منذ 2005، وتحولت إلى “منصة” لتقديم التنازلات من جانب واحد مقابل تنصل “حزب الله” وفريقه من جميع الاتفاقات، فيعمد إلى التهرب من البنود التي لا تناسبه على رغم توقيعه عليها، وبرأي المعارضة فإن “الحوار” ممكن بعد انتخاب الرئيس الذي يفترض أن يترأس أي حوار.

وتعرب المصادر نفسها عن اعتقادها بأن بري سيستمر بتعطيل الجلسات ونصابها حتى يضمن وجود 65 نائباً ينتخبون مرشح “الثنائي”، مراهناً على سياسة القدم والإرهاق في الفريق الآخر.

دولة بـ “الوكالة”

وتكمن الأزمة في أن شغور موقع الرئاسة سبقته استقالة الحكومة دستورياً عقب الانتخابات النيابية التي جرت في الـ15 من مايو (أيار) 2022، ولم ينجح حينها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في تأليف حكومته، وبذلك بات الشغور الدستوري يشمل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لأنها باتت هيئة ناخبة وليس تشريعية، إضافة إلى تسلل الشغور إلى أكثر من 100 وظيفة من الفئتين الأولى والثانية في الإدارات الرسمية والمؤسسات القضائية والعسكرية.

إلا أن طبيعة الطبقة السياسية البراغماتية استطاعت تجاوز العقبات الدستورية من خلال اجتهادات وتفسيرات لبعض النصوص التي تعطي حق الانعقاد للحكومة المستقيلة ومجلس النواب تحت عناوين “الضرورة واستمرارية المرافق العامة”، في حين تم تجاوز عقبة تعيينات الموظفين الكبار من خلال مبدأ التعيين بـ”الوكالة”، حتى باتت معظم الإدارات الرسمية تُدار بالوكالة.   

الأعراف والمقايضة

وفي السياق ذاته، يرى رئيس مؤسسة “JUSTICIA” والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي بول مرقص أنه بسبب التوافق الضمني بين أكثرية الكتل السياسية الممثلة في البرلمان على مبادئ من خارج الدستور، بات استحقاق الرئاسة خارج المؤسسات ومن دون سقف زمني، فتم تعليق أحكام الدستور واستبدالها بالأعراف والمقايضة. 

وأشار مرقص إلى أن الاتفاق السياسي بين أكثرية التكتلات البرلمانية أدخل الاستحقاقات الدستورية في المصالح والمحاصصة، وهذا النمط من تجاوز الدستور استفحل بعد اتفاق الطائف، إذ كان تطبيق النصوص عائداً لقوة الأكثرية أكثر منه للقاعدة الحقوقية التي تحكم مفاصل الدستور، فأضحى هذا الربط واضحاً بين إجراء الانتخابات من جهة وتحقّق مصالح أكثرية القوى السياسية من جهة أخرى، وربطها بالأحداث الإقليمية لبتّ استحقاقات دستورية داخلية تبعاً لموازين القوى الإقليمية، وبذلك “جرى ربط الاستحقاقات الدستورية بمصالح القوى السياسية الداخلية من جهة وبالتوازنات الإقليمية من جهة أخرى”.

نسف الدستور

من ناحيته أكد متخصص القانون الدستوري سعيد مالك أنه فور انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون كان على رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاستمرار بدعوة المجلس النيابي إلى الانعقاد حتى انتخاب رئيس للبلاد، عملاً بأحكام المادة 74 من الدستور، لا سيما أن الدستور واضح لهذه الناحية حتى إن المادة 75 اعتبرت أن مجلس النواب هيئة ناخبة راهناً وليس هيئة تشريعية بانتظار انتخاب رئيس عتيد.  

ورأى أن “ربط ملف الانتخابات الرئاسية بأحداث غزة أو اشتراط استباقه بـ’حوار وطني‘، ينسف كل النصوص الدستورية ويرسخ سياسة انتهاك القوانين ودور المؤسسات، محملاً بري مسؤولية الفراغ الرئاسي لأنه لم يدعُ إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية وصولاً لانتخاب رئيس للدولة.

