ومما يزيد الأزمة المستجدة تعقيداً أن نواب الحاكم الأربعة يصرون على الإستقالة، والنائب الأول غير متحمس لتولي صلاحيات الحاكم المنتهية ولايته، كما تنص المادة ٢٤ من قانون النقد والتسليف، ولأن مرجعيته السياسية تتجنب تحمل تبعات الإنهيارات المتوقعة علي الصعيد النقدي، بسبب حالة الضياع والعجز المهيمنة على مواقع القرار في السلطة، التي تفتقد إلى رؤية واضحة لخطة المعالجات المالية والنقدية.
محاولات التمديد لسلامة سقطت في مستنقع الخلافات السياسية المستفحلة بين الأفرقاء المعنيين، حيث يرفض التيار العوني مجرد البحث في إقتراح التمديد، هذا الرفض الذي اتخذ بُعداً جدياً أقوى، بعد عودة التيار إلى حليفه اللدود حزب الله، الذي لا ينوي التفريط بالعلاقة من جديد بالتيار المسيحي القوي.
مقابل سقوط إمكانية التمديد، يصرُّ نواب الحاكم على الإستقالة، على أن يتم تكليفهم بتصريف الأعمال بقرار من الحكومة، وسط تساؤل أوساط دستورية ومالية عن مبررات إتخاذ مثل هذه الخطوة، طالما أن مهمة النائب الأول ورفاقه الآخرين، هي أساساً، في إطار تصريف الأعمال خلال شغور منصب الحاكم، وبالتالي فإن الإستقالة قد تزيد البلبلة في الأسواق المالية، ولا تُغيّر من واقع الأمر شيئاً.
على أن ما يهم اللبنانيين بعيداً عن هذه المناورات السياسية، هو أن يبقى الدولار على سعره الحالي على الأقل، طالما أن من الصعوبة بمكان إتخاذ التدابير القادرة على تخفيضه، وتحسين مستوى صرف الليرة، لأن الكلام عن إلغاء منصة صيرفة، ومعارضة نواب الحاكم لبعض تعاميم سلامة، أثار جملة من التكهنات غير المريحة، في مقدمتها إحتمال إرتفاع سعر الدولار إلى مستويات قياسية جديدة، قد تُقاس بمئات الآلاف من الليرات اللبنانية!
فهل نحن أمام موجة إنهيارات جديدة لليرة؟