ولفت مالك إلى أن انتظار استحقاقات إقليمية ودولية للإفراج عن ملف الرئاسة يأخذ لبنان إلى الهاوية، مطالباً بالعمل بمبدأ المسؤولية الوطنية فيتوجه الفرقاء كافة إلى مجلس النواب ويقومون بواجب الانتخاب حسناً لسير عمل الدولة وتأميناً لحسن انتظامها.

سيناريوهات مؤذية 

في المقابل، يرى الصحافي والكاتب السياسي علي حمادة أن كل العواصم المعنية بالمسألة اللبنانية، إضافة إلى المرجعيات اللبنانية في الداخل تعي أنه لم يحِن “الأوان” لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهناك معلومات تشير إلى ترحيل الموضوع لما بعد انتهاء حرب غزة، وثمة وجهة نظر أخرى مصدرها بعض أوساط فريق “الممانعة” تقول إن انتخاب الرئيس يجب ترحيله إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة في 2026، بعد أن تتم محاولة انتخاب مجلس نيابي جديد مختلف عن المجلس الحالي بسبب انقسامه إلى ثلاث كتل كبيرة تمنع حسم الموضوع لمصلحة أي فريق.

ويضيف أن “ثمة من يروّج للصفقة الكبرى المثلثة الأضلع وهي الأميركية- السعودية- الإيرانية التي ستساعد على انتخاب رئيس وهذه صفقة مؤجلة في الوقت الحاضر، في الأقل إلى ما بعد انتهاء حرب غزة، وهناك من يتحدث عن احتمال أن يؤدي استمرار الوضع على ما هو عليه خلال العامين المقبلين إلى فتح ملف التمديد للمجلس النيابي لمدة عام”، معتبراً أننا أمام سيناريوهات كلها مؤذية للنظام اللبناني.

أما النائب غسان حاصباني، فقال إن “الفراغ الرئاسي” أوقف مسار التعافي من الأزمة والاستثمار والتطوير والنمو، وأنعش الاقتصاد غير الشرعي وتفشي “العملة” الأجنبية النقدية غير المدقق في مصدرها التي تتدفق عبر اقتصاد التهريب، مشدداً على أن حل المشكلات الاقتصادية يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يكون بعيداً من شبهات الفساد وقادراً على جمع اللبنانيين حول مشروع إصلاحي وباستطاعته التفاعل إيجاباً مع الدول الصديقة التي بإمكانها مساعدة لبنان.

وبرأيه أن “هناك من يعرقل الانتخابات الرئاسية لأن وضع الفوضى القائم يناسبه للتمدّد في السلطة وتوسيع أنشطته التمويلية الخارجة عن القانون”، وأنه لتجميل هذا التعطيل يتلطى بـ”الحوار” وأعذار أخرى مثل ربط الاستحقاق بأحداث المنطقة والعالم ضمناً.

ولفت إلى أنه يمكن تفسير ذلك بعدم رغبة الفريق المعطل في أن يقوم بتنازلات خلال هذه المرحلة بسبب ضعف موقفه في الحرب القائمة وفقدانه السيطرة على الوضع الميداني، ويفضّل التريث ربما إلى أن تتضح الصورة. وإذا سهّل الانتخابات اليوم، فيعني هذا أنه سيصل إلى انتخاب رئيس توافقي لا يضمن له كل ما يريد”.

بري: لا مخرج سوى الحوار 

رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أكد من جانبه في أخر تصريح إعلامي أنه سيتريث في الدعوة إلى جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، بانتظار تبلور الحراك الإقليمي والدولي الجاري حالياً. وعلق قائلا إن لبنان موجود على أجندة معظم اللقاءات،  داعياً الجميع للاستفادة من أجواء الحوار في الإقليم من أجل تحقيق “اختراقات داخلية تفيد لبنان واللبنانيين”.

وأضاف بري أن الأصوات التي نالها فرنجية رسالة واضحة، وأضاف “لقد نجا لبنان من محاولة افتعال أزمة، على خلفية التصويت الرئاسي، فهؤلاء كانوا واثقين من حصول أزعور على 67 صوتاً على الأقل، وكانوا يخططون لافتعال مشكل من خلال البقاء في قاعة المجلس… وعلى الجميع الاقتناع بأنه لا مخرج سوى الحوار”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading